القائمة الرئيسية

الصفحات

حل شهر الرحمة والغفران ومن أبرز معالمه الخير والبركة، ففيه تأسر الشياطين وتفتح أبواب السماء للتائبين، أوله رحمة وآخره عتق من النار. هناك من يستغل هذه الأيام المباركة في تلاوة القرآن والصلاة والابتهال إلى الله بالدعاء وذرف الدموع والندم على الزلات والخطايا، وهناك من يجده فرصة للسهر ولعب الكارطة وظاما ومشاهدة الافلام والمسلسلات.
يدخل رمضان وأنا اختم سنتي الرابعة خلف هذه الأسوار.
لا تختلف الأجواء كثيرا عن العالم الخارجي من حيث الطقوس والممارسات، إلا أن ما نفتقده هنا هو تلك الأجواء الرمضانية والتحليق على مائدة الإفطار صحبة العائلة وصلاة التراويح في المسجد وصلة الرحم بين الأقارب. يأتي في هذه السنة متزامنا مع ارتفاع شديد في درجة الحرارة، لا ملاذ نستجير به عن حرارة الصيف التي تزداد يوما بعد يوم، وتتضاعف حرارتها في الزنزانة، يصعب علينا الخروج إلى باحة السجن الكل يتجنب لفحة الشمس الحارقة. كل ما نقوم به لمقاومة هذا المناخ الحار: حذف الكثير من البطانيات والأغطية وتقليص المضجع، وتلفيف قنينات الماء بواسطة صفحات الجرائد من أجل تبريدها، وتبليل الاقمشة (الإزار) لنلتحف بها حتى تجف ونكرر العملية طوال يوم لا يعلم عناءه سوى الخالق، هذه الحكمة الإلاهية يعني أننا نبلى لكي نختبر.

صلاة العصر هي التي ندركها جماعة أثناء الفسحة، والبقية نصليها فرادى في الزنازن كالعادة. يأتي الحراس لتوزيع الماء والخبز والقهوة والحريرة، ثم ينصرفون إلى حدود الساعة العاشرة ليلا ليوزعوا الوجبة الثانية، هذا هو النظام الغذائي طيلة الشهر الأبرك. عند مشارف الإفطار تكثر الشجارات: فانقطاع السجناء عن التدخين يجعلهم في عراك دائم لأتفه الاسباب، وما إن ينتهي الإفطار حتى يتصاعد دخان السجائر الكثيف، ويسود الهرج والمرج إلى أوقات متأخرة من الليل.
أثناء السحور لا محيد لي عن البلغمان ولمريس ففيهما مناعة كافية لسد العطش والجوع طيلة 17 ساعة التي نمسك فيها عن الاكل والشرب. هذه أكثر التفاصيل حضورا فيما خلا من الأيام، صيام مقبول للجميع وكل رمضان وانتم اقرب إلى الرحمان.

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...