لا شك أن حركة بحجم حركة فتح سيكون فيها الكثير من الاجتهادات والتباينات في وجهات النظر ، ولعل هذا نتيجة عدة عوامل أهمها عدم تطبيق اللوائح الداخلية التي تنظم العمل التنظيمي بشكل فعال ، أو حالة الترهل الناتجة عن العدد الكبير في منتسبيها ، أو حالات الخلل الإداري والتنظيمي ، إضافة إلى وجود عدد كبير من القادة الذين اعتبروا الحركة مملكة شخصية وتمردوا على قراراتها في أكثر من حدث بدءاً من لبنان عام 1982م إبان الانشقاق المعروف في الثورة ، أو الخلافات التي حصلت في آخر سنوات قاد فيها الرئيس الشهيد أبو عمار الحركة وهو بما أصبح يعرف بالحرس القديم والحرس الجديد .
وبرغم كل ما أصاب الحركة على مدار السنوات الطويلة الماضية ، إلا أنها استطاعت الحفاظ على وجودها والدفاع عن قرارها ، والبقاء كحالة قيادية قادت الشعب الفلسطيني من خلال منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا ، وذلك بحكم أنها أكبر الفصائل وهي من أشعل فتيل ثورة يناير 1965م ، وهي من فتح أفاق العلاقات الدولية والعربية .
الحفاظ على وجود وتماسك الحركة جاء نتيجة إصرار القادة الشرفاء فيها على عدم تفكك هذا المشروع ، والذي كان هدفاً دائم لإسرائيل وقواتها ، فعملت إسرائيل على اغتيال معظم قادتها ، وضربت مواقعها ، واستهدفت البنية التحتية لها ، إلا أن وجود القائد الشهيد أبو عمار ومعه القادة الشهداء والأحياء منهم هو من جعل من هذه الحركة صخرة قوية تتحطم عليها كل المؤامرات الداخلية والخارجية .
بعد كل هذه السنوات خرجت علينا بعض الشوائب ممن أتوا لحركة فتح بطريق الصدفة ، فمنهم من أصبح عضواً في اللجنة المركزية ، ومنهم من حصل على عضوية المجلس الثوري ، وآخرين في المؤسسات الحركية والتنظيمية ، هؤلاء الذين تسلقوا المناصب على أكتاف المناضلين والأسرى والمدافعين الحقيقيين عن فتح وعن وجودها وبقاءها ، والذين يشكلون اليوم هامشاً مهماً في وسائل الإعلام فقط ن وعلى أرض الواقع ليس لهم أي وزن أو وجود ، ولدى أبناء فتح ليس لهم أي وزن ولا احترام .
لقد كان لأحداث الانقسام في 2007م الأثر الكبير على الوضع العام لحركة فتح ، فمنهم من تأثر من حالة قطاع غزة ، ومنهم من استفاد واستغل الحدث لترتيب أوراقه ووضع نفسه على الخارطة التنظيمية من خلال استخدام الإعلام كوسيلة للوصول للقيادة وللرئيس أبو مازن .
نحن في زمن العجب ، قد نسميه زمن الرويبضة ، أو زمن الفانوس السحري ، حين ترى قادة يجلسون على الأرصفة مهمشين ولا وجود لهم ولا احترام ... قادة مطاردين للإعلام وللمتنفذين ، وآخرين أصبحوا في ليلة وضحاها أصحاب مواقع وقرار ، يحيطون بهم بمجموعة من طيور البغبغاء ، أو أنثى البوم ، حتى يعطوهم من طرف اللسان حلاوة ، يلعبون على الحبال ، هؤلاء الذين كانوا بالأمس يلهثون وراء القيادات القوية ، وعند الشدة باعوهم ليلحقوا بركب المصلحة والمواقع .
لقد ظلت حركة فتح حلم لكل المناضلين الذين سقطوا من أجل شعبنا شهداء ، ولازالت بوصلة المعذبين في السجون والمعتقلات ، الذين دفعوا سنوات عمرهم من أجل أن تبقى فصائلنا الوطنية نموذجاً للعطاء العام بعيداً عن الشخصنة من أجل الاستمرار في مسيرة النضال نحو تحرير فلسطين .
رمــزي صادق شاهيــن إعلامي وكاتب صحفي
