تحدثت سابقاً في إحدى المقالات عن صراع الاجهزة الامنية في المغرب ، وهو صراع على النفوذ ولكن بدرجة ما عن السياسات المتبعة لخلق الشرخ في الجسم الصحراوي بمقاربات مختلفة إختلاف اجهزة الرباط بين الديستي و لادجيد .
شاهد الجميع ما سمي " مبادرة " للنقاش أطرها فارون نحو العدو ، لكن لم يلاحظ أحدكم وجود ولا فرد واحد من حركة الاستسلام مثلا ، سواء الموجودين منها في الداخلة او العيون ! ، نعم أيها القارئ فالحديث هنا عن " مكتب الشؤون الداخلية " التابع لوزارة الداخلية ، وهو نفس المكتب الذي لا يحبذ كثيراً سياسة لادجيد في الصحراء الغربية وإن استطاع استقطاب بعض عملائها ، لكن يبقى السؤال هو لماذا ؟ .
الصراع هنا ظاهره اختلاف في المقاربات و تداخل في الصلاحيات لكن حقيقته صراع على النفوذ ، فلادجيد تتبع منهجية ( صناعة المعارضة من داخل البوليساريو ) اي استقطاب اشخاص من داخل جبهة البوليساريو واللعب على وتر المعارضة التي تتطور لتفريخ تيار موازي بهدف ضرب تمثيل الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء واودي الذهب للشعب الصحراوي كرأس مال المقاومة الصحراوية ضد الاحتلال خارجيا - قانونيا - سياسيا ، وهي منهجية إسرائيلية وجدت أكلها في الساحة الفلسطينية التي تعرفون طبيعتها وكثرة فصائلها وتنوع مواقفها السياسية ما أضعف كفاح الفلسطينيين بشكل كبير وتحول موضوع المصالحة بين الفصائل موضوعا رئيسيا قبل مواجهة تل أبيب .
كانت الديستي و مكتب الشؤون الداخلية " دياجي " ، يعتمدون منهجية تقوية ما يسمى " المنتخبون" و النفخ فيهم خارجيا لتقديمهم كمفاوض على طاولة المفاوضات كممثلين لما يسمى " الساكنة " ، في مقابل تهميش منهجية لادجيد بل والتحريض ضد أشخاص تسميهم الديستي ( القادمون من الشرق ) ومنع التعامل مع اي تيار او مجموعة تحاول تقديم نفسها كممثل على حساب ( المتتخبين ) ، لكن رؤس التيارات ( خط الشهيد + حركة السلام ) يتحركون بحذر في الداخل مع حماية من جهاز لادجيد الذي يوفر لهم هوامش أكثر في العلاقات خارجيا .
يبقى السؤال كيف يسمح أن يتم التهجم على ( المنتخبين ) في ندوة الداخلة ؟
الموضوع له إرتباط يتغيير منهجي وتغييب لأعراف في العلاقة بين الاجهزة المغربية الداخلية و بعض ( المنتخبين ) شهدته السنتين الماضيتين ، وذلك لتجاوز عدة " منتخبين " خطوطا حمراء من حيث المال و النفوذ لدرجة التحكم بعضهم في أحزاب مركزية مقربة من القصر ، وهو ما يعتبر عند المخزن تجاوز العين للحاجب ما يستدعي التخلص من هؤلاء ولكن دون ارتدادات قوية ، او كما يقال بالحيلة " بالضحك و اللعب " .
هنا أصبح مكتب الشؤون الداخلية التابع " محليا " مباشرة للوالي و لادجيد جهاز الامن الخارجي يتقاطعون في موضوع تصفية الحسابات مع بعض ( المنتخبين ) النافذين ، لهذا أعطي الضوء الاخضر لما تسميهم أجهزة المخابرات ( القادمون من الشرق ) لفتح النار على ما يسمى ( زعماء الاحزاب في الجنوب ) ، وذلك بحشد أشخاص يتبنون خطاب غير مألوف يخرج نسبيا عن السردية الرسمية ، وهذا ليس بالجديد في تكتيك الامن الخارجي المغربي ، فهو يجيد خياطة ذلك الخطاب و الامثلة عديدة ، فخط الشهيد في البداية كانت ( دمغة ) بياناته الرسمية تبدأ ب ( الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب + خط الشهيد ) ، وحركة الاستسلام بعد ذلك في بياناتها تستعمل ( الصحراء الغربية ) رغم أن أتباعها لا يشربون ماء او يذهبون للحمام الا بإذن من أجهزة الاحتلال ، ويجسلون في مهرجانات تنادي بما يسمى " مغربية الصحراء " .
كخلاصة ، المعركة معركة وعي لا مجال فيها للعاطفة في ظل قدرة الاجهزة المعادية على التضليل وخلط الاوراق و التلاعب بالوعي لإيقاع الجمهور في الفخ ، وهو ما يتطلب دائما اليقظة و إفهام الناس حقائق الامور ، فما يشاهده العامة من أبناء شعبي قادما من الداخلة لا هو تغير في الخطاب ولا هي شجاعة ولا هم يحزنون ، هي أدوار و حرب واجهتها أشخاص وخلفها اجهزة معادية هدفها إثبات من الاكثر مهنية امنية و استخبارية لا أقل ولا أكثر .
امبارك سيدأحمد مامين
