وسط زقاق ضيق قرب السوق المركزي في طنجة، يستلقي رجل أربعيني فوق كرتون مهترئ، يلف جسده بغطاء خفيف لا يقي برد الليل إلى جانبه، حقيبة بلاستيكية تحوي كل ما يملك. تمر السيارات من حوله، ويخطو المارة بسرعة، دون أن يلتفتوا.
مع أولى موجات البرد التي تعرفها المدينة الساحلية، تعود ظاهرة المبيت في الشارع إلى الواجهة.
في ساعات الليل، يتحول محيط الساحات الكبرى ومحطات الحافلات إلى ملجأ مؤقت للالاف من المغاربة بلا مأوى، لفظتهم الهشاشة الاجتماعية إلى الهامش.
منذ سنوات، تسجّل طنجة حضورًا متكررًا لهؤلاء الأشخاص في فضاءها العام. يختار بعضهم الزوايا الخلفية للمساجد، وآخرون الأرصفة تحت مصابيح الشوارع. بعضهم يضع كرتونة، وآخرون يكتفون بأكياس بلاستيكية. الليل هنا ليس مجرد نهاية نهار، بل اختبار لقدرة الجسد على الصمود.
وفي شارع باستور، شوهدت امرأة في الخمسين من عمرها تجلس القرفصاء قرب بنك مغلق. تهمس بكلمات غير مفهومة، بينما تلتف حولها أكياس كثيرة.
وتشير معطيات غير رسمية إلى أن المدينة تضم عشرات الأشخاص دون مأوى دائم، بينهم نساء ومسنون وأطفال. وتزداد أعدادهم في الشتاء بسبب صعوبة التنقل خارج المدينة أو فقدان فرص عمل موسمية.
مع دخول الشتاء، تعود الأسئلة نفسها: من يحمي هؤلاء؟ كيف يمكن للمدينة أن توازن بين صورتها السياحية ومشهد البرد القاسي في زواياها؟ في ظل غياب سياسة إدماج متكاملة، تبقى الأرصفة مأوى مؤقتًا، والليل اختبارًا متكررًا لكرامة آلاف المغاربة بدون مأوى؟
