بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله وسلّم على نبيه الكريم
نقطة نظام
بعد سيل التساؤلات التي وصلتني من المهتمين بتاريخ ثورتنا المجيدة، خاصة الحديث منه، حول:
1. تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب و مؤسسيها.
2. نشيد النار والحديد (نشيد الثورة ).
3. نشيد يا بني الصحراء (نشيد الدولة).
4. العلم الوطني والمصادقة عليه.
وبعد مشاهدتي مع أغلبكم لأشخاص مرتمين في حضن الاحتلال وهم يحاولون تسويق ما لم ينزل الله به في تاريخنا من سلطان، ولأجل أن تتضح الصورة وتعمّ الفائدة التاريخية أضع بين أيدي المهتمين الحقائق التالية:
1. تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب و مؤسسيها:
للخوض في هذا الموضوع لا بد من التذكير بما قبل التأسيس، ففي أواخر سنة 1969 أنشأ الصحفي الصحراوي الفقيد محمد ولد سيد ابراهيم لبصير، وثلة من الوطنيين الصحراويين، المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء، وأدّوا اليمين للإخلاص لهذه الحركة، وقد سبق لي أن نشرت بحثاً في هذا الموضوع، والتي تلقت ضربة قاسية في مذبحة 17 يونيو 1970 وفُقِد قائدها.
فكانت هي النجمة القطبية لإحياء الضمير الوطني الصحراوي، سواء داخل الوطن المستعمر أو خارجه، ذلك الإشعاع سطع نوره على النازحين الصحراويين الذين يقطنون ما سمي بجنوب المغرب رغم أنهم في أرض أصلاً كانت ملكهم، إلى أن سلمتها إسبانيا الإستعمارية إلى مملكة المغرب الأقصى، وهي المنطقة التي يحدها من الشمال وادي درعة و من الشرق الحمادة الحمراء ومن الغرب المحيط الأطلسي، سلمت للمملكة المغربية في 14 أبريل 1958 وعاصمتها الطرفاية والتي كان يطلق عليها الاستعمار الإسباني "كابوخوبي" ، طبقا لبنود الإتفاقية الثلاثية بين المغرب و اسبانيا و فرنسا، الإتفاقية التي صدق عليها في الإجتماع الثلاثي المنعقد في جزيرة سينترا البرتغالية فاتح أبريل 1958، هدية من القوتين الإستعماريتين لمملكة المغرب الأقصى نظير خدماته الجليلة المقدمة لهما للقضاء على المقاومة الصحراوية والموريتانية.
أولئك النازحون أحيت فيهم المنظمة الطليعية روح الوطنية ففُتِح النقاش في أوساطهم، خاصة الطلبة والتلاميذ و قدماء المجاهدين.
و بدأت الإتصالات بالوطنيين سواءً داخل الأرض المُستَعمَرة أو في الشتات: وادي نون، الطنطان، تيندوف، ازويرات، انواذيبو، أطار…، إلخ.
وأدّت تلك الإتصالات إلى بلورة الروح الوطنية عند قدماء المجاهدين والطبقات الشعبية الأخرى من عمال، و صغار التجار و رجال التعليم و التلاميذ أبناء المجاهدين.
أول ضربة تلقتها حركة الطلبة النازحين إلى المغرب هي إعتقال مجموعة منهم بعد مظاهرات الطنطان في مارس 1972 على رأسهم الولي مصطفى السيد، ملعينين إخليهنا، سيدي عبد المالك، التقي الطالب سيديا، الخليل احمين و هو موظف إداري في مدينة الطنطان.
ثم كثّف الاتصال بكل الفئات مجندين، عمال، تجار، منمين وتمّ التنسيق مع قادة المنظمة الطليعية من السجون أو المنفى.
في حديث تطول تفاصيله، إلتأم الجميع بعد أن إتصل قادة المنظمة الطليعية بالسلطات الموريتانية وإشعارهم بأن الصحراويين سيلتحقون بالأراضي الموريتانية فراراً من القمع الإسباني والمغربي وطلب منهم الدعم والمساندة إعلامياً وفتح مكتب للحركة وحتى الدعم العسكري، واستقبلوا من طرف السيدين أحمد ول محمد صالح وزير الداخلية وحمدي ولد مكناس وزير الخاريجية، فوعدا خيرا محبذين النضال السلمي كالذي نالت به موريتانيا إستقلالها.
إلتأم جميع الصحراويين أو على الأقل كوكبة منهم على الأراضي الموريتانية مبشرين بكفاح الشعب الصحراوي الذي هو على الأبواب. وهكذا إلتقت تلك الكوكبة في مدينة ازويرات الموريتانية و قد تخلفت عنهم مجموعة نظراً لعدم توفر النقل في تلك الظروف وهي التي رفقة أول أمين عام للجبهة و زعيمها ستنفذ عملية 20 ماي 1973 بخنگة اكسات ضد الإستعمار الإسباني، وأُعتبرت تلك المجموعة من المؤسسين.
و أود أن أنقل للقارئ الكريم الأعضاء المؤسسين المعترف بهم، أما الحشو الآخر فسيبقى حشواً.
الحاضرون للمؤتمر الذي صدر عنه بيان التأسيس ورسائل و توصيات، المنعقد في منزل السيد محمد الحسن ولد محمد الغالي، مؤجّر من طرف أحمد القايد صالح بيروك، تقطنه والدته النجاة منت لمجد اندور وحرمه امباركة منت ابراهيم بوجمعة (بومخروطة)
الحضور:
الولي مصطفى السيد (زعيم الحركة ومفجّر الثورة)
غالي سيد المصطفى (ابراهيم غالي) أول أمين عام منتخب.
أحمد القايد صالح.
موسى لوشاعة لبصير.
امهمد ولد زيو.
محمد سعدبوه البشير (محمد لمتين).
ابليل البشير الوالي.
محمد سالم عبدالل ادخيل.
البشير عبد الل ادخيل.
سيدي حمادي السيد.
اعبيدي الشيخ السبيدي.
أحمد الفيلالي.
لبات حمدي ميارة.
حمدي لوليد ميارة.
لوشاعة محمد لمين ميلد (عُبيد).
محمد سعيد بابوزيد.
محمد نافع قاسم (الداه الجنوب).
محمد خليلي محمد البشير (محمد عبد العزيز).
البشير مصطفى السيد.
البندير محمد امعييف.
محمد لمين البهالي.
سيد أحمد البلال هدا (البطل).
محمد عالي حمدات الوالي (العظمي).
علالي محمد كوري لحبيب يحيى (حبيب الله).
أحمد محمود مولاي أحمد (محمد لمين أحمد).
النجاة لمجد اندور.
امباركة ابراهيم بومخروطة.
أما الذين لم يستطيعوا الإلتحاق بالمجموعة في المؤتمر التأسيسي، وشاركوا في تنفيذ عملية 20 مايو البطولية فهم:
عبدي بوبوط.
الغزواني اعلي علال.
ابراهيم عبد الرحمن بوجمعة (ذهب شهر يونيو 1973 في مهمة إلى الشرق و لم يظهر له خبر بعدها).
البشير الصالح (جمبلا).
البشير السالك جدو.
الفراح يحظيه ورگة.
حمدي السالك جدو.
لحبيب دافة جاعة.
بودة سيدي التاقي.
محمد لسياد احمد.
محمد فاضل اعلي حمية (القرارات).
ابراهيم الخليل الراحل.
السالك اسويلم محمد الطيب.
السالك أحمد الوالي.
الباقي على قيد الحياة من المجموعتين:
ابراهيم غالي.
محمد سعيد بابوزيد.
محمد نافع قاسم (الداه الجنوب).
البشير مصطفى السيد.
محمد لمين البهالي.
حبيب الله محمد كوري لحبيب.
محمد لمين أحمد.
امباركة بومخروطة.
عبدي بوبوط (مجموعة الخنگة).
الغزواني اعلي علال (مجموعة الخنگة).
السالك اسويلم محمد الطيب (مجموعة الخنگة).
محمد سالم عبدالل (1).
البشير عبدالل (2).
البندير محمد امعييف (3).
محمد عالي حمدات الوالي (4).
ابليل البشير الوالي (5).
هؤلاء الخمسة الآخرين حولوا النبدقية على الكتف الأخرى و إلتحقوا بصفوف العدو فنكثوا العهد وإِنَّ اَلْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً. وأمّا الذين يدّعون أنهم مؤسسون من غير هذه اللائحة فإنهم يُسَوِّقون ذلك للعدو والله يعلم أنهم لكاذبون.
وأشهد للتاريخ أن الخمسة المشار إليهم نكثوا بعهدهم وكلهم كانوا من الجناح السياسي، أما أبطال معركة 20 مايو 1973 فلم يخن أيٌ منهم حتى استشهد بعضهم أو وافاه الأجل المحتوم بعد جهاد عظيم، فتحية لأولئك الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وما بدّلوا تبديلا.
2. نشيد النار والحديد
كلمات هذا النشيد ألفتها مجموعة من الطلبة الصحراويين و كلفوا بعرضها على شاعر من أصول موريتانية يدعى: محمد معروف ولد أمَّمة، كلف بعرضها عليه كل من الولي مصطفى السيد، ملعينين اخلهنا، لحبيب خليلي، فأجاب بعد المراجعة أنها قصيدة تصلح أن تكون نشيداً، كان ذلك شهر يونيو 1972، وقد نُقحت المسودة بعد ذلك حتى أضحت بصيغتها الحالية.
و الشاعر محمد معروف كان ضابط صف في الجيش المغربي و سُلمت له شهادة من آل الشيخ ماء العينين تسمح له بالوجود إلى بعض الكليات في المملكة المغربية كالحقوق، و اللغة و الشريعة و دار الحديث الحسني. بعد تخرجه من دار الحديث الحسني، اشتغل في منصب الإذاعة المغربية و بعد احتلال الصحراء عمل في الإذاعة بالعيون المحتلة، و اطلق لسانه على المقاومة الصحراوية حتى توجه إلى مدينة أطار لزيارة أخيه العلامة الورع الشيخ اعلي ولد أمم، فنهره عما يقوم به في حق الشعب الصحراوي، فانتهى غفر الله له.
النشيد اعتمدته الطلائع الأولى للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب ثم أقره المؤتمر الثاني للجبهة، مؤتمر الشهيد عبد الرحمن ولد عبد الله، المنعقد تحت شعار: "حرب التحرير تضمنها الجماهير ".
3. نشيد: يا بني الصحراء
عرض النشيد من طرف الشهيد الولي على الشاعر الجزائري محمد الأخضر السائحي، نهاية شهر مارس 1976 و بعد أسبوع، عاد الولي من زيارة كان يقوم بها إلى ليبيا فالتقى بالشاعر الأخضر السائحي، فناوله الإخراج النهائي للنشيد فنقحه الشهيد الولي و حذف منه أربعة أو خمسة أبيات ليصبح بصيغته الحالية التي اعتمدها مجلس قيادة الثورة أي اللجنة التنفيذية في ذلك التاريخ.
4. العلم الوطني
إبان التحضير لعقد المؤتمر الثاني للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، ارسلت مركزية التنظيم رسالة إلى كل الفروع لاقتراح رأيها في مسألتين:
أ. برنامج العمل الوطني لاعتماده كمرجع يُعتمد لتوضيح رؤى الجبهة لمستقبل الوطن الصحراو سواء في مرحلة حرب التحرير الوطني أو البناء الوطني بعد الإستقلال.
ب. اقتراح علم وطني يُعتمد من طرف الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ومعه البرهنة أو القيمة والمرجع التاريخي المعتمد.
فتوصلت اللجنة التحضيرية للمؤتمر بعدد من الإقتراحات حوالي 18 إقتراح، أحالته للمؤتمر الثاني الذي شكل لجنة لهذا الموضوع أسماها: لجنة العَلَم و الشعارات ترأسها الشهيد محمد عبد العزيز الذي كان في نفس الوقت عضو في رئاسة المؤتمر.
عُرض عمل اللجنة على المؤتمر معتمدة العلم الحالي المقترح من طرف فرع الشهيد ابراهيم السالم ولد ميشان، معللا ذلك بأن عدد من المقالات الصحفية التي نشرت سنة 1972 تقول: فلسطين جديدة في الصحراء "الإسبانية"، وأنّ النجمة والهلال في الوسط تشيران إلى منطقة المغرب العربي كما في أعلام موريتانيا والجزائر وتونس وليبيا، عدا المملكة المغربية الغازية.
وهكذا اعتمد المؤتمر الثاني للجبهة العلم الحالي و كذا برنامج العمل الوطني والتوصيات والرسائل.
والله من وراء القصد، وكلّ الوطن أو الشهادة
عُبَيْد ربه الضغيف
محمد لمين أحمد.
