القائمة الرئيسية

الصفحات

ممثل الجبهة بالأمم المتحدة يكشف زيف ادعاءات وزير خارجية الاحتلال حول قرار مجلس الأمن



في تصريح لوكالة الأنباء الصحراوية (واص) اليوم كشف عضو الأمانة الوطنية، ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، الدكتور سيدي محمد عمار، زيف جملة الادعاءات التي أدلى بها وزير خارجية دولة الاحتلال المغربي مؤخراً بشأن قرار مجلس الأمن الأخير. 

النص الكامل للتصريح:

في المقابلة التي أجراها مع وكالة الأنباء الإسبانية (EFE) بتاريخ 4 ديسمبر 2025، علق وزير خارجية دولة الاحتلال المغربي على قرار مجلس الأمن الأخير 2797 (2025)، وكالعادة قدم عدة ادعاءات لا أساس لها من الصحة. فقد ادعى، عن جهل أو عن قصد، أن "تقرير المصير" يعادل "تعبير الأطراف عن إرادتها" أو "حتى توقيع اتفاقية بعد المفاوضات". إن هذا ادعاءٌ باطل لا يدعمه أيٌّ مصدر من أدبيات الأمم المتحدة منذ نشأتها عام 1945.

إن أي شخص لديه معرفة أساسية بميثاق الأمم المتحدة (المادة 1 (2))، والقرارات 1514 (1960)، و1541 (1960) و2625 (1970) الصادرة عن الجمعية العامة، وهي الجهاز الأساسي المختص بتصفية الاستعمار، وكذلك الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية بشأن هذه المسألة يعرف جيداً الحقائق التالية:

أولاً، إن الحق في تقرير المصير هو حق جماعي للشعوب، وليس حقاً للأفراد أو "الأطراف" كما يدعى زوراً وزير خارجية دولة الاحتلال. ثانياً، إن الحق في تقرير المصير هو قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي (jus cogens) كما أقرت ذلك محكمة العدل الدولية (19 يوليو 2024)، مما يعني أنه حق أساسي غير قابل للتصرف (لا يمكن انتزاعه أو نقله أو التنازل عنه) وغير قابل للانتقاص. ثالثاً، إن نتائج ممارسة حق تقرير المصير من قبل شعب إقليم خاضع لتصفية الاستعمار، كما هو حال الصحراء الغربية، منصوص عليها في قراري الجمعية العامة 1541 (1960) و2625 (1970). فالقراران يحددان "أساليب" إعمال حق تقرير المصير ويُؤكّدان على أن جوهر تقرير المصير يكمن في التعبير الحقيقي، بالطرق الديمقراطية المعروفة، عن إرادة الشعب المعني بشأن وضعه السياسي دون أي تدخل خارجي. وهكذا فمن الواضح أن وزير دولة الاحتلال يستقي فهمه المُشوّه لتقرير المصير من مصدر لا يعلمه إلا هو.

وبنفس المنطق الأعوج يشير وزير دولة الاحتلال إلى أن القرار"لا يُنص في أي مكان على أن حق تقرير المصير يعني استفتاء". والواقع أن لا أحد غيره يدّعي ذلك، بالإضافة إلى أنه هنا يخلط بين تقرير المصير، وهو حق، والاستفتاء، وهو وسيلة أو آلية لممارسة هذا الحق.

بالنسبة لجبهة البوليساريو، وكما أوضحت في مقترحها المُوسّع المُقدم إلى الأمين العام في 20 أكتوبر 2025 (S/S/2025/664؛ الفقرتان 21 و22)، فإن ما تؤكده هو أن الاستفتاء، المنصوص عليه في خطة التسوية الأممية الأفريقية، تم قبوله رسمياً من قبل الطرفين، جبهة البوليساريو والمغرب، باعتباره "مقترحاً" قدمته الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية من خلال مساعيهما الحميدة المشتركة. وبناءً على موافقة الطرفين وقبولهما خطة التسوية الأممية الأفريقية، صادق كلٌّ من مجلس الأمن والجمعية العامة بالإجماع على الاستفتاء كوسيلةٍ تُمكّن الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير. ومن أجل إجراء الاستفتاء أنشأ مجلس الأمن، تحت سلطته،بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) في عام 1991.  

وبهذا المعنى، فالاستفتاء ليس "مقترحاً" أو "حلاً مفضلاً" أو "موقفاً" لأيٍّ طرف، بل هو حلٌّ معقول وعملي وقائم على التوافق، كما اقترحته وأكدت عليه الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية. وبالتالي، فهو ببساطة وسيلة لتحقيق غاية، وهي تحديد رغبات الشعب الصحراوي في ممارسته لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير وفقاً لمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة ذات الصلة.

وهنا ينبغي لوزير خارجية دولة الاحتلال أن يشرح لرأيه الداخلي البيان الذي أدلى به الملك الحسن الثاني في 27 سبتمبر 1983 أمام الدورة الثامنة والثلاثين للجمعية العامة والذي صرّح فيه رسمياً بالقول: "يُخبركم المغرب بأنه مستعد لإجراء الاستفتاء غداً إن رغبتم في ذلك. وهو مستعد لتقديم جميع التسهيلات لأي مراقبين من أي مكان يأتون لضمان وقف إطلاق النار وإجراء مشاورات عادلة ومنصفة وحقيقية. وأخيرا فإن المغرب يلتزم رسمياً بأن يعتبر نفسه ملزماً بنتائج هذا الاستفتاء." (A/38/PV.8، الفقرة 26).

وعلاوة على ذلك، وكما هو مذكور، يُصرّح وزير دولة الاحتلال نفسه في المقابلة ذاتها بأن القرار "لا يُنص في أي مكان على أن حق تقرير المصير يعني استفتاء". وبالتالي، عليه أيضاً أن يشرح لرأيه الداخلي معنى العبارة الواردة في الفقرة 27 من "المقترح" المغربي التوسعي التي تقول حرفياً "إن الاستفتاء سيُشكّل ممارسةً حرةً لحق تقرير المصير"، فربما يكون لديه أيضاً معنى آخر "للاستفتاء" استقاه من ذات المصدر الذي لا يعلمه إلا هو.

يواصل وزير دولة الاحتلال المغربي تأويلاته المغرضة، مدعياً زوراً أن قرار مجلس الأمن 2797 (2025) يشير إلى "الشعب بمعنى السكان" وأن كلمة "الشعب" بالنسبة لهم تعني "السكان"، وناكراً في نفس الوقت وجود الشعب الصحراوي.

من المعلوم أن كل القوى الاستعمارية تقوم بتبرير استعمارها من خلال إنكار وجود الشعوب المستعمَرة، إلا أن نكران وزير خارجية دولة الاحتلال لوجود الشعب الصحراوي، الوارد نصاً في قرار مجلس الأمن، ليس فقط استهتاراً بعقول الجميع، بل هو أيضاً ادعاء باطل تماماً.

الأمر الذي لا جدال فيه هو أن قرار مجلس الأمن 2797 (2025) يشير (الفقرة 3 من المنطوق) إلى شعب الصحراء الغربية (“the people of Western Sahara”, “el pueblo del Sáhara Occidental”, “le peuple du Sahara occidental”).). ولعله من المفيد تذكير وزير خارجية دولة الاحتلال أن اللجنة الرابعة التابعة للجمعية العامة (لجنة تصفية الاستعمار) تبنت قراراً بدون تصويت حول "قضية الصحراء الغربية"، بتاريخ 16 أكتوبر 2025، أكدت فيه من جديد ليس فقط الوضع الدولي للصحراء الغربية كقضية تصفية استعمار،ولكن أيضاً مسؤولية الأمم المتحدة تجاه "شعب الصحراء الغربية".

كما أنه من المعلوم أن جميع القرارات التي اعتمدتها الجمعية العامة ومجلس الأمن بشأن الصحراء الغربية منذ عام 1975 تُقرّ وتُحدّد "شعب الصحراء الغربية" باعتباره المالك الوحيد لحق تقرير المصير فيما يتعلق بالصحراء الغربية. وعلاوة على ذلك، فإن خطة التسوية الأممية الأفريقية لعام 1991 واتفاقيات هيوستن ذات الصلة لعام 1997، وهما الاتفاقان الوحيدان اللذان قبّلهما طرفا النزاع، تعترفان بـ "شعب الصحراء الغربية" باعتباره المالك الحصري لحق تقرير المصير فيما يتعلق بالصحراء الغربية، مما يُوضّح بجلاء أن الشعب الصحراوي هو الوحدة السياسية الوحيدة المعترف بها دولياً التي تملك الحق في تحديد الوضع النهائي للإقليم، وليس "السكان" المقيمين فيه بمن فيهم من مستوطني دولة الاحتلال وغيرهم.

إن حكم الدائرة الكبرى لمحكمة العدل الأوروبية الصادر بتاريخ 4 أكتوبر 2024 مهم جداً للتأكيد على هذه النقطة، حيث نصّ على أن "غالبية سكان الصحراء الغربية الحاليين ليسوا من الشعب الذي يملك حق تقرير المصير، أي شعب الصحراء الغربية، وأن هذا الشعب، الذي شُرد معظمه، هو صاحب الحق الوحيد في تقرير المصير فيما يتعلق بإقليم الصحراء الغربية، وأن حق تقرير المصير ملكٌ لهذا الشعب، وليس لسكان هذا الإقليم عموماً الذين يوجد من بينهم 25 % فقط من أصل صحراوي—وفقًا للتقديرات التي قدمتها المفوضية في جلسة الاستماع أمام محكمة العدل" (الفقرة 128).

وفي الختام، فإنه لا أحد في الواقع يكترث كثيراً بادعاءات وزير خارجية دولة الاحتلال المغربي ولا بالقاموس الاستعماري الذي يستقي منه "تأويلاته" المغرضة، وذلك ببساطة لأنه ينتمي إلى بلد يُجرّد فيه الناس من إحساسهم بأنهم "شعب" ويُحوّلون قسراً إلى مجرد "رعايا" يُجبرون على العيش في ظل نظام استبداديّ من القرون الوسطى يقوم على الاستعباد وقمع الحريات الفردية والجماعية والدوس على كرامة الإنسان وحقوقه. ولذلك، فهو آخر من يمكن أن يتحدّث عن مفهوم "الشعب" أو "الإرادة الشعبية" أو "تقرير المصير" لأنه ببساطة لا يعرف لهذه العبارات أي معنى. 

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...