القائمة الرئيسية

الصفحات

   


بعد أن لقح المغاربة بهرمون انتصار مزعوم في قضية الصحراء الغربية، تطير جلالته الى الإمارات العربية ليقضي عطلته الطويلة الباذخة والمترفة ويدعهم غارقين في نشوة مخدر المكسب الوهمي " الصحراء أصبحت مغربية بقرار2797".
تتكفل أجهزت المخابرات، الحاكم الفعلي في المغرب بتجييش الرأي المغربي ودفعه تحت قوة الدعائية الى أفراح مبالغ فيها، يصحبها صخب وهرج لا ينتهي، وكأن إنجازا حقيقيا قد تحقق. غير أن كل هذا البريق الزائف ليس سوى ستار رقيق يغطي أزمة كبيرة داخل القصر من جهة واستعدادات جيل Z من جهة أخرى؛ فالأمر في جوهره لا يستند إلى واقع ملموس، بل إلى رغبة في صناعة انتصار غير موجود. إنها نشوة لحظة، أشبه بمخدر سريع المفعول، سرعان ما يتبخر بمجرد مواجهة الحقيقة. في خضم الضجيج الإعلامي، تُمارس عملية ممنهجة لتدجين المواطن المغربي المغلوب على أمره، حيث تحاول صحافة المخزن بيع جلد الدب قبل صيده كما يقال بدفع المواطنين المغاربة إلى الاحتفال بمكسب وهمي لا وجود له، فقط لتُرضي المخزن وتجمل صورة الملكية. تُضخ العناوين العريضة، وتكرر الشعارات، ويخلق جوّ من النشوة المصطنعة، فيما الحقيقة تُدفن تحت طبقات من الدعاية. هكذا يُختزل وعي الناس في لحظة فرح معلبة، تبيعها لهم الصحافة كإنجاز، بينما الواقع يظل عصيا على التزييف للأسباب التالية:
1- مجلس الأمن يحدد المغرب ولبوليساريو طرفين، ويؤكد حق تقرير المصير
2- المفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة هي ما نص عليه القرار
3- أن يكون الحل مقبولا لدى الطرفين المغرب وجبهة البوليساريو
4- القرار مهم لكنه لم يحسم أي شيء، بل أعاد القضية خطوة الى الوراء كما أكد السيد كريستوف روس المبعوث الأممي السابق الى الصحراء الغربية في مقاله الأخير.
لكن الأهم من كل هذا هو أن مصير الصحراء الغربية لا يحدد في نيويورك أو باريس أو تل أبيب ولا يقرر بجرة قلم في كواليس مجلس الأمن أو تغريدة على جدارية تويتر أو تزوير خريطة لمحرك غوغل داخل المغرب، بل يحدده أبناء وبنات الشعب الصحراوي يحدده جيل الاستقلال من شباب الصحراء الغربية الذي أوصل رسائله الى العالم أجمع، بأنه موجود وقوي ولن تمر عليه المؤامرة مهما من وقف ورائها. خمسون عاما من الصمود والكفاح المستميت والإرادة المتجددة في مواصلة حرب التحرير كافية لفتح أعين من عميت أبصارهم.
لكن ما يستدعي الشفقة هو أن الأشقاء في المغرب بعد خمسة عقود مازالوا يساقون كالبهائم الى أوهام ( الصحرا الديانا، الملف مطوي، اربحنا الصحرا، ...الخ) وفي الواقع إنما يضحك عليهم النظام الملكي بإبقائهم يلهثون وراء سراب غير مبالين بواقع الفقر المدقع والفساد وخوصصت البلاد كلها لتصبح رهينة الدول الأجنبية. هل يعلم المغاربة اليوم أن فرنسا تعتمد على حل أزمتها الاقتصادية الحالية وعلى سداد ديونها على ثروات المغرب وخيرات الصحراء الغربية؟ هل يعلم المغاربة أن شركات أجنبية كي تسترجع أموالها باعت لها حكومة أخنوش المستشفيات المهمة تحت غطاء ما يسمى بالخوصصة وسلمتها أخصب الأراضي في المغرب التي انتزعت من مالكيها لتتحول الى ما يطلق عليه الأملاك المخزنية؟ هل يعلم الأشقاء في المغرب بأن بني صهيوني وصلوا الى التحكم حتى في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ويوجهون خطبة الجمعة ويحددون المنهاج الدراسي لأبناء المغاربة المسلمين، بل مرشح يهودي كي يشرف على ركن الزكاة في المغرب؟
من نافلة القول على المغاربة أن يفكوا اسرهم من أيادي الأخطبوط الأجنبي الذي حول حصيلة الناتج الخام الوطني PIB الى الخارج لتعزز به دول قدراتها وتتمتع به شعوبها وأن يواجهوا بشجاعة رموز الفساد في الداخل الذين يبتزونهم ويسرقونهم ثم يدفعونهم الى الشارع ليرقصوا ويفرحوا بالوهم والسراب.
 سيعرف أصحاب البهرجة والكذب حقيقة ما روجوا له. كل التصريحات المتضخمة، وكل الاحتفالات المبالغ فيها، لن تستطيع طمس الواقع. ستظهر الحقائق كما هي، بلا رتوش ولا تزييف بأن من يقرر مصير الصحراء الغربية هو وحده الشعب الصحراوي. سيأتي اليوم الذي سينجلي فيه الغبار وسترى ما تحتك أفرس أنت أم حمار كما يقال عند العرب.
بقلم: محمد فاضل الهيط

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...