كلمة وزير الثقافة الصحراوية في الطبعة الرابعة للمهرجان العالمي للسينما فالصحراء الغربية فيصحرا بمدريد
السيدات والسادة ، الأصدقاء الأعزاء ، الحضور الكريم :
في البداية اسمحوا لي بان أؤكد لكم بإننا قد جئنا من عمق الصحراء الغربية ، من خيام اللجوء التي احتضنت الكرامة وقاومت الرياح والنسيان ، من المدن المحتلة التي ما زالت تنبض بالمقاومة ، نحمل إليكم صوت شعبٍ جعل من الألم أملاً، ومن اللجؤ مدرسةً للصمود والمقاومة ، ولنحكي لكم رحلة شعبٍ كتب تاريخه بالصبر والنضال والصمود رغم الالم والمعاناة ، شعب لم ينكسر، لم يتعب ، بل ظلّ واقفًا ، مرفوع الرأس ، مؤمنًا بأن العدالة لا تموت مهما طال انتظارها. شعب أفشل بصموده ووحدته خلال خمسين سنة من المقاومة والكفاح كل محاولات تزييف الحقائق التاريخية للقضية الصحراوية ، وأثبت للعالم أن الإرادة حين تُبنى على الإيمان بالحق، تصبح أقوى من كل الضغوطات والمؤامرات.
السيدات والسادة ، الخضور الكريم :
نتواجد اليوم هنا لنشارك معكم في الطبعة الرابعة من المهرجان العالمي للسينما في الصحراء الغربية بمدريد . هذا المهرجان الذي كان ومازال وسيظل صوت اللاجئين الصحراويين في المخيمات ، صوت الذين لم يُسمح لهم بالكلام في المدن المحتلة ، ومنبرًا للكرامة، وفضاءً للضمير الإنساني الحر ، ومنصة للحوار بين الشعوب، وجسرٌ للتضامن والتعايش ، وفرصةٌ لإسماع صوت الذين حُرموا من حقهم في أن تُروى قصتهم بعدالة. فكل فيلم يعرض فيه يعتبر شهادة حياة، وكل مشهد صرخة كرامة، وكل لقطة وعدٌ بأن قصة هذا الشعب لا يمكن أن تنسى .
إن هذه الطبعة التي تحتضنها مدريد ــ عاصمة الممكلة الاسبانية التي تسببت في معاناة الشعب الصحراوي طيلة هاته السنوات ــ ، تنظم في ظروف سياسية معقدة ، ومرحلة صعبة من مراحل مقاومتنا وكفاحنا من أجل الحرية والكرامة ، حيث تحاول القوى الاستعمارية القديمة الجديدة القفز على الشرعية الدولية ، وتجاهل حق الشعب الصحراوي الغير قابل للتصرف في تقرير مصيره بكل حرية وعدالة كما أقرت بذلك كل المواثيق والقرارات الدولية منذ سنة 1963 الي يومنا هذا . وهو ما يدعونا إلى أن نجعل من هاته الطبعة صوتاً للحق ، وعدسةً تكشف الظلم ، ووقفة للتذكير بأن خلف كل خيمة في اللجوء وكل مشهد معاناة في المدن المحتلة من الصحراء الغربية ، هناك حكاية شعب ينتظر الاعتراف بحقه في تقرير مصيره ينفسه ،والعيش بكرامة وحرية على أرضه. وخاصة بإننا نتفق جميعا إن السينما بما تمتلكه من قوة ناعمة وقدرةٍ على لمس الوجدان الإنساني، تمثل اليوم وسيلة نبيلة لتقريب الحقيقة من الضمير الإنساني العالمي .
السيدات والسادة ، الحضور الكريم :
لا يفوتنا في هذه المناسبة الهامة أن نُوجّه من هذا المنبر أسمى عبارات الشكر والتقدير لمنظمة "نوماداس صحرا" على إصرارها على تنظيم هذه الطبعة الجديدة من المهرجان، رغم كل الصعوبات والتحديات، وعلى وفائها المستمر لقضية عادلة آمنت بها منذ البداية بصدق .
كما نتوجه بتحية عرفانٍ وامتنانٍ عميق إلى الحركة التضامنية الإسبانية والدولية، التي رافقت نضالنا ومقاومتنا طيلة خمسين سنة من الصمود والثبات ، ووقفت معنا في اللحظات العصيبة، في المخيمات والمدن المحتلة ، ورفت معنا راية الحرية ودافعت معنا عن قيم الإنسانية التي توحدنا جميعًا.
وفي الأخير اسمحوا لي باسم الشعب الصحراوي في مخيمات اللاجئين بتندوف ،في المناطق المحررة ، في المدن المحتلة من ترابنا الوطني، في الجاليات والمهجر بان أؤكد لكم جميعا بإننا كشعب لن نصمت، لن نتراجع ، وسنظل نحلم ، نبدع ونقاوم حتى تُشرق الحرية فوق رمالنا الطاهرة ، وبأن أدعوكم جميعا لأن نجعل من هذه الطبعة رسالة أمل ، ومن كل فيلم سيعرض فيها صرخة حرية ، ومن كل لحظة سنقضيها معا هذه الأيام وعدًا متجددًا بأن الصحراء الغربية ستظل تنبض بالحياة، وبأن شعبها لن يتراجع حتى تتحقق العدالة ، ويرفرف علم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية حراً على كامل ترابه الوطني .
عاشت الصحراء الغربية حرّة مستقلة ، عاش التضامن بين الشعوب المحبة السلام .
وشكراً لكم
