القائمة الرئيسية

الصفحات

أبي بشرايا، مستشار الرئيس الصحراوي لـ"الشروق": الحل النهائي يجب أن يتبلور من خلال العملية التفاوضية بين البوليساريو والمغرب

• مجلس الأمن لم يغير الطبيعة القانونية للقضية الصحراوية
• ما قاله المبعوث الأممي للصحراء الغربية أكبر رد على الدعاية المغربية
• المغرب ينهب 900 مليون دولار سنويا من خيرات الصحراويين

يعود مستشار الرئيس الصحراوي والقيادي في جبهة البوليساريو ابي بشرايا البشير، للقرار الذي صادق عليه مجلس الأمن قبل أيام حول القضية الصحراوية، حيث يقدم قراءة قانونية موسعة حوله.
ويسقط ابي بشرايا، في هذا الحوار مع “الشروق” الادعاءات الكاذبة التي سوقها المغرب بزعم ان ما صادق عليه المجلس يصب في صالحه.
كما يتحدث أبي بشرايا وهو الذي يتولى منصب مستشار الرئيس المكلف بشؤون الثروات الطبيعية والقضايا القانونية، عن النهب الذي تتعرض له خيرات الصحراء الغربية من طرف المملكة والتي تبلغ 900 مليون دولار سنويا
مصادقة مجلس الأمن على المشروع الذي أعدته أمريكا، هل هنالك تغيير في الطبيعة القانونية للقضية الصحراوية؟
على الإطلاق، ليس ثمة أي تغيير في الطبيعة القانونية للقضية الصحراوية. لو تمت المصادقة على المسودة الصفر التي قدمتها حاملة القلم بدعم واضح من فرنسا، لكان يمكن القول إن تغييرا قد حدث، لكن مع المصادقة على القرار في نسخته الأخيرة، والتي تختلف جملة وتفصيلا عن المسودة الأولى وتحتفظ، عكس ادعاءات المغرب، بالعناصر الرئيسية لبناء القانون والشرعية الدولية التي تؤطر نزاع تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية. فنحن نعرف جيدا أن العناصر الثلاثة المشكلة لذلك البناء هي: 1. الصحراء الغربية إقليم غير مستقل ذاتيا، بصدد عملية تصفية استعمار، 2. الحق غير القابل للتصرف للشعب الصحراوي في تقرير المصير وتحديد الوضع النهائي للإقليم، 3. جبهة البوليساريو باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد. وحين النظر إلى القرار 2797 (2025)، نلاحظ أن تلك العناصر حاضرة وبقوة في ديباجة ومنطوق القرار. فهو يجعل من ممارسة الشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير وفق ميثاق ومبادئ الأمم المتحدة الهدف المركزي والنهائي للعملية السياسية المطلوبة، مما يعني أن الشعب الصحراوي وحده هو من سيقرر الوضع النهائي للإقليم، خاصة ما يتعلق منه بالسيادة التي تعتبر مربط الفرس. كما أن القرار يحدد الطرف الآخر للنزاع ألا وهو جبهة البوليساريو ممثل الشعب الصحراوي ويطلب منها التقدم بمقترح أو مقترحات موازية للمقترح المغربي، ويجعل من موافقتها على أي حل شرطا ضروريا لقبوله من طرف المجلس. هذا الحل التوافقي المطلوب يجب أن يكون نتيجة مفاوضات بين الطرفين في إطار الأمم المتحدة وتحت رعاية أمينها العام ومبعوثه الشخصي وبعثتها لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية مينورسو، التي تم التجديد لها سنة كاملة دليلا على استمرار التزام المجتمع الدولي بتصفية الاستعمار وحل النزاع. وبالتالي، فالقرار لم يغير من الطبيعة القانونية للنزاع، بل يكون قد عززها، بالنظر إلى السياق الدولي الذي تم فيه تبني القرار، وكيف بعثت غالبية أعضاء المجلس، بالرغم من الضغوط الشديدة، برسالة قوية لحاملة القلم ولفرنسا برفض تجاوز الطبيعة القانونية للنزاع التي يؤطرها ميثاق الأمم المتحدة خاصة اللائحة 1514 (1960). من ناحية أخرى وجبت الإشارة إلى أن الطبيعة القانونية للنزاع، باعتباره قضية تصفية استعمار، مستمدة من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأي تغيير فيها لا يكون إلا عن طريقها، فهي من تمتلك الولاية الحصرية فيما يتعلق بتصفية الاستعمار وليس مجلس الأمن الدولي.

ماذا عن المواقف التي عبَر عنها المغرب غداة المصادقة على المشروع؟
في الحقيقة، المواقف التي عبر عنها المغرب لم تفاجئ أحدا، فتلك هي طبيعته في التعامل مع القرارات الدولية المتعلقة بالصحراء الغربية منذ بداية النزاع إلى اليوم. اللجوء إلى المغالطة، الافتراء والتدليس لفبركة سردية معينة وفرضها على رأيه العام الوطني أولا، ثم محاولة فرضها على الرأي العام الدولي أيضا.
نتذكر العملية التي قام بها المغرب غداة صدور الرأي الاستشاري للمحكمة الدولية 16 أكتوبر 1975، والذي أكد أن “لا وجود لروابط سيادة ما بين الصحراء الغربية والمملكة المغربية وأن الشعب الصحراوي يجب أن يتمكن من حقه في تقرير المصير”. مباشرة، ألقى الملك الحسن الثاني خطابا متلفزا أكد فيه “أن المحكمة أعطت الحق للمغرب”، مطالبا جمع الشعب بالخروج إلى الشارع للاحتفال والانخراط في “المسيرة الخضراء لاستعادة الصحراء”. التاريخ يعيد نفسه، وملك المغرب محمد السادس يلقي خطابا 31 أكتوبر 2025 عشية مصادقة مجلس الأمن على قراره، مدعيا أن “المجلس أكد سيادة المغرب على الصحراء الغربية وأن الملف تم طيه بشكل نهائي”، معلنا ذلك اليوم عيدا وطنيا سنويا لتخليده كيوم للوحدة الوطنية. وأغلب الظن، أن خطاب الملك ومخطط إخراج المواطنين إلى الشارع للاحتفال قد تم التحضير له بناء على “المسودة الأولى” للقرار التي لم تتم المصادقة عليها. نوع من الهروب إلى الأمام، وأهدافه الرئيسية: 1. على مستوى الداخل: إعطاء الانطباع بالحصول على انتصار وهمي يقلل من حجم الصدمة الداخلية المترتبة عن الهزات الارتدادية لاحتجاجات “جيل زد” وللرفض المتزايد للتطبيع وللإشكاليات الجمة التي يطرحها موضوع الانتقال “غير الآمن” للسلطة من ملك إلى آخر، 2. على مستوى الخارج: محاولة فرض سردية معينة تشكل درعا يختبئ المغرب وراءه، لاحقا، للتنصل من المفاوضات والحل المنسجم مع ميثاق ومبادئ الأمم المتحدة الذي يدعو إليه قرار مجلس الأمن.
تدريجيا، وبعد انقشاع غيمة “الاحتفالات”، بدأت الرؤية تتضح شيئا فشيئا، كما هو بائن في مقالات بعض الصحفيين المغاربة ومواقف بعض الشخصيات والتي تعكس قراءة مخالفة لخطاب الملك ولا تجدد مبررا للاحتفالات التي شهدتها مدن المملكة.

هنالك رأي أو تفسير يتم الترويج له مفاده إن إطار التفاوض هو مقترح المغرب، لو تضعنا في صورة قرار مجلس الأمن؟
صحيح، أن القرار أشار إلى أن “مقترح المغرب حول الحكم الذاتي” يشكل قاعدة للتفاوض، لكنه لم يجعلها القاعدة الوحيدة كما كان يريد المغرب، وحين إشارته إلى المقترح كحل للنزاع، أكد أنه “قد يشكل قاعدة للحل”، لكن ليس بالضرورة، ويشير إلى التفتح لمقترحات أخرى بالموازاة مع ذلك. والحقيقة أنه، إذا وضعنا الصيغة المستخدمة في القرار 2797 في تقديمها لمقترح المغرب في سياق القرارات الصادرة من المجلس خلال السنوات الأخيرة نلاحظ، أن انزياحا جديدا آخر قد حصل في “الإعراب عن أفضلية من مستوى معين” نحو الموقف المغربي، لكنه أبعد ما يكون عما أراده المغرب ولا ما يروج له.
“مقترح الحكم الذاتي” يشكل قاعدة للتفاوض، لكنه ليست القاعدة الوحيدة، وهناك مقترح الطرف الآخر الذي تم تفصيله وتقديمه للمجلس ولاحقا بعث الأمين العام للأمم المتحدة برسالة إلى الرئيس الصحراوي يخطره باستقباله له. والمجلس كان واضحا في الإشارة إلى أن الحل النهائي يجب أن يتبلور من خلال العملية التفاوضية بين الطرفين استنادا إلى مقترحيهما، وأن الحل يجب أن يكون توافقيا بينهما. وعليه، ولئن كانت ثمة أفضلية شكلية تجاه المقترح المغربي، لكنها أفضلية مقيدة ومحاصرة بترسانة من النقاط التي تفرغ المقترح من محتواه، لأنه يتناقض في الجوهر مع طبيعة النزاع القانونية التي تعتبر حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وتحديد الوضع النهائي للإقليم الإطار والهدف النهائي للعملية التفاوضية. “الحكم الذاتي” يصادر الحق في تقرير المصير ويحدد الوضع النهائي للإقليم فيما يتعلق بالسيادة بشكل مسبق للتفاوض ولتقرير المصير.

المبعوث الأممي، صرح بعد المصادقة أن القرار “يوفر إطار عمل – وأؤكد على هذه الكلمة – للمفاوضات. ولا ينص على نتيجة والتي كالعادة – ومن أجل أن تصبح مستدامة – ستنجم عن مفاوضات تُجرى بحسن نية”، ماذا يعني هذا؟
أعتقد أن تصريح المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستافان ديميستورا في ندوته الصحفية يوم 07 نوفمبر الجاري يشكل القراءة السليمة للقرار وأكبر رد على الدعاية المغربية. فالقرار يوفر، بالفعل، إطارا للمفاوضات، حيث يجد كلا من الطرفين المساحة المطلوبة للدفاع عن وجهة نظره، وأن امتناع مجلس الأمن الدولي عن فرض تصور في الحل، هو لإعطاء الطرفين فرصة التوصل لحل توافقي ينسجم مع ميثاق ومبادئ الأمم المتحدة.
وديميستورا محق تماما حين يركز على “حسن النية” كشرط لنجاح العملية، وهو ما يفتقده المغرب منذ بداية مسار التسوية إلى الآن.

الأمم المتحدة دعت على لسان ديمستورا، الأطراف إلى تقديم مقترحات واقتراحات للسماح للأمم المتحدة بتطوير أجندة واسعة للمحادثات المباشرة أو – حتى إذا اقتضت الضرورة – غير المباشرة حول القضايا الأكثر أهمية، ما المقترحات التي سترفعها جبهة البوليساريو؟
وجود الشرعية والقانون الدولي إلى جانب جبهة البوليساريو في قيادتها لكفاح الشعب الصحراوي من أجل تقرير المصير والاستقلال جعلها تمتلك الثقة الضرورية التي مكنتها وتمكنها من اتخاذ المبادرة في تقديم المقترحات الإيجابية الكفيلة بمساعدة الأمم المتحدة في مهمتها لتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية.
آخر المبادرات هي المقترح المفصل الذي تقدمنا به مؤخرا، وهو تفصيل وتحديث للمقترح الذي كنا قد تقدمنا به أفريل سنة 2007.
المقترح يتضمن حزمة من الضمانات التي يقدمها الطرف الصحراوي للمملكة المغربية في حالة ما إذا أفضى استفتاء تقرير المصير إلى خيار الاستقلال. هذا المقترح هو إطار العملية التفاوضية من وجهة نظرنا وهو يزاوج بين “البراغماتية” من خلال التفتح والاستجابة لمطالب وانشغالات الطرف الآخر مادية كانت أو معنوية، و”الشرعية والقانون الدولي” الذي ينص على أن مفتاح تحديد الوضع النهائي للإقليم هو الشعب الصحراوي. وعلى كل، القيادة الصحراوية متفتحة كالعادة للحوار والتفاوض لإنجاح مهمة الأمم المتحدة ومبعوثها الشخصي في تصفية الاستعمار من الإقليم.

في الفترة الأخيرة، حدث التفاف من قبل المفوضية الأوروبية، على قرار محكمة العدل الأوروبية الذي أكد أن الصحراء الغربية لا تنتمي إلى المغرب، ما هو الرد الفعال الذي تتصوره إذا ما بدأ الاتحاد الأوروبي يتجاهل قوانينه وقضاءه؟
للأسف الشديد، هذه ليست هي المرة الأولى التي يلتف فيها الاتحاد الأوروبي على قرارات محكمته فيما يتعلق بثروات الصحراء الغربية. كلما تصورنا أن الملف تم تجاوزه بشكل نهائي على إثر القرارات المتكررة لمحكمة العدل الأوروبية (ديسمبر 2016، فبراير ونوفمبر 2028، سبتمبر 2021 وأكتوبر 2024) والتي ألغت تلك الاتفاقيات بسبب شموليتها للصحراء الغربية التي تعتبر بالنسبة للمحكمة “إقليما متمايزا ومنفصلا عن المملكة المغربية” من دون “الحصول على موافقة الشعب الصحراوي المعني بالحق في تقرير المصير”، كلما عمد الاتحاد الأوروبي عن طريق المفوضية إلى القيام بتأويلات تعسفية للقرارات لتبرير الاستمرار في الشراكة في نهب ثروات الصحراء الغربية مع دولة الاحتلال. هذه المرة هي إعادة انتاج “وقحة” لنفس التمرين من خلال التوقيع مع المغرب على اتفاق جديد يشمل ثروات الصحراء الغربية، والذي دخل حيز التنفيذ، بصيغة “التطبيق المؤقت” يوم 03 أكتوبر 2025.
أقول “وقحة”، لأن مسار التوقيع حدث في إقصاء تام للبرلمان الأوروبي، ومن وراء ظهر الشعب الصحراوي وممثله الشرعي جبهة البوليساريو وبمبرر تأويل تعسفي يهدف إلى فرض الأمر الواقع على الدول الأعضاء من خلال التركيز على حجة أن “عدم التجديد” سيقود إلى انهيار العلاقات مع المغرب بكل ما يترتب عن ذلك من مشكل بالنسبة لأوروبا. للأسف الشديد، أوروبا ما زالت تشكل سياستها في التعامل مع المغرب تحت ظل التصريح الشهير لملك المغرب الحسن الثاني سنة 1994 حين قال لجاك ديلور: “في حالة تعذر تصدير المغرب لطماطمه إلى السوق الأوروبية، فإنه سيصدر، بعد عشر سنوات إرهابيين إلى أوروبا”.
عموما، جبهة البوليساريو التي أكدت محكمة العدل الأوروبية في قرارها التاريخي 04 أكتوبر 2024 “صفتها القانونية وأحقيتها في الترافع أمام محكمة العدل الأوروبية للدفاع عن حقوق الشعب الصحراوي ومصالح إقليم الصحراء الغربية”، ستتقدم بطعن جديد أمام المحكمة العامة شهر ديسمبر القادم لإسقاط هذا الاتفاق الجديد. كلنا ثقة في أن المحكمة ستقوم بإلغائه، وإلغاء اتفاق الصيد الذي يتم التخطيط الآن للتفاوض عليه مع المغرب.

تتولى منصب مستشار للرئيس إبراهيم غالي لشؤون الموارد الطبيعية للشعب الصحراوي، ما هي القيمة التقديرية لنهب الموارد السمكية والمعدنية الصحراوية، وهل سيتم استرداد هذه المبالغ يوما ما؟ هل تمت تسوية قضايا النهب لصالح الصحراويين وممثليهم؟
للأسف، “ثروات الصحراء الغربية” وبدلا من أن تكون “نعمة”، هي “نقمة”، لأنها كانت ومازالت مبرر التكالب الاستعماري على الصحراء الغربية وهي مبرر إصرار المغرب على استمرار احتلال الإقليم والشروع الآن في مرحلة متقدمة من احتلاله الاقتصادي وتوريط فاعلين اقتصاديين دولا وشركات في نهب الثروات. الإقليم غني بثروات معدنية، سمكية وأراضي زراعية خصبة والمغرب، في سباق مع الزمن، يقوم باستغلال محموم لتلك الثروات والأرقام كبيرة جدا. يكفي فقط أن نأخذ الأرقام المترتبة عن الاتفاقين الكبيرين ما بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي والتي تشكل تمويلا كبيرا للاحتلال العسكري المغربي للصحراء الغربية. بين الاتفاقين يجني المغرب حوالي 800 إلى 900 مليون يورو سنويا وهي أموال تعود للشعب الصحراوي المالك الحصري لتلك الثروات بموجب تمتعه بالحق في تقرير المصير. ستافان ديميستورا في ندوته الصحفية يوم 07 نوفمبر الجاري يشكل القراءة السليمة للقرار وأكبر رد على الدعاية المغربية. جبهة البوليساريو لن تدخر جهدا من أجل تكريس سيادة الشعب الصحراوي على ثرواته والحصول على التعويضات الضرورية في هذا الإطار. هناك توجه جاد نحو التقدم بشكوى لطلب التعويض للشعب الصحراوي. هذه معركة مهمة من معادلة المقاومة الوطنية الشاملة.

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...