أثمرت التحركات الدبلوماسية المكثفة التي قادتها الجزائر، ودول أعضاء في مجلس الأمن الدولي، خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، عن إدخال تعديلات جوهرية على مشروع القرار الأمريكي المتعلق بالصحراء الغربية، بعد مشاورات واتصالات مكثفة أجراها مع عدد من نظرائه في الدول الأعضاء بمجلس الأمن، ومع الممثل الشخصي للرئيس الأمريكي المكلف بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مسعد بولس.
وكشفت مصادر دبلوماسية في نيويورك لـ”الخبر” أن المفاوضات داخل مجلس الأمن شهدت خلال الساعات الأخيرة تطورات هامة، أبرزها تأجيل جلسة التصويت إلى غاية مساء الجمعة بعدما كانت مقررة اليوم الخميس، بعد أن وزعت البعثة الأمريكية النسخة الثالثة المعدلة من مشروع القرار الخاص بالصحراء الغربية.
وحملت النسخة الجديدة تغييرات عميقة في مضمونها، بعدما نجحت الجهود الدبلوماسية المبذولة في تصحيح الانحرافات التي تضمنتها المسودة الأولى. فقد جدد المشروع ولاية بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) لمدة 12 شهرا كاملة، بدلا من ثلاثة أشهر كما جاء في النسخة الأولية، وأسقط أي إشارة إلى احتمال إنهاء مهمتها أو تغيير ولايتها.
وأكد النص الجديد، بشكل صريح وواضح، حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وورد هذا الحق مرتين في المشروع، مع التشديد على أن ممارسته تتم وفقا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وبذلك، لم يعد هذا الحق مقيدا بإطار الحكم الذاتي كما حاولت النسخة الأولى فرضه.
ودحضت النسخة الثالثة جميع الأطروحات المغربية التي سعت إلى المساس بالمركز القانوني للشعب الصحراوي ولممثله الشرعي جبهة البوليساريو، إذ نص المشروع صراحة على أن الشعب الصحراوي هو المعني بحق تقرير المصير، وأكد في الوقت نفسه على دور جبهة البوليساريو كطرف أساسي في المفاوضات إلى جانب المغرب.
وحذفت المسودة المعدلة كل العبارات التي كانت تمنح خطة الحكم الذاتي صفة “الأساس الوحيد” أو “الحل الممكن” للنزاع، وفتحت بالمقابل الباب أمام الطرفين، وخاصة الطرف الصحراوي، لتقديم مقترحات جديدة من شأنها المساهمة في التوصل إلى حل نهائي لقضية الصحراء الغربية، في إطارها الصحيح كقضية تصفية استعمار.
وتتواصل المشاورات بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى غاية اللحظات الأخيرة قبل جلسة التصويت، وسط مساعٍ لتضمين مزيد من التعديلات التي تعيد التوازن إلى النص وتكرس مبادئ الشرعية الدولية في معالجة ملف الصحراء الغربية.
المصدر: جريدة الخبر
