القائمة الرئيسية

الصفحات

أميركا في مواجهة الصين وروسيا.. إلى أين يتجه العالم؟


منذ نهاية الحرب الباردة، قامت الهيمنة الأميركية على أساس التواجد الحيوي في مجالين إستراتيجيين: الأول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والثاني في الشرق الأوسط.
ففي آسيا، عززت واشنطن نفوذها من خلال التحالفات مع اليابان، وكوريا الجنوبية، وأستراليا، واتفاقيات التوسع في قواعدها في الفلبين، مع المحافظة على انتشار عسكري متقدم، وسيطرة بحرية في الممرات المائية الحيوية مثل بحر الصين الجنوبي، مع تركيز خاص على ردع أي اعتداء موجه ضد تايوان.
أما في الشرق الأوسط، فقد رسخت واشنطن نفوذها ليس فقط من خلال شراكات أمنية متينة مع دول الخليج، والتعاون الاستخباراتي والعسكري مع إسرائيل، واتفاقيات دفاعية تضمن استمرار تدفق الطاقة مع الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، بل أيضا عبر الدور المحوري لمصر بوصفها محور السياسة العربية والدبلوماسية الإقليمية، ومن خلال شراكة إستراتيجية وثيقة مع إيران قبل 1979 كانت تشكل حجر الزاوية في بنية الأمن الإقليمي الذي ترسمه واشنطن.
غير أن هذا التوازن يواجه الآن تحديات كبيرة من خلال صعود الصين كقوة متقدمة تقنيا وذات حضور عسكري لا يستهان به، وأيضا الغزو الروسي لأوكرانيا وتداعياته المزعزعة للاستقرار، ناهيك عن بروز كوريا الشمالية كدولة نووية حليفة لهؤلاء.
ولعل هذه التفاعلات تجلت بوضوح في الثاني من سبتمبر/أيلول هذا العام حين استضافت بكين أول قمة ثلاثية بين قادة الصين وروسيا وكوريا الشمالية، تزامنا مع اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون، وتلاها مباشرة الاستعراض العسكري الكبير للصين، وهو حدث وصف أميركيا بأنه ولادة "محور الاضطراب" في إشارة واضحة إلى نية هذه الدول إعادة ضبط توازنات القوة العالمية عبر آسيا والشرق الأوسط.
ولهذا التوجه انعكاساته وأبعاده في الشرق الأوسط. فعقب انهيار نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، تقلصت بشكل ملحوظ القاعدة الإستراتيجية لكل من روسيا، وإيران في سوريا.
ومع ذلك، لا تزال طهران تمثل تحديا بالغا للمصالح الأميركية، لا سيما من خلال رفضها المستمر كبح برنامجها النووي، وهو مسار يُنظر إليه من قبل إسرائيل والغرب على أنه يتجه بشكل متزايد نحو تطوير سلاح نووي.

ومن هنا فإن أي دعم من موسكو، وبكين، وبيونغ يانغ، سيكسب إيران المزيد من الجرأة التفاوضية، مما يمكنها من اتخاذ مواقف أكثر تحديا وصلابة تجاه الحلف الغربي.

هذه التفاعلات مجتمعة لا تعقد الحسابات الإستراتيجية الأميركية في المنطقة فحسب، بل تزيد أيضا من النفوذ الذي تمارسه طهران في الشرق الأوسط؛ لتعزيز معادلات الردع الإقليمي في المنطقة بما يخدم مصالحها.

طموحات الصين العسكرية والإستراتيجية
يشكل تطوير الصين قدراتها العسكرية، التي تجلت بوضوح خلال الاستعراض العسكري في الثالث من سبتمبر/أيلول بعدا إضافيا من التحديات الإستراتيجية لتوازنات القوى الدولية.

فقد أظهر الاستعراض مجموعة من الأنظمة المتقدمة- من صواريخ مضادة للسفن فائقة السرعة من سلسلة "واي جيه" وصواريخ باليستية عابرة للقارات إلى أدوات الحرب الإلكترونية، وكلها موجهة بوضوح نحو الردع الإستراتيجي والاستعراض الهجومي باتجاه تايوان، وبحر الصين الجنوبي.

وقد أكدت صور الأقمار الصناعية وجود عشرات من منصات الإطلاق المتنقلة للأسلحة المضادة للسفن، بما في ذلك الصواريخ فائقة السرعة المصممة لكبح القدرات البحرية الأميركية غرب المحيط الهادئ.

كما تضمن الاستعراض أنظمة صواريخ إستراتيجية مثل الصاروخ الباليستي المتحرك على الطرق "دي إف-31 إيه جي"، والصاروخ الباليستي الثقيل "دي إف-41″، وكلاهما قادر على حمل رؤوس عابرة للقارات.

ويكمل هذه القدرات صواريخ باليستية تحت الماء "جيه إل-3" على متن الغواصات النووية، والتي من المتوقع أن توسع قدرات الصين على الوصول لأهداف بعيدة المدى تحت الماء.

علاوة على ذلك، قدم الاستعراض ما يعتقد المحللون الأميركيون أنه أول طائرة قتالية غير مأهولة متخفية وجاهزة للقتال في الصين، طراز "إف إتش-97″، وهي قوة مضاعفة قادرة على التنسيق مع المقاتلات المأهولة في الاستطلاع والضرب والحرب الإلكترونية.

وشملت المنصات الإضافية أنظمة برية مستقلة، وطائرات دون طيار سطحية وتحت سطحية، وأسلحة الطاقة الموجهة، وهي مكونات لانتقال أوسع نحو الحرب متعددة المجالات والمدعومة بالذكاء الاصطناعي.

وهذه القدرات لا تهدف إلى طمأنة الداخل الصيني فحسب، بل توجه إشارات لا لبس فيها للقوات الأميركية والشركاء الإقليميين والخصوم وهي أن الصين لديها قوة لا يستهان بها في المحيط الهادئ، وهي قادرة على تأمين الممرات الحيوية للطاقة إن لزم الأمر.

وهذا من شأنه إعادة تشكيل الصورة النمطية للصين ليس كعملاق اقتصادي فحسب وإنما كشريك فاعل في المشهد الإستراتيجي في المنطقة، وهو ما يؤكده أيضا محاولة بكين تذكير النظام العالمي في هذا الاستعراض العسكري الذي يصادف الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية، بدورها المحوري في إلحاق الهزيمة باليابان، وإسدال الستار على الفصل الأخير في هذه الحرب.

كوريا الشمالية وتحديات الأمن الإقليمي
يحمل التقارب المتجدد بين بكين وبيونغ يانغ آثارا إستراتيجية عميقة على هياكل الأمن الإقليمي والعالمي على حد سواء. فوقوف كيم جونغ أون جنبا إلى جنب مع شي جين بينغ وفلاديمير بوتين يمثل نقطة تحول ليس فقط إلى إحياء التعاون الصيني-الكوري الشمالي، بل إلى توافق مؤسساتي يؤكد طموح كوريا الشمالية في أن يُنظر إليها كقوة نووية حقيقية، وليس كدولة منبوذة.

إعلان
أما تاريخيا، فقد عملت كوريا الشمالية كوسيط سري وفعال في تجارة الأسلحة، إذ إنها قدمت التكنولوجيا الصاروخية والأسلحة التقليدية لدول مثل إيران، وسوريا في عهد نظام الأسد، وكذلك لمجموعات مسلحة غير حكومية مثل حركة حماس، وحزب الله، والحوثيين.

ومن الأمثلة البارزة تزويد إيران بمكونات صواريخ كاتيوشا، والمساهمة في قدرات سوريا الصاروخية الباليستية خلال فترة حكم الأسد. ومؤخرا إطلاق الحوثيين في اليمن صواريخ سكود تعود أصولها إلى بيونغ يانغ.

ومما يثير حفيظة واشنطن الآن هو تلاقي المصالح السياسية مع بكين والتعاون العسكري-التقني مع موسكو، فمنذ سبتمبر/أيلول 2023، أرسلت كوريا الشمالية أكثر من عشرين ألف حاوية من الذخائر، وأكثر من مئة صاروخ باليستي، وما يزيد عن 11 ألف جندي لدعم روسيا في حربها على أوكرانيا، متحدية بشكل صارخ العديد من قرارات مجلس الأمن.

وعلى الرغم من ضعف القدرات العملياتية للقوات الكورية الشمالية، فإن هذا الدعم لروسيا أسهم في تعزيز الكفاءة الميدانية؛ فقد تجاوزت المدفعية والصواريخ الكورية الشمالية، بما في ذلك نماذج من طراز "ناس إن 23″، مستويات الاعتماد التقليدية، حيث وفرت بيونغ يانغ ما يصل إلى أربعين بالمئة من ذخيرة روسيا في الحرب الأوكرانية.

وفي المقابل، حظي نظام كيم بخبرة ميدانية، وتقنيات أسلحة متقدمة، ودعم مالي، مما خلق حلقة مفرغة من التصعيد المستمر.

لذا يحمل هذا التطور تبعات خطيرة ليس فقط لشرق آسيا -حيث تواجه كوريا الجنوبية، واليابان والقوات الأميركية تحديات متزايدة- بل أيضا للشرق الأوسط.

فعلى الرغم من أن عمليات نقل الأسلحة الكورية الشمالية إلى إيران لم تثبت بشكل قاطع دعمها للطموحات النووية الإيرانية، فقد كشفت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية مؤشرات على تورط بيونغ يانغ في مشروع نووي سوري- يعتقد أنه تم تمويله من إيران- والذي استهدفته ودمرته القوات الجوية الإسرائيلية 2007.

كما توجد مؤشرات واضحة على أن كوريا الشمالية دعمت البرنامج النووي الليبي في عهد القذافي بالصواريخ، وتقنيات تخصيب اليورانيوم قبل الإطاحة به في 2011.
ولذلك فإن إمكانية عودة الخبرات النووية الكورية الشمالية إلى الشرق الأوسط تضفي المزيد من التعقيد للعلاقة المتوترة أصلا بين بيونغ يانغ وواشنطن، مما يزيد من الحاجة الملحة للتنسيق الإستراتيجي بين حلفاء الولايات المتحدة، ويعزز الضرورة لمراقبة وكبح انتشار التكنولوجيا المتقدمة من الوصول لخصوم واشنطن.
نحو نظام متعدد الأقطاب
من المنظور الإستراتيجي الأميركي، يمثل تلاقي الصين، وروسيا، وكوريا الشمالية في منظومة واحدة متشابكة تعقيدا متعدد الجوانب إذ قد يُواجَه الضغط في بقعة إستراتيجية ماـ كالردع البحري في بحر الصين الجنوبي ـ بتصعيد في ساحات أخرى، كإمداد دول بعينها في الشرق الأوسط بالأسلحة المتطورة، الأمر الذي يفرض على واشنطن إعادة النظر في إستراتيجيتها، لا باعتبارها مواجهة لمجموعة من التحديات المتفرقة، بل كصراع شامل مع محور متكامل من الدول الساعية إلى مراجعة المعايير الدولية وزعزعتها.
ولا تقف المسألة عند حدود الإشارات العسكرية فحسب، بل إن الاستعراض الدبلوماسي الأخير للقاء زعماء الصين، وروسيا، وكوريا الشمالية وما رافقه من استقبال رسمي يجسدان طموح بكين المتنامي في منازعة القيادة الغربية على صدارة الشؤون العالمية.
وإن دعم بكين الثابت لإيران ـ ولا سيما امتناعها عن تطبيق عقوبات جديدة ومواصلتها شراء النفط الإيراني ـ يُعد سعيا مقصودا إلى تقويض النظم الدولية التي تتزعمها الولايات المتحدة، وإتاحة المجال أمام الدول التي تفرض عليها الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية، للعمل ضمن أطر بديلة.
فوق ذلك، تُضيف العلاقة بين الصين والهند تحديات بالغة التعقيد إلى الحسابات الإستراتيجية الأميركية، إذ اتفق رئيس الوزراء مودي والرئيس شي خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون على تعزيز مساعي خفض التوتر على الحدود، واستئناف الرحلات المباشرة، والنظر كل إلى الآخر بوصفه "شريكا لا خصما"
غير أن رواسب الاحتكاك الطويل الأمد بنظر واشنطن ما تزال قائمة كاستثمارات الصين في البنى التحتية بباكستان، ومطالبها الطموحة بالموارد المائية، فضلا عن الاختلالات التجارية الكبيرة، وهو ما يحول دون تراكم الثقة.
ومن منظور واشنطن، تضع هذه المعطيات الهند في صلب إستراتيجيتها، بما يعزز قيمتها كقوة وازنة في آسيا.
ومن هنا يعكس تطور التعاون الدفاعي والتقني بين الهند والولايات المتحدة ـ بما في ذلك المناورات العسكرية المشتركة وتوسيع الروابط في إطار مبادرات مشتركة ـ تقاربا إستراتيجيا يهدف إلى مجابهة القوة الصينية الصاعدة. ومع ذلك تبقى العلاقة شديدة الحساسية، إذ تحاول الهند التوفيق بين الحفاظ على استقلال قرارها، وتعميق تنسيقها الإستراتيجي مع واشنطن.
ويزداد هذا التوازن إرباكا في ضوء التوترات التجارية الأخيرة، حيث فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية مرتفعة بلغت 50% على طيف واسع من الصادرات الهندية ـ من الألبسة والحُلي إلى المواد الكيميائية ـ في خطوة عقابية ارتبطت بشراء الهند النفط الروسي المخفض، الأمر الذي يثير مخاوف جادة بشأن متانة الشراكة الإستراتيجية.
من ناحية أخرى، تُسهم التحالفات المؤسساتية في ترسيخ هذه التفاعلات، إذ غدت كل من منظمة شنغهاي للتعاون، ومجموعة بريكس بامتدادهما الجديد، ركائز متنامية لنظام ناشئ متعدد الأقطاب.
فمنظمة شنغهاي، التي نشأت ابتداء كتكتل أمني إقليمي، قد توسعت توسعا كبيرا لتضم إيران، وروسيا البيضاء، وأضحت تركز على التكامل الاقتصادي والتنمية المشتركة، الأمر الذي يعزز مكانتها كبديل ذي مصداقية للمؤسسات التي تقودها القوى الغربية.
وعلى النهج ذاته، شهدت مجموعة بريكس تحولا إستراتيجيا عميقا؛ إذ إن انضمام دول شرق أوسطية غنية بالنفط، مثل المملكة العربية السعودية، والإمارات، وإيران، قد ضاعف من وزنها الاقتصادي، وعزز دورها في إعادة تعريف أنماط الحوكمة العالمية عبر الاستثمار، وتوسيع مشروعات البنية التحتية، والسعي إلى تقليص الاعتماد على الدولار.
الإستراتيجية الأميركية في عصر التحديات متعددة الأقطاب
ولكن على الرغم من بروز ما يُسمى "محور الاضطراب" الذي يضم الصين، وروسيا، وكوريا الشمالية، يشوب هذا التوافق تناقضات داخلية وانقسامات إستراتيجية تحد من تماسكه.
ويبرز أحد الشقوق الإقليمية الكبرى بين الهند والصين، إذ أدت النزاعات الحدودية الطويلة إلى مواجهات عسكرية متكررة، على غرار اشتباك وادي جالوان 2020.
ورغم أن اتفاقية دوريات الحدود لعام 2024 أعادت بعض الترتيبات السابقة في مناطق مثل ديبسانغ وديمتشوك، فإن المطالب الإقليمية الجوهرية ما تزال دون حل، ويستمر غياب الثقة المتبادلة.

وتعقد هذه الحالة الهشة للسلام المصالح الإستراتيجية للصين في منطقة الهند والمحيط الهادئ، التي غالبا ما تتصادم مع طموحات الهند الإقليمية.

وبعيدا عن الهند، قد تتوتر العلاقة بين الصين، وكوريا الشمالية أكثر بفعل النفوذ المتنامي لروسيا في بيونغ يانغ. فقد أدت معاهدة الشراكة الإستراتيجية الشاملة لعام 2024، التي تتضمن التزامات دفاعية متبادلة، إلى تزويد كوريا الشمالية لروسيا بالقوات والمساعدات العسكرية في نزاع أوكرانيا، ما يقوض الدور التقليدي للصين كحليف رئيسي لكوريا الشمالية، ويضيف تعقيدات إستراتيجية لبكين، إذ عليها الموازنة بين دعم بيونغ يانغ، ومواجهة التوغل الروسي في نطاق نفوذها.

وتتيح هذه التشققات ضمن "المحور" فرصا إستراتيجية للولايات المتحدة لاستغلالها. فمن خلال تعزيز العلاقات الثنائية مع الهند، لا سيما في مجالي الدفاع وتبادل المعلومات الاستخباراتية، يمكن للولايات المتحدة تعزيز موقف الهند تجاه الصين، وتعقيد الطموحات الإقليمية لبكين.

كما يمكن للولايات المتحدة استخدام نفوذها للوساطة ودعم المخاوف الأمنية للهند، بما يوفر توازنا ضد حزم الصين في منطقة الهند والمحيط الهادئ.

ولمواجهة هذه التحديات، يجب على الولايات المتحدة توطيد تحالفاتها التقليدية في أوروبا وآسيا، من خلال مواءمة موقفها الإستراتيجي والاقتصادي والدبلوماسي مع أهداف الشراكة طويلة الأمد.

ففي أوروبا، يشمل ذلك تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي في جهود السلام في أوكرانيا، مع تقديم ضمانات أمنية ودعم اقتصادي؛ للحفاظ على صمود كييف، وإيصال رسالة واضحة إلى موسكو بأن التضامن عبر الأطلسي لا ينكسر.

وعوضا عن الإجراءات الأحادية مثل فرض رسوم جمركية مرتفعة على شركاء رئيسيين مثل الهند، ينبغي التركيز على بناء شراكات متعددة الأطراف، مثل الحوار الأمني الرباعي مع اليابان، والهند، وأستراليا، مع تقديم حوافز ملموسة في التجارة والتكنولوجيا، وتمويل البنية التحتية؛ لتعزيز التوافق الدائم مع الشركاء الآسيويين، وفي الوقت نفسه تعزيز التماسك داخل حلف شمال الأطلسي.

إعلان
وبالموازاة، يجب على الولايات المتحدة إعادة ضبط إستراتيجيتها في الشرق الأوسط لاستعادة المصداقية مع الشركاء العرب، وإعادة تموضع نفسها كطرف فاعل يمكن الوثوق به.
ويتطلب ذلك الانخراط مع دول الخليج، ومصر، والأردن، فضلا عن سوريا، وتركيا، والشركاء الأوروبيين، في صياغة حل عادل ومستدام للصراع العربي-الإسرائيلي.
وهذا يوجب ممارسة ضغوط فعلية على آلة الحرب الإسرائيلية، عبر ربط المساعدات العسكرية بالشروط، والمطالبة بالإغاثة الإنسانية، ورسم خارطة طريق قابلة للتنفيذ نحو حل الدولتين، بما يقلل آثار الصراع على الاستقرار، ويعزز المكانة الأخلاقية للولايات المتحدة في العالم العربي.
وفي ضوء هذه الوقائع، تصبح الحاجة ملحة أمام واشنطن للانتقال إلى إستراتيجية شاملة متكاملة تشمل إدارة التحالفات، وتعزيز الفاعلية الاقتصادية، وإعادة ضبط المواقف في مناطق متقلبة مثل الشرق الأوسط.
ومن خلال هذه المقاربة، يمكن للولايات المتحدة الحفاظ على مصداقيتها، وترسيخ حضورها الإستراتيجي، وصياغة عالم متعدد الأقطاب تحافظ فيه المبادئ الغربية على تأثيرها وسط تحديات التحالفات المعادية.
المصدر: الجزيرة

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...