القائمة الرئيسية

الصفحات

الدبلوماسية الموازية والخمسينيات الصحراوية.


جبهة البوليساريو تمر بأخطر مراحل كفاحها في الوقت الراهن والشعب الصحراوي قادم على خمسينيات مكاسبه التي حققها بالعرق والدم ولازال يشد عليها بالنواجد: الذكرى الخمسين للوحدة الوطنية، الذكرى الخمسين للإذاعة الوطنية، الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية، الذكرى الخمسين لتأسيس أول حكومة صحراوية في التاريخ، لكن أيضا يتحسس مآسيه في الذكرى الخمسين للغزو العسكري المغربي 31 أكتوبر والذكرى الخمسين للمسيرة السوداء 6 نوفمبر والذكرى الخمسين لتقسيم الوطن 14 نوفمبر. إنها أحداث ومحطات تميز الأشهر القادمة القريبة منا، تجعل من هذه السنة سنة فرض الوجود بتصعيد الهجوم وانتزاع المبادرة أمام سنة الحسم وطوي الملف الذي يسعى ويروج له المحتل.
بغض النظر عن الخمسينيات الصحراوية التي من المفترض أن تكون مناسبة لرفع التحدي ومواجهة المخاطر المحدقة بالمشروع الوطني وليست مناسبة للاحتفالات الفلكلورية، هناك محطتان بالغتا الأهمية جند لهما النظام المغربي كل طاقاته لربحهما أو على الأقل تسجيل نقاط لصالحه على حساب جبهة البوليساريو وهما: 
1) الندوة الدولية - كما يسميها العدو- حول " مبادرة الحكم الذاتي" التي تنظمها وتشرف عليها دولة الإمارات العربية بتأطير من فرنسا واسبانيا وإسرائيل. الندوة من المقرر تنظيمها شهر سبتمبر القادم بنيويورك على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة بعدما فشل تنظيمها في العاصمة الإماراتية، ومدعو لها حوالي 114 وزير خارجية حسب ما سرب من معلومات. الهدف من الندوة هو سحب القضية الصحراوية من اللجنة الرابعة الخاصة بتصفية الاستعمار وتركها في متاهة التسويات السياسية.
2) دورة مجلس الأمن في أكتوبر القادم الخاصة بموضوع الصحراء الغربية والتي تطرق المقال الماضي (أمريكا وورقة الحكم الذاتي) الى المؤامرة التي يمكن أن تحاك من داخل المجلس لإصدار قرار ليس في صالح الشعب الصحراوي.
لا شك أن المسؤولية تستدعي من النخب الصحراوية تفعيل الدبلوماسية الموازية ويرجى من الكفاءات خاصة من منها في أوروبا وأمريكا التي رافعت بقوة عن القضية الوطنية وأوصلتها الى مختلف اقطار العالم بمجهود ذاتي تشكر عليه، يرجى منها في الوقت الراهن أن تتقدم الصفوف لردع الخطر القادم. إن الفاعلين الصحراويين غير الرسميين من ذوي الاختصاص والمعرفة ومن هيئات مجتمع مدني وفروع الجالية ومن إعلاميين ومدونين ومواقع التواصل الاجتماعي عندما يتحرك الجميع بوعي وإدراك كل من موقعه وفي مجال اختصاصه ضمن حملة مركزة ومنظمة تستهدف بالأساس النقطتين السالفتين الذكر لا محالة سيكون لذلك التأثير الكبير وسيأتي بثماره العاجل. إن الدبلوماسية الموازية إن استغلت بحنكة ودراية تشكل في حد ذاتها لوبي صحراوي بأقل تكلفة، ضاغط على أصحاب القرار السياسي الذين يخشون الرأي العام. 
إنه عمل جبار ويقينا إن الكفاءات والطاقات الصحراوية غير الرسمية مؤهلة وقادرة على اختراق مناطق الظل وفتح الأبواب الموصودة أمام الخارجية الصحراوية وتسهيل مهمة هذه الأخيرة في مواجهة التحديات الراهنة. إن الدبلوماسية الموازية أو ما تسمى بالدبلوماسية الشعبية لا يمكن اعتبارها بديلا عن الدبلوماسية الرسمية، إنما هي صيغة مكملة لها، غير مقيدة بالبروتكولات مما يمنحها حرية التحرك وسرعة التنفيذ. إن الكفاءات الصحراوية يجب أن تستهدف في عملها، تثبيت القضية الصحراوية كقضية " تصفية استعمار" يؤطرها القانون الدولي وصمود شعبها خمسون سنة وليست قضية خلاف يستدعي تسوية سياسية في سوق المزاد الدولي.
" تصفية الاستعمار" من الصحراء الغربية هي اليافطة المتميزة التي يجب أن ترفع اليوم في وجه شعارات التسوية والحلول المشبوهة الهادفة الى إخراج القضية الوطنية عن إطارها السياسي والقانوني. إن الدبلوماسية الصحراوية الموازية بيدها أكثر من سلاح لتعزيز هذا الطرح من خلال اللقاءات المباشرة مع كافة مكاتب الخارجية للدول الأوروبية و أمريكا وغيرها سواء كان ذلك على مستوى الوزارات المعنية أو السفارات أو الأحزاب المؤثرة أو كان على مستوى الشخصيات الوازنة أو العالم الأكاديمي من جامعات ومراكز الدراسات، او من خلال اتصالات غير مباشرة ببعث لهذه الجهات رسائل تكشف اللبس والمغالطة التي يروجها المحتل وأصدقاؤه وكذا تمكينها من الاطلاع على البحوث و الدراسات والقرارات التي تعكس باستقلالية تامة، طبيعة المشكل وتلزم المجتمع الدولي احترام تعهده للشعب الصحراوي بيوم واحد ديمقراطي يقرر فيه ما يختار. إعلاميا المجال واسع للدبلوماسية الموازية فالطاقات موجودة وبإمكانها تكثيف التواجد على الفضائيات واستغلال المنصات التي يوفرها الإعلام على مستوى قنوات التلفاز، أو الراديو أو الجرائد أو الإنترنيت، على امتداد شهري سبتمبر وأكتوبر القادمين، كما يمكنها الترافع قاريا ودوليا في الملتقيات أمام المنظمات المعنية خاصة الدورة القادمة للجنة الرابعة بضبط المفاهيم وتصويب المعالجة وتقديم فهما منطقيا ومقنعا لضرورة التعجيل بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية عوض التزحلق فوق رمال الصحراء المتحركة.
بقدر كِبر المسؤولية الملقاة في الوقت الراهن على الأطر الصحراوية في الخارج بتنشيط الدبلوماسية الموازية بقدر ما هو أكبر حجم العمل المتوخى من الدبلوماسية الرسمية يعني وزارة الخارجية في الجمهورية الصحراوي وذلك بضبط عقارب ساعتها على تحديات الأشهر المقبلة بتعزيز مكاتبها على وجه الخصوص في كل من نيويورك و لندن وجنيف بروكسيل و أديس أبابا، بمجموعة منتقاة من إطاراتها المتمرسة والمتمكنة من اللغات الحية كخطوة مستعجلة، مع التهيئة لحضور نوعي ووازن أثناء الدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة وربما من المفيد توجيه رسائل و لما لا، مبعوثين الى كل الدول التي سيحضر وزراء خارجيتها الى ندوة العار المغربية الإماراتية وفضح لهذه الدول المناورة المغربية التي تريد دفع بهم الى الدوس على القانون الدولي تلبية لأطماع التوسع على حساب الحدود الموروثة غداة الاستقلال.
 إن اللقاء ذا المستوى العال الذي تم بالعاصمة لندن الأسبوع الماضي بين وزير الخارجية الصحراوي ووزير شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا البريطاني بمقر وزارة الخارجية لبريطانية، يعتبر خطوة مهمة وبادرة إيجابية تشجع الدبلوماسية الرسمية والشعبية على الرمي بثقلهما ليس لمواجهة الخطر القادم فحسب، بل ازاحته وانتزاع المبادرة من "البوريطية" المنهكة والمتآكلة، التي أصبحت توّكل للإماراتيين والإسرائيليين الدور الدبلوماسي الذي عجزت عن القيام به أمام قوة الحق والقانون.
فلنجعل من الخمسينيات الصحراوية سلاحا لتوحيد الصفوف وشحذ الهمم وتعويض الوقت الضائع من أجل انتزاع المبادرة وتقريب تطبيق الحل، الواقعي والجدي والمنطقي المتمثل في تصفية الاستعمار من آخر مستعمرة افريقية: الصحراء الغربية.
 بقلم: محمد فاضل الهيط

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...