القائمة الرئيسية

الصفحات

ظاهرة الهجرة عبر قوارب الموت تتصدر المشهد الوطني


في الأشهر الأخيرة، تحولت ظاهرة الهجرة عبر قوارب الموت إلى عنوان مرير يتصدر المشهد الوطني، شباب في عمر الزهور يخاطرون بأرواحهم في عرض البحر، هربا من الواقع المرير وضيق الأفق، لكن الحقيقة أن المشكلة ليست في نفور الشباب، بل في غياب التأطير والمرافقة التي تمنحهم بدائل تستجيب لمتطلبات المرحلة.
فالشاب الصحراوي لا يطلب المستحيل، هو فقط يبحث عن فرصة تحفظ كرامته وتخرجه من دائرة البطالة الممتدة، ورغم كل ما تحمله هذه الهجرة من مخاطر ومآس، لا يمكن تجاهل جانبها الإيجابي حين تتحقق في إطار من الوعي والمسؤولية؛ كثيرون ممن وصلوا إلى الضفة الأخرى، أصبحوا سندا لعائلاتهم، وسفراء لقضيتهم، ومصدر فخر للشعب الصحراوي.
وفي هذا السياق، والشيء بالشيء يذكر، حدثني أحد الآباء الذين عملوا سابقا بإحدى المقاطعات الإسبانية، أنه خلال نقاش صريح مع الرئيس الراحل محمد عبد العزيز رحمه الله، تحدث الرجل عن واقع الجالية الصحراوية في إسبانيا، وقال كلمات بقيت محفورة في الذاكرة: كيف يمكن أن نجعل في كل عائلة صحراوية ابنا أو ابنة في إسبانيا، يعينهم على شظف العيش؟
ليست هذه مجرد فكرة عابرة، بل رؤية إنسانية واستراتيجية متبصرة، فالرئيس لم يكن يرى الهجرة كخطر، بل كوسيلة دعم وتمكين، شرط أن تتم في إطار مشروع وطني شامل، يربط بين الداخل والخارج، ويشرك الجميع في تحمل المسؤولية.
من هنا، يجب أن لا نركز على السؤال: لماذا يهاجر الشباب؟، رغم اهميته، بل يجب ان ننتقل إلى السؤال الأهم: كيف نرافقهم ونؤطرهم ليكونوا على ارتباط دائم بالمشروع الوطني؟
إذا أحسن توجيهها، فإن الهجرة يمكن أن تصبح قوة إسناد، ويمكن لكل شاب في الخارج أن يساهم في المشروع الوطني، من موقعه، وبما يستطيع، سواء عبر التعليم، أو العمل، أو الدفاع عن القضية في المحافل الدولية.
لقد آن الأوان لأن نمد جسور التأطير والوعي والانتماء الحقيقي لكل أبناء شعبنا، أينما وجدوا، وأن نتجاوز منطق التهميش أو الإدانة، نحو منطق الاحتواء والتفعيل.
أن تكون صحراويا في أوروبا لا يعني الانسحاب  او خارج المعركة، بل يعني أنك في ساحة نضالية أخرى، لك فيها دور لا يقل أهمية عن أي موقع داخل المخيمات أو الأرض المحتلة أو في الشتات.
*الصالح ابراهيم ولد حيمد*

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...