غزة، المدينة التي صارت رمزًا للدمار والخراب، حيث تتصارع الحياة والموت في كل لحظة. حرب متواصلة بلا رحمة، لا تفرق بين طفل أو شيخ، بين شارع مكتظ أو بيت صغير. الموت أصبح حديث الساعة، يطرق الأبواب برا، وجوا، وبحرا، حتى الجوع صار سلاحًا بطيئًا يقتل بهدوء.
المدن مدمرة، البيوت محطمة، المستشفيات عاجزة، والمدارس أصبحت ملاجئ للناجين من القصف. الصمت العربي، رغم القرب الجغرافي والثقافي، صار وصمة عار، يفضح التبلد السياسي وانعدام الشعور بالمسؤولية الإنسانية. العالم الذي يشاهد، غالبًا من بعيد، يختار الصمت أحيانًا أو الادعاء بالقلق أحيانًا أخرى، تاركًا ملايين البشر يواجهون الموت يوميًا بلا حماية ولا أمل.
الغزيون يعيشون بين نار القنابل ومرارة الحصار، حيث حتى أبسط مقومات الحياة مفقودة: الغذاء محدود، الماء مشحون بالمخاطر، والكهرباء أصبحت حلمًا بعيد المنال. الأطفال يكبرون في ظل الرعب المستمر، والشباب يحلمون بالهجرة كخلاص من واقع يقتل الروح قبل الجسد.
هذه المعاناة ليست مجرد قصة على ورق، بل شهادة حية على إخفاق العالم في حماية الإنسانية. كل لحظة صمت أو تجاهل، كل كلمة غير فعالة من أي جهة مسؤولة، هي وصمة عار على جبين الإنسانية. غزة ليست مجرد مكان على الخريطة، بل مرآة لكل إخفاق أخلاقي وسياسي، وحكاية عن مجتمع عالمي لم يتعلم بعد معنى الرحمة والعدالة الحقيقية.
في غزة، كل يوم هو معركة للبقاء، وكل لحظة هي صراع بين الحياة والموت، وبين الأمل واليأس. الموت قد يأتي بالرصاص، بالقصف، أو بالجوع، لكن الروح الإنسانية في المدينة الصامدة لا تزال تنبض رغم كل شيء، شاهدة على عظمة الصمود، وعار العالم المتخاذل.
سلامة مولود اباعلي