من المنتظر ان تعقد الامانة الوطنية للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب دورتها العادية السابعة منذ المؤتمر السادس عشر خلال الأيام القليلة القادمة في ظل تزايد الاصوات من داخل الجبهة للمطالبة بالإسراع في تنظيم وقفة مع الذات للنهوض بالواقع الوطني ليستجيب لمتطلبات استئناف الحرب المسلحة ضد دولة الاحتلال المغربي والتصدي للمؤامرات الدولية الخطيرة الرامية الى الالتفاف على حقوق شعبنا المشروعية في تقرير المصير والاستقلال. إن الامانة الوطنية، باعتبارها أعلى هيئة للحركة والدولة، مطالبة بتحمل مسؤولياتها التاريخية اتجاه طغيان مظاهر ضعف التسيير والانفلات الأمني، والوفاء بما اقسموا عليه امام الشعب في صيانة قضيته والحفاظ على سيرورة كفاحه حتى النصر.
في هذا الاطار، من المفيد جدا استحضار نصوص القانون الأساسي الصادر عن المؤتمر السادس عشر المتعلقة بصلاحيات ومهام هذه الهيئة، حيث تنص المادة (77) على أن " الامانة الوطنية برئاسة الامين العام، هي الهيئة العليا للجبهة والدولة بين مؤتمرين"، كما توضيح المادة (94) مهامها في: وضع خطط السياسة العامة وتطوير جميع جوانب الكفاح انطلاقا من برنامج العمل الوطني، تقييمها واتخاذ الاجراءات المناسبة للنهوض بالتسيير، بالإضافة الى انها تتخذ القرارات في القضايا المصيرية كالحرب، السلم والمفاوضات (المادة 99) وفي قضايا أساسية مثل ابرام المعاهدات وإعلان الطوارئ (المادة 98).
ولتجنب الاتكالية بين الأعضاء، لابد من تذكيرهم بالقسم الذي الزموا انفسهم به فرادى حال انتخابهم حسب ما تنص عليه المادة (90) من القانون الأساسي: "أقسم بالله العلي العظيم، ان احترم الدين الاسلامي، وأحترم القانون، وأتقيد بثوابت الجبهة، وأن ابذل كل طاقاتي من اجل تجسيد ارادة الشعب في الحرية والعدالة وتطبيق اختياراته وتحقيق اهداف كفاحه المتمثلة في الاستقلال وأن اتعهد بالوفاء للشهداء، وأن احافظ على الانسجام داخل هيئتي وداخل جميع هيئات الجبهة وأن اسهر على حماية حقوق المواطنين وأن اتحمل مسؤولياتي بكل جدية وصدق، وأن اتحلى بالمثالية والنزاهة والخلق الحسن وأن اصون الممتلكات العامة وأن ابتعد عم مزاولة اي نشاط أو اعتناق اي فكر يتناقض مع خط الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب وأخلاق المجتمع وأن أضع مصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار والله على ما أقوله شهيد".
كما انه من المفيد تذكيرهم بمبادئ الجبهة المنصوص عليها في المادة (06) من القانون الأساسي وهي: الكفاح المسلح، التضحية، التشبث بوحدة الشعب، المسؤولية، الالتزام، السرية، الصراحة البناءة، النقد والنقد الذاتي، المثالية، الامانة، الإخلاص للوطن. كما أنه من المفيد تذكيرهم بالثوابت المنصوص عليها في المادة (07) من القانون الأساسي وهي: الشعب مصدر السيادة والشرعية، الوحدة الوطنية، الكفاح من اجل الاستقلال الوطني والبناء، وحدة التراب الوطني، صيانة قيم الشعب الصحراوي وحماية مقومات شخصيته الوطنية واحترام الحريات الاساسية للإنسان المحددة في الدستور.
بلا شك أن الامانة الوطنية على دراية تامة بآن غالبية الشعب غير راضية عن الأداء العام وبالخصوص ادارة مرحلة الحرب الثانية التي يخوضها شعبنا منذ 13 نوفمبر 2020، مما يجعل عدم انكباب هذه الهيئة على علاج هذه الاشكالية في ما مضى خيانة لما اقسم عليه اعضائها وتقصير في الصلاحيات والمهام المنوطة بهم مجتمعين. بناء على ذلك، بادرت مجموعة من المناضلين يوم 10 ماي الماضي، الذي صادف الذكرى 52 لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، بنشر عريضة مفتوحة موجهة للأمين العام وأعضاء الامانة الوطنية للراي العام لتنبيههم الى العواقب الوخيمة لاستمرار الوضع القائم. وتطالب العريضة بعقد مؤتمر استثنائي في آجال أقصاها سبتمبر القادم، وفي الوقت نفسه تدعو النخبة والقواعد الشعبية الى احتضان هذه العريضة بالتوقيع عليها والتفاعل مع محتواها بشكل ايجابي لدفع الهيئة العليا على اتخاذ هذه الخطوة المصيرية في هذا الوقت الحساس والدقيق.
لا يذهب احد بعيدا في التحليل ولا في التحريم في من أين جاءت هذه العريضة أو كيف جاءت أو من هم وراءها أو ما الهدف منها؟ فببساطة، العريضة، ليست تيارا ولا حركة موازية بقدر ما هي فكرة ولدت من صلب انشغالات هذا الشعب ومخاوفه على مصيره. وهدفها اعادة قاطرة كفاحنا الى سكته الاصلية وإحداث قطيعة مع سياسات وسلوكيات الواقع الذي نعيشه التي بالكاد دمرت كل شيء، هدفها استعادة الثقة في الذات لتصعيد الكفاح وتحرير الوطن وصد المؤامرات التي تحاك في واشنطن، نيويورك، باريس وتل ابيب، هدفها احتواء الانسان الصحراوي، بناءه والاستثمار فيه، هدفها بناء المجتمع والمؤسسات على اسس حضارية واقامة العدالة وقيم الديمقراطية ووضع الانسان المناسب في المكان المناسب، هدفها تقوية عوامل الصمود وتحسين الخدمات وتطوير التعليم والصحة، هدفها محاربة الفساد، الاقصاء والتهميش، القبلية والمحسوبية والولاءات للأشخاص على حساب الوطن.
الا يستحق مثل هكذا مبادرات إشادة من القيادة الوطنية او على الأقل تفاعل إيجابي معها؟ إن كانت النوايا حقا صادقة وجادة، فما المانع إذا من ان تتبنى القيادة الوطنية في دورتها القادمة إطلاق حوار وطني لتقييم اوضاعنا بكل تجرد لإبراز التحديات والوقوف على مناحي الضعف حتى يتبين لكل صحراوي الخيط الأبيض من الاسود في هذا الواقع المظلم الذي نعيشه اليوم.
02 يوليوز 2025