أصبح بيدرو سانتشيز وحيدا في موقفه الشاذ من دعم الحكم الذاتي المغربي، وحتى المخزن، نفسه، أصبح مقتنعا أن صفحة دعم إسبانيا، كدولة، للحكم الذاتي قد تم طيها، وأن عليه أن يبدأ الضغط على مدريد من جديد بكل الوسائل. الآن يعيش بيدرو سانتشيز أياما حالكة، بل أحلك أيامه، فهو محاصر بالفساد من كل جانب، والمغرب يهدده بالمهاجرين والمخدرات وبخنق سبتة ومليلية.
الحزب الشعبي الإسباني يعلن دعمه صراحة للأمم المتحدة
بعد انعقاد مؤتمره الأخير، نهاية الأسبوع الماضي، أصدر الحزب الشعبي الإسباني وثائق المؤتمر الأدبية التي سيسير الحزب على ضوئها في المرحلة القادمة، وحازت وثيقة برنامج العمل الوطني على المستوى الخارجي على إجماع كل المؤتمِرين، وفيها وعد من الحزب بالعودة إلى قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية في قضية الصحراء الغربية، والعودة إلى التوازن في العلاقات مع الجزائر والمغرب.
تقول الوثيقة المذكورة: “من ركائز سياستنا احترام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بالصحراء الغربية”، أما فيما يخص العلاقة مع الجزائر والمغرب فتقول الوثيقة: “نسعى إلى علاقة متوازنة مع المغرب والجزائر، بلدان جاران عظيمان على حدودنا الجنوبية يتطلب التعاون معهما رؤية استراتيجية وحزمًا. يجب أن نسعى إلى أفضل علاقة ممكنة مع المغرب والجزائر بطريقة متوازنة، لأننا نرغب في الاستقرار في المغرب العربي. في إطار الاتحاد الأوروبي، سندافع دائمًا عن مصالحنا: الهوية الإسبانية لسبتة ومليلية”.
يشكّل هذا البيان صدمة مسبقة مهمة للمخزن من طرف الحزب الشعبي الإسباني، الذي تشير كل استطلاعات الرأي إلى أنه سيفوز لو تم إجراء انتخابات مسبقة الآن. هذا البرنامج المكتوب الذي صادق عليه مؤتمر الحزب المذكور يرسل إشارة قوية إلى المخزن، وهي أن الحزب، إذا فاز، وهذا محتمل بنسبة كبيرة، لن يرتكب خطأ بيدرو سانتشيز الذي تخلى عن مبدأين أساسيين في السياسة التقليدية الإسبانية وهما: دعم الشرعية الدولية في الصحراء الغربية، وخلق التوازن بين المغرب والجزائر.
معهد “آلكانو” الاستراتيجي: المغرب أكبر عدو خارجي لإسبانيا
الصفعة الثانية التي تلقاها المخزن، في هذه الأيام، هي الدراسة السنوية الشهيرة التي ينشرها معهد Elcano، المعهد الملكي الإسباني المتخصص في الدراسات الإسبانية الاستراتيجية، الذي نشر تقييمه السنوي لاستطلاعات الرأي الإسباني لسنة 2025م، حول أحوال البلاد، والتي كانت فيها مفاجأة صادمة للمخزن وهي أن نسبة 55% من الإسبان يعتبرون المغرب هو العدو الرئيسي الأول الخارجي لبلدهم، وهي نسبة زادت بمعدل 7% مقارنة مع نسبة دراسة السنة الماضية. ارتفاع هذه النسبة مرده إلى أن الإسبان مقتنعون أن المخزن يستهدفهم، ويشن عليهم حربا شعواء في الداخل والخارج، وأنه يتآمر عليهم، وأن لا ثقة فيه.
كل هذه المؤشرات تدل أن معركة وشيكة كبيرة -قد لا تكون عسكرية- قد تنشب بين البلدين، والسبب هو أن الشارع الإسباني، ومثله الطبقة السياسية، يرفضون قبول الأمر الواقع الذي يريد المغرب فرضه، من خلال الابتزاز، على إسبانيا، لاعتراف بيدرو سانتشيز بالحكم الذاتي المغربي في الصحراء الغربية
الكاتب : السيد حمدي يحظيه
المصدر: الشروق أونلاين