شهدت عدد من المدن الألمانية خلال الأيام الماضية سلسلة من الأنشطة السياسية والثقافية التي نظمتها البعثة الدبلوماسية الصحراوية بالتعاون مع جمعيات ومنظمات ألمانية متضامنة.
وتدخل الأنشطة في إطار الجهود المستمرة للتحسيس وتعزيز الوعي بالقضية الصحراوية وفضح الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يتعرض لها الشعب الصحراوي في ظل الاحتلال العسكري المغربي للأراضي الصحراوية.
وضمن فعاليات مهرجان الثقافات بمدينة رافنسبورغ الواقعة جنوب ألمانيا، قدم الصالح سيد المصطفى، الممثل المساعد لجبهة البوليساريو بألمانيا، محاضرة شاملة حول المسار السياسي والتحرري الصحراوي.
وتناول العرض الجذور التاريخية للنزاع، بدءًا من الاستعمار الإسباني وصولًا إلى الاجتياح المغربي سنة 1975، مرورًا بمقاومة الشعب الصحراوي السياسية والعسكرية، وكفاحه من أجل نيل حقوقه المشروعة في تقرير المصير والاستقلال.
وفي العاصمة برلين، احتضنت منطقة كرويتسبرغ الثقافية يوم أمس عرضًا للفيلم الوثائقي "أبيات: قصة نساء على خط المواجهة في الصحراء الغربية"، الذي يوثق لتجارب نساء صحراويات يقفن في الصفوف الأمامية للمقاومة السياسية والحقوقية، سواء من خلال النضال في الجمعيات الحقوقية داخل المدن المحتلة، أو من خلال توثيق انتهاكات حقوق الإنسان وحفظ الذاكرة.
ويقدم العمل شهادات إنسانية قوية لنساء تعرضن للقمع والملاحقة والاعتقال، لكنه في المقابل يظهر أيضًا إصرارهن على الصمود والاستمرار في مقاومة الاحتلال، والدفاع عن الهوية والثقافة الصحراوية.
وأعقب عرض الفيلم نقاش سياسي شارك فيه عدد من النشطاء الألمان، حيث تم التركيز على الوضع الميداني في الأراضي المحتلة، والانتهاكات الممنهجة ضد المدنيين، وخصوصًا المدافعين عن حقوق الإنسان والإعلاميين المستقلين. كما قدمت "مجموعة الخيمة للتضامن" عرضًا عن عملها الثقافي والفني، الذي يهدف إلى كسر الحصار الإعلامي المفروض على الصحراء الغربية، وإيصال صوت الشعب الصحراوي إلى مختلف الفئات الألمانية من خلال الفن والموسيقى والتواصل الشعبي.
وخلال الفعاليات، قدم الممثل المساعد لجبهة البوليساريو بألمانيا مداخلة هامة حول دور البعثة الصحراوية في برلين، مشيرًا إلى أنها تعمل وفق استراتيجية تهدف الى زيادة الوعي السياسي والإعلامي داخل المجتمع المدني الألماني حول حقيقة النزاع وأبعاده القانونية.
كما تعمل على فضح عمليات النهب غير المشروع للثروات الطبيعية الصحراوية وكذا التواصل المستمر مع المسؤولين وصناع القرار في ألمانيا، ولفت انتباههم لمسؤولية بلادهم تجاه استمرار احتلال الصحراء الغربية في سياق التزاماتات الحكومة الفيدرالية الدولية، أو ضمن الاتحاد الأوروبي، أو تحت مظلة الأمم المتحدة.
وطوال شهر يونيو الجاري شهدت دار الديمقراطية وحقوق الإنسان ببرلين تنظيم معرض توثيقي مخصص لأبطال ملحمة أكديم إيزيك، حيث لاقى المعرض اهتمامًا واسعًا من قبل عدة وفود طلابية وسياسية ألمانية.
ويعكس المعرض جوانب متعددة من هذه المحطة النضالية المفصلية في تاريخ المقاومة المدنية الصحراوية، من خلال صور أرشيفية، وثائق، وشهادات حية تروي معاناة المعتقلين السياسيين الصحراويين. بما أتاح للزوار فرصة التعرف على السياق السياسي والحقوقي لمعركة أكديم إيزيك، التي تُعد لحظة رمزية تجسد نضال الشعب الصحراوي السلمي من أجل الكرامة والعدالة وتقرير المصير.
وقد عبّر عدد من أعضاء الوفود الزائرة عن تأثرهم العميق بالشهادات الإنسانية المعروضة، مؤكدين التزامهم بمواصلة التضامن، ومرافقة ضحايا القمع السياسي في الصحراء الغربية، والدعوة لإطلاق سراح كافة المعتقلين الصحراويين، وعلى رأسهم مجموعة أكديم إيزيك.
وتعكس هذه الأنشطة المتعددة عمق التحول الإيجابي في الرأي العام الألماني تجاه قضية الصحراء الغربية. فقد شهدت السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا في حجم وفعالية التضامن الألماني مع الشعب الصحراوي، حيث باتت القضية الصحراوية تحظى باهتمام أكبر في الفضاءات الثقافية والإعلامية الألمانية، مع تزايد الأصوات المطالبة باحترام الشرعية الدولية، ووقف النهب الممنهج للثروات الطبيعية، ودعم مسار تقرير المصير كحل وحيد وعادل للنزاع