القائمة الرئيسية

الصفحات

بريطانيا تكتشف كذب المخزن وتطوي صفحة خط الكهرباء الوهمي!


كتبنا مرة ماضية في جريدة “الشروق”، وبالضبط بتاريخ 4 جوان 2025م، تحت عنوان: “هكذا خَدع المخزن المملكة المتحدة: خط كهربائي وهمي واستثمارات مستحيلة في الصحراء الغربية المحتلة”، وقدمنا الحجة الدامغة على أن ذلك المشروع هو وهم في وهم، وأنه مستحيل التحقيق، وأن المخزن لا يعرف الصحراء الغربية ولا يعرف مناخها ولا الاستثمارات التي يمكن تجسيدها فيها، وقلنا إن المنطقة التي قال المغرب إنه سيحصل منها على الطاقة الشمسية النظيفة- منطقة وادي درعة-تقع في منطقة محتلة، والصحراويون يعرفون أن مناخ تلك المنطقة ليس مناخ الصحاري التي يمكن استخراج الطاقة النظيفة منها وتحويلها إلى كهرباء، وأنه حتى لو تم استخراج طاقة نظيفة من تلك المنطقة فسيكون من المستحيل شحنها عبر كابل على مسافة آلاف الكيلومترات خاصة أنه يمر عبر المحيط الأطلسي الخطير، كما قلنا أن التمويل سيكون حجر عثرة أخرى.

الآن، يبدو أن المملكة المتحدة عادت إلى رشدها، واكتشفت أن المخزن كذب عليها في سبيل أن يحصل منها على دعم لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء الغربية. فمباشرة بعد تصريح وزير الخارجية البريطاني بتاريخ أول جوان، الذي قال فيه إنه يدعم الحكم الذاتي المغربي، بدأت الآلة البريطانية تعمل، وتقيّم هذه “المشاريع” التي حصل عليها وزير الخارجية البريطاني مقابل اعترافه بالحكم الذاتي المغربي. التقييم قاد إلى أن الكابل الكهربائي الخيالي -أهم ورقة مقايضة- الذي “سينقل” الكهرباء النظيفة من المغرب إلى بريطانيا هو مجرد كذبة، وأنه مستحيل التجسيد ومستحيل تمويله، وأن على الحكومة البريطانية طي صفحته بشكل نهائي. بتاريخ 27 جوان، أعلنت بريطانيا تخليها عن فكرة ومشروع الكابل الكهربائي الذي وعدها به المغرب، وقالت إنها طوت صفحة التفكير فيه وطوت صفحة تمويله.

لقد تناولت كبريات الصحف والجرائد العالمية خبر تخلي بريطانيا عن مشروع الكابل الكهربائي مع المغرب وهو ما سيشكل إحباطا كبيرا للمخزن الذي انكشف خداعه وأكاذيبه. فمثلا، كتبت جريدة hespress  english   بتاريخ 27 جوان2025م، أن بريطانيا جمدت مشروع الربط الكهربائي البحري مع المغرب، وقالت: “صرح وزير الطاقة مايكل شانكس في بيان مكتوب للبرلمان أن حكومته خلصت إلى أنه ليس من المصلحة الوطنية للمملكة المتحدة في الوقت الحالي مواصلة دراسة دعم مشروع الطاقة المغربي البريطاني”.

تواصل الجريدة قائلة: “رغم أن حكومة المملكة المتحدة حددت هدفًا يتمثل في التخلص من الكربون من قطاع الكهرباء بحلول عام 2030م بشكل أساسي، إلا أنها صرحت يوم الخميس أن الاستثمار في مشاريع الطاقة المحلية من المرجح أن يحقق فوائد اقتصادية أكبر (من فوائد الربط الكهربائي البحري مع المغرب). وحسب البرلمان البريطاني فإن وزير الطاقة مايكل شانكس، قال في البرلمان، أن الكابل الكهربائي الذي يربط المملكة المتحدة مع المغرب لم يعد من الأولويات.

ورغم الدعاية المغربية الكبيرة للترويج للكابل الكهربائي، وأنه سيزود حوالي سبعة ملايين بريطاني بالطاقة الكهربائية النظيفة المستخلصة من الريح والشمس بحلول عام 2030م، وأن سعر الكهرباء المستخلصة من هذه الطاقة لا يصل إلى نصف سعر الطاقة العادية، وأن المشروع هو مشروع القرن، إلا أن الدراسات التقنية أثبتت العكس، وأثبتت أن المخزن ضحك على ذقون البريطانيين.

وليست الحكومة البريطانية وحدها هي التي اكتشفت كذب وزيف ادعاءات المخزن، لكن يبدو أن الحكومة الأمريكية اكتشفت نفس سيناريو الأكاذيب والتزوير فيما يخص مشاريع وعدتها بها الحكومة المغربية على الساحل الصحراوي منذ سنة 2020م، تاريخ اعتراف ترامب بالحكم الذاتي المغربي. فعلى ما يبدو، أن المخزن وعد بفتح ميناء عظيم في مدينة الداخلة المحتلة، ووعد الأمريكيين بفتح قنصلية في تلك المدينة، لكن بعد الدراسة الميدانية تم التأكد من أن الموانئ التي تحلم بها الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات لا يمكن إنشاء أي منها على شاطئ الداخلة، ولا على أي نقطة من الساحل الصحراوي بسبب التيارات البحرية الأطلسية العنيفة، وبسبب عدم وجود عمق كبير عند الساحل الصحراوي يسمح برسو السفن العملاقة، كما أن تلك المنطقة ليست طريقا تجارية مهمة.

بسبب هذه الكذبة أو الخدعة لازالت الولايات المتحدة الأمريكية ترفض فتح قنصلية لها في مدينة الداخلة المحتلة رغم مرور خمس سنوات على الوعد المغربي الكاذب. وإذا كانت بريطانيا قد صرحت أنها طوت ملف الكابل الكهربائي البحري مع المغرب، وكانت واشنطن قد اكتشفت أوهام بناء موانئ عملاقة على الساحل الصحراوي، فإن هناك ضغطا داخليا كبيرا في نيجيريا كي تعلن صراحة طي صفحة ملف أنبوب الغاز الذي يحلم المغرب أن يصل إليه ذات يوم. فإذا كانت عوائق الكابل الكهربائي الذي تخلت عنه بريطانيا هي أنه ينطلق من أراض محتلة-الصحراء الغربية- وتعيق تنفيذه تيارات المحيط الأطلسي العنيفة، ولا يمكن توفير تكلفة بنائه في البحر، فإن خط أنبوب الغاز الوهمي مع نيجيريا يواجه نفس المشاكل: سيمر من مياه الصحراء الغربية المحتلة، سيواجه صعوبات التجسيد بسبب عدم الاستقرار، ولا يمكن توفير المبلغ المالي لتجسيده، والذي يصل إلى 30 مليار دولار.

الآن أي دولة ستعقد اتفاقية مع المغرب حول مشاريع كبيرة، ستفكر ألف مرة قبل أن توقّع على مثل هذه الاتفاقيات. فعلى ما يبدو أن المغرب، في محاولة منه لتشريع احتلاله للصحراء الغربية، يورط الدول في مشاريع وهمية في الصحراء الغربية ذاتها، لكن الوقت وفداحة الأكاذيب تجعل دول العالم تكتشف ذلك لاحقا وتحذر من مغامرات كهذه.
الكاتب : السيد حمدي يحظيه 
المصدر : الشروق أونلاين 

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...