القائمة الرئيسية

الصفحات

سانشيز وحيدا في مواجهة إسبانيا وقد يغدره المخزن


بعد اعتراف ترامب، وحده، من دون المرور لا بالكونغرس ولا بالحكومة، بالحكم الذاتي المغربي في الصحراء الغربية، نهاية سنة 2020م، وجّه المخزن كل أسلحته القذرة نحو إسبانيا كي يحصل منها أو من رئيس حكومتها على موقف مشابه لموقف ترامب.
مع بداية2021م، بدأ ضغط المخزن على إسبانيا لمحاولة تركيعها كدولة، بالهجوم عليها بسلاح الهجرة وقوارب الموت، وبخلق مشاكل لها على خلفية علاج الرئيس الصحراوي في مستشفياتها، لكن حين تأكد له أن لا الشعب الإسباني ولا البرلمان ولا الحكومة سيذعنون، لجأ إلى التعاون مع الكيان الصهيوني والانفراد برئيس الحكومة الإسبانية واستهدافه ليحصل منه -على الأقل- على موقف مماثل لموقف ترامب.

في صيف سنة 2021م، نجحت العملية الاستخباراتية الخطيرة التي نفذها المخزن في إسبانيا، بواسطة برنامج تجسس إسرائيلي اسمه بيغاسوس، وتمت قرصنة الكثير من خطوط الهواتف الرسمية الإسبانية. من بين الهواتف التي استهدفها المخزن، وسيطر عليها نجد خطوط هواتف رئيس الحكومة، بما فيها من معلومات حساسة، بعضها داخلي وبعضها له علاقة بالسياسة الخارجية. المُقلق بالنسبة للإسبان إنهم يعتقدون أن رئيس حكومتهم كان يستعمل ويمتلك أكثر من خط، وأن كل تلك الخطوط تمت السيطرة عليها من طرف المخزن. كان الهدف من عملية التجسس الخطيرة على هواتف رئيس الحكومة الإسبانية هو، في المقام الأول، الضغط عليه وابتزازه ليُحْدِث تغييرا جذريا تاريخيًا على الموقف الإسباني من قضية الصحراء الغربية، ويخرج من دائرة الحياد المريح، ويدعم الحكم الذاتي المغربي مثل ما فعل الرئيس الأمريكي ترامب، تحت ضغط الابتزاز، استسلم بيدرو سانتشيز للمخزن، واعترف بالحكم الذاتي المغربي.

لم يفهم أحد ما حدث بالضبط، ولم يعرف أحد خلفياته ولا ما هي أسبابه ودوافعه، وما هو الثمن الذي حصلت عليه إسبانيا مقابل ذلك الموقف غير الاخلاقي الذي تم وصفه بالخيانة الثانية بعد خيانة اتفاق مدريد سنة 1975م.

مدريد تتبرأ… وحزب نائبه يطالب بتقرير المصير
في ماي 2022م، صرحت الحكومة الإسبانية أن هواتف رئيسها وهواتف بعض أعضائها تم قرصنتها، لكن لم توجه الاتهام إلى أية جهة. وعلى عكس الحكومة التي التزمت الصمت، وجهت الصحافة والشارع والمختصون أصابع الاتهام إلى المغرب كمصدر للقرصنة، وتم تحديد برنامج بيغاسوس الصهيوني كأداة اُستعملت في ذلك التجسس. التفتت إسبانيا، كلها، ببرلمانها وصحافتها وساستها وأكثرية حكومتها وخبرائها إلى رئيس الحكومة، وربطت استسلامه المشين للمخزن بابتزاز تعرض له على خلفية التجسس على هواتفه. الآن، مضت ثلاث سنوات على الرسالة التي كتبت بيدرو سانتشيز إلى المخزن، ولازالت تداعياتها تطارده في كل مكان. لازالت الصحافة تكتب باستمرار عن تلك الرسالة وتنتقدها، ولازال الساسة الإسبان يسألون رئيس الحكومة عن المقابل الذي حصل عليه مقابل انقلابه على موقف الحياد الإسباني، ولازال البرلمان يطلب توضيحات، وهناك من يهدد ويطالب القضاء أن يتدخل كي يرغم رئيس الحكومة على التصريح بالسبب الحقيقي لتغيير الموقف من القضية الصحراوية. وترسّخ اعتقاد الإسبان أكثر أن رئيس حكومتهم يخضع لابتزاز مغربي خطير، عندما بدأ يقدم التنازل تلو التنازل، ويقدم الأموال والإمكانات مجانا للمغرب، ويخضع للإملاءات التي تصدر من الرباط. كدليل ملموس على رفض الإسبان لسياسة بيدرو سانتشيز الخاصة بالصحراء الغربية، وجّه حزب “سومار”، الذي تترأسه، دياز، نائب الرئيس الأولى ووزيرة العمل، ضربة قاضية لبيدرو سانتشيز بمناسبة مرور ثلاث سنوات على رسالته إلى ملك المخزن، وجدد هذا الحزب رفضه للسياسة التي تنتهجها الحكومة بخصوص الصحراء الغربية، وتمسك باستفتاء تقرير المصير، وبالشرعية الدولية، حسب جريدة Okdiario، الصادرة يوم 13 ماي، فقد قال الحزب المذكور في بيان وتصريح يرد فيه على وزير الخارجية خوسي ألباريس: “لقد فشلت إسبانيا في الوفاء بالتزاماتها تجاه الأمم المتحدة، باعتبارها القوة الإدارية للصحراء الغربية، لأنها لازالت مسؤولة عن ضمان إنهاء الاستعمار، وتقرير المصير من خلال الاستفتاء. إن دعم “مغربية الصحراء” يعني التهرب من تلك المسؤولية، ويعني دعم الاحتلال المغربي، وإضفاء الشرعية على نظام ديكتاتوري ينتهك حقوق الإنسان بشكل خطير”.

انقلاب المخزن على بيدرو سانشيز غير مستبعد
بسبب موقفه الغريب من قضية الصحراء الغربية، وبسبب رفضه تقديم إيضاحات حول ذلك الموقف، يقف بيدرو سانتشيز الآن محبطا في قفص الاتهام وحيدا لا يدعمه إلا ظله، خاصة بعد تشكيل لجنة في حزبه تدعم استقلال الصحراء الغربية. واذا كان بيدرو سانتشيز قد ناور طويلا وتهرّب من مواجهة الحقيقة، فإن المناورة يمكن أن تكون وصلت إلى نهايتها. ورغم أن المخزن حصل على كل ما كان يريد من سانتشيز، إلا أنه يبدو محبطا، لأنه متأكد أن القوى الحية والشعوب الإسبانية ترفض الاعتراف بالحكم الذاتي، وأن ذلك الاعتراف مرتبط فقط بشخص بيدرو سانتشيز وبالابتزاز. المعادلة يمكن أن تُقرأ من الخلف الآن: هناك احتمال أن المخزن بدأ يفكر في مرحلة ما بعد بيدرو سانتشيز، ويمكن أن يتقرب للمعارضة الإسبانية بضرب حكومة بيدرو سانتشيز بتسريب المعلومات التي تمت قرصنتها من هاتفه. منذ يوم 11 ماي، بدأت موجة من التسريبات الخطيرة نشرتها جريدة El Mundo لمكالمات واتساب من هاتف بيدرو سانتشيز، وهذه التسجيلات من المحتمل أن تضرب وحدة الحزب الاشتراكي الحاكم، وتقوض سلطة بيدرو سانتشيز نفسه وتسهل انقضاض المعارضة على الحكم. السؤال المطروح هو منْ الذي سرّب تلك المعلومات إلى الصحافة؟ مثل ما أشارت أصابع الاتهام إلى المخزن في الضلوع في انقطاع الكهرباء عن إسبانيا وتخريب خطوط السكك الحديدية، فقد تشير، أيضا، إلى المخزن في قضية تسريب مكالمات بيدرو سانتشيز. الجهة الوحيدة المتهمة إنها سيطرت على معلومات هواتف رئيس الحكومة الإسبانية، منذ ثلاث سنوات، بواسطة برنامج بيغاسوس الصهيوني، هي المخزن، ولا يمكن استبعاد أنه سربها للصحافة الإسبانية المناوئة لرئيس الحكومة لتدميره. تسريب مكالمات بيدرو سانتشيز، إذا كان مصدره من المخزن، فإن هدفه إما تهديد بيدرو سانتشيز أن عليه أن يقدم مزيدا من التنازلات حتى لا تُسرب بقية المعلومات، أو هدفه التقرب من المعارضة الإسبانية بمساعدتها في اسقاط بيدرو سانتشيز الذي بدأت كل المؤشرات توحي أنه سيسقط، وأن سبب سقوطه هو موقفه الغريب من قضية الصحراء الغربية.
الكاتب : السيد حمدي يحظيه 
المصدر: الشروق أونلاين 

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...