القائمة الرئيسية

الصفحات

الموقف الأمريكي ليس جديدا(II)


قلنا في الجزء الأول من هذا المقال، أن البوليساريو سبق وقالت " لا" للولايات المتحدة الامريكية، ورفضت المفاوضات حول الحكم الذاتي المغربي سنة 2007م، وقالت إنها لن تتفاوض إلا تحت إشراف الأمم المتحدة، وأن الحكم الذاتي ليس مطروحا للتفاوض. حدث هذا في زمن الرئيس بوش الابن الارعن، الذي يشبه ترامب في العنجهية والتهور. الآن يتكرر السيناريو: الولايات المتحدة الأمريكية تمتدح الحكم الذاتي وتعترف به وتدعو إلى التفاوض حوله، وتقول إنها تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. مثلما حدث سنة 2007م، سيتضح مرة أخرى للولايات المتحدة أن الأمر ليس بيدها في قضية الصحراء الغربية، وليست هي من يوقع على صكوك السيادة لهذا البلد أو ذاك. ثم إنها لا تبدو جادة في مدحها للحكم الذاتي، ورفضت-إلى حد الآن-فتح قنصلية في الداخلة المحتلة، وربطتها، حسب الصحافة الإسرائيلية، بفتح المخزن لسفارة في القدس المحتلة. إذن، الولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع أن تفرض الحكم الذاتي على أرض الواقع ويبدو أنها تتخذه أداة لابتزاز المغرب لصالح إسرائيل. أخر خرجة أمريكية بخصوص هذا الموضوع، هي تصريح، ليزا كينا، المستشارة السياسية للخارجية الأمريكية بعد لقاء دي ميستورا يوم 10 ابريل. غردت ليزا قائلة:" التقيت بالمبعوث الشخصي للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، للتشاور بشأن مساهماته القيّمة والمستمرة في تعزيز السلام في الصحراء الغربية. وقد جدد الوزير روبيو موقف الولايات المتحدة الواضح، وهو أن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد الممكن. يجب على الأطراف الجلوس إلى طاولة المفاوضات الآن للتفاوض على نتيجة مقبولة للطرفين". مرة أخرى تعوّم الإدارة الأمريكية تعليقاتها في بحر من العبارات غير الواضحة. إذا تمعنا جيدا في هذا التصريح نجد أنه يحمل جديدا: الأول، هو أن الحكم الذاتي " الحقيقي"، بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية هو الحل المقبول، وكما نعلم فالمشروع الذي قدمه المغرب سنة 2007م لا يرقى إلى مستوى حكم ذاتي حقيقي، وسبق للإدارة الأمريكية أن طالبت بتعديله. ثانيا، ورد في التصريح عبارة "يجب على الأطراف الجلوس إلى طاولة المفاوضات الآن للتفاوض على نتيجة مقبولة للطرفين". من خلال هذه العبارة، فإن الإدارة الأمريكية تشترط أن يتفاوض الطرفان حول الحكم الذاتي ويقبلان به، وهذا سبق أن تم رفضه من قبل. هل يتفاوض الطرفان تحت إشراف الأمم المتحدة أم تحت إشراف واشنطن؟ إذا كان التفاوض تحت إشراف الأمم المتحدة فالحكم الذاتي خارج السياق، وإذا كان التفاوض تحت إشراف واشنطن فالتفاوض مرفوض من طرف البوليساريو مسبقا.

هذه السياسة التي تنتهج الولايات المتحدة الأمريكية في قضية الصحراء الغربية، تضر بالمغرب أكثر مما تضر بالبوليساريو، لان المغرب دفع الثمن وهو الاعتراف بإسرائيل، فتح سفارة فيها وقتل الفلسطينيين، وبالمقابل لم يحصل على حتى فتح قنصلية في الداخلة. نكسة عدم فتح قنصلية في الداخلة-إلى حد الآن-، جعلت المغرب يحاول أن يحصل على مكاسب أخرى مثل محاولة إقناع الولايات المتحدة الأمريكية أن تصنف البوليساريو كحركة إرهابية، لكن هذا التصنيف صعب، وفي حالة أن لا يحدث في عهد ترامب فلن يحدث أبدا. انتهى. كل المؤشرات، منذ سنة 1975م إلى الآن، توحي أن الولايات المتحدة الأمريكية تفضل أن تحل القضية الصحراوية نفسها بنفسها بعامل الوقت الذي سيجعل الطرف الذي لا يستطيع الصمود ويصرخ أولا يخسر(يتبع).

السيد حمدي يحظيه

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...