الجزائر تقتحم من الباب والمملكة المغربية تخرج من النافذة، هذا هو التوصيف الذي يمكن إطلاقه على التطورات التي تشهدها العلاقات الجزائرية الموريتانية، والتي طبعتها زيارة الرئيس عبد المجيد تبون، إلى بلاد شنقيط بحر الأسبوع المنصرم، ولقاؤه بنظيره الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، بالعاصمة نواكشوط.
ومنذ وصوله إلى قصر المرادية، جعل الرئيس تبون من تقوية العلاقات مع الجارة الجنوبية الغربية، موريتانيا، هدفا لمشروعه، كما تعددت الزيارات التي قادت الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، حيث وصلت إلى أربع زيارات، في ظرف أربع سنوات فقط، وهو ما يعتبر مؤشرا قويا على هذا التحول، الذي شمل مختلف الأبعاد وكان البعد الاقتصادي بمثابة القاطرة.
وبينما تتعزز العلاقة على محور الجزائر ـ نواكشوط، يبدو الانكماش سيد الموقف على محور نواكشوط الرباط، بسبب العديد من الاعتبارات، منها السياسي والتاريخي، والذي انعكس سلبا على البعد الاقتصادي، طبعته العقوبات الاقتصادية التي فرضتها موريتانيا على السلع القادمة من المملكة المغربية، والتي تمثلت كما هو معلوم في رفع الرسوم الجمركية فاقت بعضها الـ400 بالمائة مطلع السنة الجارية.
وقد خلفت هذه الحادثة أزمة دبلوماسية صامتة بين الرباط ونواكشوط، وإن كان موقف السلطات الرسمية المغربية متحفظا طالما أن قرار السلطات الموريتانية سيادي، إلا أن المصدرين عبروا عن استيائهم الشديد من القرار، كما علق الكثير من سائقي الشاحنات التي تنقل السلع على الجانبين، نشاطهم، وحدثت حالات ندرة في بعض السلع في الأسواق الموريتانية، ولم تتردد الجزائر في ملء الفراغ، بنقل شحنات من السلع النادرة.
أحدث فصل في هذا السياق، تمثل في التوقيع على مراسيم بروتوكول اتفاق لإطلاق خط بحري بين مينائي أكادير- والعاصمة السنغالية دكار، بهدف نقل السلع المغربية إلى السنغال مباشرة من دون المرور على التراب الموريتاني، بهدف تسهيل حركة التجارة بين المغرب ودول غرب إفريقيا عبر تقليص تكاليف النقل وزيادة كفاءة نقل البضائع والشاحنات، وفق ما أوردته وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية.
التوقيع على فتح هذا الخط البحري لتجنب المرور على التراب الموريتاني، جاء لتقليص تكاليف النقل عبر معبر الكركارات الصحراوي المحتل، باتجاه موريتانيا التي رفعت في العديد من المرات العوائد الجمركية على السلع المغربية التي كبدت المصدرين المغربيين تكاليف إضافية، تقول تقارير إعلامية مغربية.
وبينما يبحث المصدرون المغربيون عن منافذ أخرى نحو دول غرب إفريقيا بعيدا عن موريتانيا، تجري حاليًا أعمال البناء في جزء رئيسي من الطريق الذي يربط مدينة الزويرات في موريتانيا بتندوف في الجزائر، وهو الطريق التجاري الذي يمتد على مسافة 840 كيلومتر تقريبا ويربط بين البلدين، وهو المشروع الذي يوفر تبادلا سهلا للسلع بين البلدين، وانعكاسا للتحسن الكبير في العلاقات بين البلدين. كما سيساعد الموريتانيين في نقل خامات الحديد من منطقة زويرات.
وتكفلت السلطات الجزائرية، من خلال الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي للتضامن والتنمية، بتمويل وتنفيذ المشروع، مع تشغيل الطريق المخطط لها بموجب عقد امتياز لمدة 10 سنوات.
كما تعكف شركات جزائرية على إنجاز هذا المشروع، فيما تكفل الجانب الموريتاني بتوفير مواد الإنجاز اللازمة للجزء الموريتاني من الطريق، بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين رئيسي البلدين.