كان ديمستورا سيكون حكيما لو كان رفض منصب المبعوث الشخصي وبذلك يرفض الدخول إلى مستنقع الوحل الذي دفعه غوتيريس، باسم الكذبة التي يسمونها الأمم المتحدة، إليه، وكان سيكون أكثر حكمة لو كان خرج نظيفا من مستنقع الوحل ذاك. كان، أيضا، سيكون أكثر حكمة لو كان نفض يده من المهمة في عامه الأول بعد أن عزف المغرب على مسامعه المقولة الشهيرة: ماذا ستفعل أنت في مهمة فشل فيها جيمس بيكر؟
قد تكون هذه آخر مهمة رسمية يقوم بها العجوز ديمستورا في مشواره السياسي والدبلوماسي، والمشكلة أنه انهاها بفشل ذريع، بعيد عما كان منتظرا منه. بعد ثلاث سنوات من التفكير والرحلات والاتصالات، رجع ديمستورا نقطة ما قبل البداية : تقسيم الصحراء الغربية بين الجلاد والضحية، بين الغازي المجرم والمغزِي. ياله من عدل وعدالة، وياله من قانون وميثاق ومجتمع دولي.
بعد ثلاث سنوات من جَلد المغرب له وتشويهه على المنابر وفي الصحافة واستدعائه أكثر من مرة- تتذكرون غضبة المغرب عليه حين زار جنوب افريقيا- عاد ديمستورا ليركع على قدميه ويدفن أنفه في الرمل أمام المغرب. هل يوجد أي ضغط أو رشوة أو خوف مهما كان نوعه يجعل ديمستورا يسقط هذه السقطة وفي آخر مهمة له؟ ألم يكون أحرى به أن يقف أمام مجلس الأمن، ويقول كلمة حق واحدة ويخرج من الباب العريض وينهي مشواره السياسي بكلمة شرف وحق؟ على مدى ثلاث سنوات، لعب ديمستورا دور البطة الميتة في البحيرة الهائجة، وظل تتقاذفه الأمواج نحو كل الاتجاهات. لو كان قال أن المغرب متعنت، ورفض القانون الدولي، كان سيخرج من الباب العريض، وكان سينهي مشواره في أحسن رواق، لكنه للأسف سقط على أنفه. المشكلة أن ديمستورا تعرض لانتقادات المغرب الذي عرقل مهمته، واشعل النار في رأسه وفي سمعته، أكثر مما تعرض له أي مبعوث قبله.
السيد حمدي يحظيه