القائمة الرئيسية

الصفحات

اقتراح تقسيم الصحراء الغربية محاولة لتشريع الاحتلال ودفع بالمنطقة نحو المجهول


قدم ستافان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، خطة تقسيم مثيرة للجدل كحل محتمل للنزاع في الصحراء الغربية، خلال إحاطته يوم 16 اكتوبر الماضي أمام اجتماع مغلق لمجلس الأمن الأممي. وتقوم هذه الخطة على تقسيم البلد المحتل بين المغرب وجبهة البويساريو، حيث يتم الاعتراف بالدولة الصحراوية مستقلة في جزء منه، بينما يتم دمج الجزء الآخر في المغرب مع اعتراف دولي بسيادته عليه.
لكن ما يتم تجاهله بهذا المقترح هو أن فكرة التقسيم لا تقتصر فقط على انتهاك الوضع القانوني والسياسي للصحراء الغربية، بل تتناقض أيضًا مع أبسط المرجعيات القانونية الدولية التي تجمع على أن القضية مسألة تصفية استعمار، وان حلها يتم فقط عن طريق ممارسة الشعب الصحراوي لحقه في تقرير المصير والاستقلال أو عن طريق الجلاء التام للاحتلال. 
أكثر من ذلك لا يقدم هذا المقترح أي حل "واقعي وقابل للتطبيق ومتفق عليه" يضمن ممارسة الشعب الصحراوي لهذا الحق، كما تقول جميع قرارات مجلس الأمن الصادرة طيلة سنوات رغم كل المؤاخذات التي لنا عليها بسبب عجزها عن تسمية الأمور كما هي، ومحاولتها لي عنق الحقيقة للتخفيف على المحتل.
الأدهى من كل ذلك، أن فكرة التقسيم ليست حتى مقترحا جديدا، او مبتكرا حتى تقدم كحل بعد كل هذه السنين من عرقلة تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، بل هي جريمة قديمة تم ارتكابها سنة 1975 من قبل المستعمر السابق، اسبانيا، بتواطئ مع المغرب وموريتانيا وفرنسا آنذاك، ما تسبب في اندلاع حرب ضروس طيلة 16 سنة إلى غاية 1991، تاريخ قبول الطرفين، المغرب والبوليساريو، وقف إطلاق النار ضمن إطار مخطط التسوية الأممي الأفريقي.
وبالتالي، فما هو المغزى من تسريب اقتراح هذا الانتهاك من جديد إن لم يكن إعلانا عن إفلاس المبعوث الشخصي الحالي، الذي يكون بهذا المقترح يحزم حقائبه لمغادرة منصبه وربما تقديم استقالته مثل سابقيه، ليعود النزاع إلى المربع الأول من جديد. ولربما أن ديميستورا قصد الإعلان عن هذا المقترح لوضع مجلس الامن أمام حقيقة تقاعسه، وكأنه يريد بذلك أن يفضح نية مبيتة لدى بعض أعضاء المجلس الراغبين فعلا في تشريع الاحتلال.
المقترح إذا ما مر تحت اي صيغة او مسمى سيكون مجرد مكافأة وتشجيع ضمني لكل القوى والأنظمة التي ترى في التوسع والعدوان العسكري وسيلة لتوسيع أراضيها ونفوذها على حساب حقوق الشعوب في السيادة على أراضيها، وهو بالتالي إعلان خطير لنهاية ما يسمى الشرعية الدولية، وما يسمى القانون الدولي.
أما بالنسبة لموقف جبهة البوليساريو، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، فبالطبع أعلنت في بيان مكتب أمانتها الوطنية يوم 17 اكتوبر عن رفضها القاطع لأي اقتراح خارج عن الإطار القانوني الشرعي للنزاع، والمتمثل في تصفية الاستعمار وتقرير المصير.
موقف الجبهة منسجم تماما مع القانون الدولي، ومنسجم مع موقفها المعتمد منذ 1975، ومتفق مع إرادة الشعب الصحراوي في المقاومة وفي انتزاع حقوقه كاملة وغير منقوصة، ومنسجم أيضا مع المبادئ الإنسانية التي وصلت إليها البشرية بعد قرون من المعاناة، والحروب، والمآسي التي راح ضحيتها الملايين.
وفي النهاية، على جميع الشعوب أن تدرك أنها تعيش الآن واحدة من أخطر مراحل البشرية، حيث تثبت مجازر الإبادة الجماعية التي يشنها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني المقاوم بأسلحة دول تدعي أنها ديمقراطية أن القانون الدولي قد أصبح في خبر كان، وأن عجز الشعوب عن وقف هذه المجازر رغم كل المظاهرات، والتصريحات، والضغوط هو دليل على إفلاس الديمقراطيات المزيفة، التي تنتهك القوانين وتستهين بالشعوب.
بقلم: ماءالعينين لكحل

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...