إن موقف جبهة البوليساريو تجاه أي كفاح من أجل الحرية والتحرر ينبع من مبادئها الثابتة كحركة تحررية، تدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها والانعتاق من قبضة القمع والظلم. ومع ذلك، يجب أن يظل التركيز الأبرز والأولوية المطلقة للبوليساريو منصباً على القضية الصحراوية ونضال الشعب الصحراوي من أجل تقرير مصيره. وعلى الرغم من أن دعم نضالات أخرى، كقضية الريف، قد يبدو منسجماً مع قيم مناهضة الاستبداد والقهر، إلا أن هناك فروقات دقيقة وملموسة بين القضيتين سواء من الناحية التاريخية أو في السياقات الإقليمية والدولية، ما يجعل من هذه العلاقة موضوعاً حساساً للغاية.
إن مشاركة البوليساريو في أي نشاط يخص قضية الريف يجب أن تستند إلى تقدير دقيق للأهداف والمصالح الاستراتيجية. فإذا كانت هذه المشاركة تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في دعم القضية الصحراوية وتثبيت حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، فإنها قد تكون خطوة مدروسة ومحسوبة. ومع ذلك، يتطلب الأمر حذراً كبيراً، حيث أن أي التباس في المواقف أو سوء استغلال من طرف الخصوم يمكن أن ينقلب ضد البوليساريو ويضعف موقفها في المحافل الدولية.
علاوة على ذلك، عدم الإلمام الكامل بتفاصيل المجتمع الريفي أو طبيعة القضية الريفية قد يؤدي إلى تدخلات غير مجدية، وربما حتى ضارة. فالتحرك العشوائي أو غير المدروس في مثل هذه القضايا قد ينعكس سلباً على سمعة البوليساريو ويشوه مواقفها أمام الرأي العام العالمي.
من هنا، فإن الانخراط في أي نشاط مرتبط بالريف يجب أن يكون ضمن إطار استراتيجي محكم، حيث يتم توظيفه بشكل يساهم في تعزيز التضامن وإبراز القضية الصحراوية على الساحة الدولية بشكل أعمق. لكن هذا يتطلب فطنة وحرصاً من قيادة البوليساريو على عدم السماح باستغلالها أو استغلال الموقف الصحراوي لأغراض لا تخدم النضال الصحراوي.
وفي هذا السياق، يجب التأكيد على أن تقييم أي مشاركة أو موقف سياسي في مثل هذه القضايا يجب أن يتم وفق رؤية استراتيجية شاملة تأخذ بعين الاعتبار المكاسب المحتملة للقضية الصحراوية، ومدى توافق تلك المشاركة مع الأهداف الكبرى للجبهة، مع مراعاة التوازنات السياسية المعقدة والمشهد الدولي الذي قد يؤثر بشكل مباشر على موقف البوليساريو.
بقلم: لحسن بولسان