القى رئيس الجمهورية ، الأمين العام للجبهة السيد إبراهيم غالي ، كلمة خلال إشرافه على إفتتاح أشغال الدورة العادية الخامسة للأمانة الوطنية ، تطرق فيها إلى آخر مستجدات القضية الوطنية على كافة الواجهات .
وفيما يلي النص الكامل للكلمة :
كلمة الأخ إبراهيم غالي، رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة، في افتتاح أشغال الدورة العادية الخامسة للأمانة الوطنية، 26 سبتمبر 2024
بسم الله الرحمن الرحيم
نفتتح اليوم الدورة العادية الخامسة للأمانة الوطنية، بين ظهران جماهير وسلطات ولاية الداخلة المضيافة، والتي تواجه بكل اقتدار مخلفات الأمطار والسيول التي ضربت بقوة وخلفت أضراراً جسيمة. وبالمناسبة، نتوجه بالشكر والتقدير لكل من ساهم ويساهم في التخفيف من وطأة الكارثة، من كل السلطات والهيئات الوطنية، وفي مقدمتها جيش التحرير الشعبي الصحراوي والآلية واللجان التي تم تشكيلها على مستوى وطني، أو من المواطنين من هذه الولاية ومن بقية الولايات، أين كان الشباب حاضراً بقوة، ومن المتضامنين مع القضية الصحراوية، أو من المنظمات الدولية العاملة في مخيمات العزة والكرامة.
وفي هذا السياق، لا يفوتنا أن نتوجه بأصدق عبارات الشكر والتقدير والعرفان إلى الجزائر الشقيقة، جزائر النخوة والشهامة، التي لم تتأخر في هبتها التضامنية الكريمة والمعهودة، ما يجسده وصول وفد تقوده رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، مع حمولات من المساعدات، أو مسارعة السلطات المدنية والعسكرية لولاية تيندوف، منذ الوهلة الأولى، إلى تقديم قوافل الدعم والمساعدة.
الأخوات والإخوة،
ستعكف الأمانة الوطنية في دورتها الخامسة على تقييم الفعل الوطني على مختلف الواجهات خلال الفترة منذ الدورة الرابعة المنصرمة، بالاستناد إلى التقرير المقدم من المكتب الدائم للأمانة والعروض التكميلية، من خلال النقاش والتحليل، وصولاً إلى تحديد كبريات المهام خلال المرحلة المقبلة، بالعودة دائماً إلى مقررات المؤتمر السادس عشر للجبهة، وخاصة برنامج العمل الوطني.
وتنعقد هذه الدورة مع مرور زهاء أربع سنوات على استئناف الكفاح المسلح، بعد الانتهاك المغربي السافر لاتفاق وقف إطلاق النار في 13 نوفمبر 2020. وهي مناسبة لنتوجه بتحية التقدير والإجلال إلى مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي، إلى هذا الجيش المغوار الذي صنع تجربة خالدة، رصعها بملاحم بطولية وتاريخ مجيد. وتجسيداً لهذا النهج الثابت والمضي على درب الوفاء لعهد الشهداء حتى استكمال مهمة التحرير، شهدت الفترة المنصرمة توسيعاً وتنويعاً للعمل القتالي لأبطال جيش التحرير الشعبي الصحراوي الميامين، ما خلف خسائر فادحة في صفوف العدو، بشرية ومعنوية ومادية.
ونحن نحيي جماهير شعبنا في كل مكان، وهي تدون كل يوم بأحرف من ذهب فصولاً جديدة من المقاومة والصمود، نسجل كذلك بارتياح مستوى الأداء العام والتجاوب مع البرامج الوطنية، المجسدة للفعل النضالي لشعبنا، على مختلف الجبهات، وانتظام واستقرار الخدمات الأساسية.
وظلت القضية الوطنية على العموم حاضرة على الساحة الدولية، ومنيت دولة الاحتلال المغربي بالفشل الذريع في محاولاتها الرامية إلى المساس من مكانة الدولة الصحراوية في الاتحاد الإفريقي.
ونحن نجدد مطالبة الاتحاد بفرض تطبيق مبادئ وأهداف قانونه التأسيسي، وخاصة احترام الحدود الموروثة عند نيل الاستقلال، نؤكد مرة أخرى على تحذيرنا لأشقائنا الأفارقة من الخطر الداهم الذي تمثله دولة الاحتلال المغربي وممارساتها المفضوحة، كما حدث مؤخراً في اليابان، على وحدة وتماسك وانسجام منظمتنا القارية.
إن التطورات والتحولات الخطيرة التي تشهدها منطقة الساحل الإفريقي تتطلب مزيداً من التعاون والتنسيق بين بلدان الجوار، وخاصة مع كل من الشقيقتين الجزائر وموريتانيا، للتصدي معاً للتحديات التي تفرضها بشكل متصاعد. وإن الأمر ليزداد إلحاحاً جراء التورط المكشوف لدولة الاحتلال المغربي، ليس فقط بسياسات التوسع والعدوان وإغراق المنطقة بالمخدرات ودعم وتشجيع عصابات الجريمة المنظمة بكل أشكالها والجماعات الإرهابية، بل أيضاً بإقحام وتمرير الأجندات الأجنبية التخريبية وتسهيل تغلغلها في كامل المنطقة.
وبالمناسبة، نؤكد على مسؤولية مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة عموماً عن استكمال مسار تصفية الاستعمار من آخر مستعمرة في إفريقيا. وإذ نعرب عن تضامننا مع الشعبين الفلسطيني واللبناني الشقيقين في مواجهة العدوان الصهيوني الجائر، نؤكد بأنه لا سلام ولا استقرار في العالم ما لم يتم الامتثال لقرارات الشرعية الدولية، وتمكين الشعوب من حقوقها المشروعة في تقرير مصيرها.
ومن هنا، نجدد التنديد بالمواقف المخجلة التي تبنتها أطراف معينة لدعم الأطروحة الاستعمارية المغربية. فمن غير المعقول مثلاً أن يعلن رئيس فرنسا، مهد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، أنه سيقوم بالانتهاك السافر لميثاق الأمم المتحدة، بإعطاء ما لا يملك لمن لا يستحق، ويشارك دولة الاحتلال المغربي في التبجح علناً، وفي مقر المنظمة الدولية، بالدوس على القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
ننتهز المناسبة لنتوجه بتحية خاصة إلى كل أشقاء وحلفاء وأصدقاء الشعب الصحراوي في العالم، وفي مقدمتهم الجزائر الشقيقة، ونهنئ الشعب الجزائري على إنجاحه استحقاق الانتخابات الرئاسية، والتي تمخضت عن فوز السيد عبد المجيد تبون بعهدة ثانية لرئاسة البلاد، متمنين له كل التوفيق والسداد في المضي قدماً في بناء الجزائر الجديدة، في كنف التقدم الرقي والازدهار.
ونحن نتوجه بالتحية إلى بطلات وأبطال انتفاضة الاستقلال، وفي المقدمة أسود ملحمة اقديم إيزيك ورفاقهم الأسرى المدنيون في السجون المغربية وعائلاتهم، لا بد لنا أن نوجه رسالة تضامن ومؤازرة مع أهالينا في الأرض المحتلة وجنوب المغرب أمام الحملة الشرسة والخطيرة التي تقودها دولة الاحتلال المغربي، والتي تروم اجتثاث الوجود الصحراوي، ليس فقط بممارساتها المعروفة، بما فيها محاولات الإبادة المباشرة، ولكن باقتلاع الإنسان الصحراوي من جذوره، بالاستيلاء على أراضيه وتدمير ممتلكاته، مع المضي في سياسات التهجير والاستيطان ونهب الثروات الطبيعية.
الأخوات والإخوة،
تصادف هذه الدورة الدخول الاجتماعي الجديد، والشروع في البرامج والاستحقاقات الوطنية، وهي مناسبة لتحقيق انطلاقة نوعية في مسيرتنا الكفاحية، على كافة المستويات.
إننا كأعضاء في الأمانة الوطنية مطالبون بخلق المزيد من مجالات الاتصال والتواصل مع القواعد الشعبية، والتواجد الدائم في مقدمة الصفوف في تنفيذ البرامج المقررة، وتقديم النموذج المطلوب، كأعلى هيئة قيادية ما بين مؤتمرين، بمسؤولية ومثالية وميدانية وتواضع والتزام. ونحن على يقين بأن جماهير شعبنا ستكون كما كانت دائماً، واعية ومستعدة ومنخرطة في الفعل الوطني، فهي وفية لعهد الشهداء وتمجد الأبطال وتلفظ المتخاذلين، وهي قادرة على التصدي لكل مؤامرات ودسائس العدو ومخططاته الدنيئة.
على عهد الشهداء ماضون حتى تحقيق الانتصار في معركة شعبنا الوجودية المقدسة، بانصهار الجميع في بوتقة الوحدة الوطنية، بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، رائدة الكفاح والممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، لتصعيد الكفاح على جميع الأصعدة وفي كل المجالات، من مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي على جبهات القتال، إلى انتفاضة الاستقلال في الأرض المحتلة وجنوب المغرب، مروراً بالواجهة الدبلوماسية والقانونية والإعلامية والثقافية، حتى التتويج الحتمي ببلوغ أهداف شعبنا في الحرية والكرامة والاستقلال.
على بركة الله نفتتح الدورة الخامسة للأمانة الوطنية،
تصعيد القتال لطرد الاحتلال واستكمال السيادة