" كاخة البيض"!
الشائعات، كسلاح من أسلحة الدمار الشامل.
تعتبر الشائعات من أكثر الأسلحة دمارآ و فتكآ بالشعوب و بالأمم و بمقومات صمودها و بأسباب وجودها و لذلك، قامت الكثير من وزارات الدفاع في الكثير من الدول بإنشاء إدارات للحرب النفسية تضم خبراءآ في صنع الشائعات.
الرجاء الإنتباه لمصطلح" صنع الشائعات".
الشائعة, صارت صناعة يا سادة.
خبراء الشائعات، يسهرون على صناعتها و تحديد مواعيد ترويجها و إستخدامها لتدمير معنويات جيوش العدو و تفكيك النسيج الإجتماعي للشعوب و إشعال فتيل الحروب الأهلية.
ثقافة" البيظان"، ثقافة شفوية في معظمها، و جذور ذلك تعود للبحث و السؤال عن" المزنة" و عن أماكن" طياح" السحاب و الأماكن الصالحة للرعي.
كانت الركبان تتناقل الشعر و الفقه من" أفريك " لفريك و من" قيطنة" لقيطنة و من مضارب خيم لمضارب خيم أخرى.
البدوي, يعيش بأذنيه, و هو حاضر البديهة، سريع الفهم، يكثر من السؤال.
عندما يلتقي بدويان، فإن 90 % من حديثهما يبدأ و ينتهي بالإستفسار عن "صحة" الأرض قبل صحة الشخص.
و لذلك، فإن الأخبار - الشائعات تنتشر في مرابع" فركان" البيظان، إنتشار النار في الهشيم.
هناك الكثير من الشواهد في التاريخ ألتي تثبت و توضح بأن الشعوب يمكن أن تتعرض للكثير من الهزائم و للكثير من النكسات و من الإنكسارات العسكرية، و لكنها كطير" الفينيق"، تنتفض من الرماد و تقوم بإعادة بناء قوتها و الإستمرار في المقاومة حتي تحقيق النصر.
لكن الشعوب، ألتي تتعرض للهزائم و للإنكسارات النفسية و المعنوية تفقد القدرة على المشاركة في بناء و تحديد مستقبلها و مستقبل أبنائها، و تصبح عالة على نفسها و على التاريخ.
في سنة 1991 جاء" لمعيط" للشباب الصحراوي الدارس بالجامعات الأجنبية، إرغن روسو و إحسنها في مخيمات العزة و الكرامة.
رغنا روسنا.
يوم 1991 - 09 - 06، لم يكن يومآ عاديآ في حياة الصحراويين.
وقف إطلاق النار.
لبى الشباب نداء" الإستفتاء" زرافات و وحدانا.
تمت عرقلة" الإستفتاء"، و كان يجب على الجبهة التفكير في ما يجب عمله مع مئات الطلاب" ضحايا" الإستفتاء.
في زمننا نحن، كان هناك حلآ بسيطآ و عبقريآ لكل مشاكل البطالة" الثورية".
تفتقت العقول النييرة عن حل، كان في صالحنا نحن الشباب و في صالح الجبهة.
نصف" البطالة" يتجه ل" المقاطعة" و النصف الثاني ل" القاعدة".
شاءت الأقدار، أن أكون من نصيب قاعدة الشهيد هداد العسكرية.
في إحدى المسابقات بين الكتائب، قررت و مجموعة المسرح من الكتيبة، معالجة مشكل" الإشاعة"، لأن" الأرداد" كثرت حينها.
بعد العشاء تحلق "العسكر" حول المنصة.
على المنصة أثلت" أشويبات".
إثنتان في جهة من المنصة و الثالثة في جهة المنصة الأخري، قاعدة على طبلة.
كاتب هذه الحروف، كان" ممثلآ " في تلك المسرحية.
" يكلع عشرة من موتاك، أنتي أثرك ما سمعتي آخر لخبار؟".
أخبار آش يكلع أمك؟
" أفطنت أنا عنك أنتي قاعدة هون مبيظة لك فأكرارة".
يا أمي و الله ماني عارفة, شلاهي نقول لك يا أصويحبتي...مزلت مصدومة....تعرفي، السالكة، جارتك، البينك أمعاها قيطونين، يا أمي جيابة لخبار و لعلايات ألي ماهم كيفك، ما يشوفوا الغمظة قالوا عن راجلها بيظ البارح.
" بيظ، شنهي يعطيك ليتام"؟
خلى بيظة....ما قط شفتي أدجاجة أمبيظة.
" يا أمي، الأ أتفوت الشينة ما جينا....أسلم و أسعى و أكتل تسعة....هذا تأخيرو الزمن".
تذهب" جيابة" لخبار، و تتحرك" الشويبة"ألتي تلقت الخبر بإتجاه" الشويبة" المنزوية في مكان قصى من المنصة.
" أنت شحالك"؟
حال آش...لا تسوليني عن حالي.
" مات حد"؟
يا أمي، ذا ألي أسمعت ظرك، أخير منو الموت.
حقلا، كان جابت لك" السوغايا"، عن راجل جارتك الكابظة عليك من ساحل،عن راجلها بيظ بيظتين.
دارت آلة" الإشاعة" في الحي.
بعد عشر دقائق، كان الجار المسكين، قد كتب الله عليه" كاخة" من البيظ.
في صباح اليوم التالي، فركس نصها.
ضحك" العسكر"، إلين أنشقت أكبودو، و لكن الإشاعة تشق" أكبود" شعوب و أمم و مجتمعات و جيوش أفقيآ و عموديأ و تتركها أثر بعد عين.
أظحكنا أشوي و نعود للشائعة كصناعة.
في مذكرة قدمتها وزارة الدفاع الأميركية سنة 1990، حددت هذه الوثيقة مواصفات الشائعة الناجحة فيما يألي:
1 - أن يكون من السهل أن يتذكرها الجمهور المستهدف، حتي يتمكن هذا الجمهور من ترويجها عن طريق الإتصال الشخصي.
2 - أن تكون الشائعة بسيطة و غير معقدة و تتضمن معلومة محددة و لا تشمل الكثير من التفاصيل( ترك التفاصيل للخيال الجمعي للمجموعة المستهدفة).
3 - أن تتوافق الشائعة مع الحالة النفسية و المعنوية للجمهور المستهدف و تشبع رغباته و غرائزه" المعرفية" في تلك اللحظة.
4 - النجاح في إستغلال عواطف الجمهور المستهدف و" إدارة" مشاعره حسب نوايا و أولويات الجهة المستفيدة من الإشاعة.
5 - أن تتناسب الشائعة مع تاريخ و جغرافية و أحلام و طموح الجمهور المستهدف.
6 - نسب الشائعة لمصدر" موثوق" عند الجمهور المستهدف.
7 - تجنب المبالغة في صياغة الشائعة، حتي تكون قابلة ل " الهضم"، عند" المستهلك" الأخير لهذه البضاعة.
" فقهاء" الإشاعة متفقون، على أن الإشاعة الناجحة، هي تلك الإشاعة، مجهولة" النسب"، معلومة الأب.
التطور التكنولوجي و العلمي و تطور وسائل الإتصال و وسائل نقل المعلومات و إستهلاكها كبضاعة فرضوا تطور الإشاعة معهم و سهلوا من طرق نشرها و توزيعها و نقلها.
عملت إدارات الحرب النفسية في وزارات الدفاع على تطوير مواصفات مضمون الشائعة المؤثرة و كيفية إستخدامها للتلاعب بعواطف الجمهور المستهدف و بمشاعره.
الشائعة الناجحة دائمآ تحتوي على" دوزة" من الحقيقة و كمية كبيرة من " الغب"، لمحي أثر الجهة المستفيدة من نشر الشائعة.
أكثر الأراضي" خصوبة"لإنتشار الشائعة، هي أراضي الجهل و الأمية و التخلف و ضعف النفوس و فقدان بوصلة الوطن.
لا يوجد من يجيد الصيد في مياه الجهل العكرة، كما يجيده تجار الإشاعة و باعة الوهم.
إذا أردت إستعباد شعب" وش" أعليه جهلاءه و حملة إشاعته.
سيفعلان به، مالم يفعل به أعداءه.
" فقهاء" الإشاعة، خبراء في إدارة خلافات و إختلافات الشعوب و تحويلها إلى" طابور خامس"، ينهش جسد شعب تكالب عليه الجهل و ضعاف النفوس و تجار القيم.
نحن، في الشعب الصحراوي و في جبهة " البوليزاريو"، نشهد اليوم حرب إشاعات علينا لا تبقى و لا تذر.
نصيحتي و ندائي لشعبي و لرفاقي و لأهلي، هي، حذاري من أن تكون ناقلآ لدمار أهلك و شعبك و أنت لا تدري.
إشاعة" بريئة"، قد تتسبب في دمار أمة.
قد تفسد ود بين جارين، عاشا أيام الثورة و لياليها" يتمادوا القدحان".
قد تشعل نارآ، لا تنطفئ بين مكونين إجتماعيين.
قد تمس من عزائم الرجال.
قد تنقل سرآ، تعتقد أنت بأنه سرآ صغيرآ و بسيطآ و لكنه عند رجال" هناك" عظيم.
قد تعطي معلومة، بسيطة و" بريئة"، و بعد ساعات، تسمع بأن الناحية "X", فقدت ستة من خيرة رجالها.
إتقوا الله في شعبكم يا حملة الإشاعة عن جهل أو عن علم.
إن ضرركم على الشعب و للوطن كبير.
لعن الشعب، بائعها و شاريها و حاملها.
المحمولة إليه برئ، ما لم تثبت إدانته.
أقصد، الإشاعة.
بين أبراد و أبراد، في مكان ما، هناك من يسهر على نسج إشاعة، لا أعتقد بأنها ستكون الأخيرة للمساس من وحدة هذا الشعب و من صموده و من لحمته.
ضيعوا عليه نشوة النصر، و لا تتركوا شعبكم ضحية لذئاب الإشاعة و لضباعها.
د : بيبات أبحمد.