القائمة الرئيسية

الصفحات

هل ينسحب المغرب من منظمة الإتحاد الإفريقي


في عام 1984، انسحب الإحتلال المغربي من منظمة الوحدة الأفريقية بعد قبول عضوية الجمهورية الصحراوية. فقد أجبرت الرباط على الإعتراف بحقوق الشعب الصحراوي أو الخروج من المنظمة.
قال الحسن الثاني حينها غاضباً من إنسحاب بلاده من منظمة الوحدة الأفريقية أنها لا تعدو كونها منظمة "مجاري الصرف الصحي" و "قرع الطبول". كان ذلك تعبيراً عن مرارة الخروج من الباب الضيق.
ظل المغرب يربط عودته إلى منظمة الوحدة الأفريقية بشرط خروج الجمهورية الصحراوية. و لم يتمكن طوال أكثر من ثلاثة عقود، خارج الصرح الأفريقي، من التأثير على مكانة الجمهورية الصحراوية، رغم تحركاته الدبلوماسية المكثفة، وسياسة الرشاوي والاغلفة المالية، والاعانات التي يقدمها لبعض الدول.
لقد أدرك تيار برغماتي في الأوساط المغربية أن سياسة الكرسي الشاغر باتت لا تخدم مصالح الرباط، وأصبح الإتحاد الإفريقي منبراً يستغله ما يسميهم "خصوم الوحدة الترابية".
 فما يرأى بعض عناصر التيار التقليدي أن الإنضمام إلى الإتحاد الأفريقي والجلوس إلى جانب الجمهورية الصحراوية، دون العمل على إخراجها، بمثابة إعترافا بها. ويجادل هذا التيار أن إذا كان الأمر عكس ذلك، فما يبرر غياب المغرب الطويل إذا كان سينتهي به المطاف الجلوس إلى جانب الجمهورية الصحراوية.
يبدو أن كفة التيار البرغماتي رجحت، بعد إنضمام المغرب رسمياً في يناير 2017، الذي يرفع شعار العمل من داخل المنظمة على طرد الجمهورية الصحراوية.  ويسعى في الوقت الراهن، إلى التغلغل داخل موسسات المنظمة لتهميشها وتحييد دورها.
لكن رجح رأي التيار التقليدي الرافض لانضمام المغرب إلى المنظمة، لأن هذا يترتب عنه الاعتراف بالجمهورية الصحراوية و الجلوس معها داخل أروقة الإتحاد الأفريقي.
فقد صادق المغرب على الميثاق التأسيسي للإتحاد الإفريقي الذي يعترف بحقوق جميع الدول الأعضاء وحدودها، بما فيهم الجمهورية الصحراوية، ونشر ذلك في جريدته الرسمية. وقد قدم خريطة حدوده المعترف بها دولياً التي لا تشمل الصحراء الغربية، بل تقف عند طاح.
كانت حسابات التيار البرغماتي  قبل 2017، أن  المغرب تغلعل في أفريقيا ويحظى بعلاقات قوية سياسية واقتصادية، و استثمارات كبيرة في غرب أفريقيا. واعتبروا أن الفرصة سانحة "لعودة" المغرب و"طرد" الجمهورية الصحراوية.
صرح حينها وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار أن "أيام الجمهورية الصحراوية باتت معدودة".
لكن قبول المغرب في منظمة الإتحاد الإفريقي الذي أراد أن تكون "عودة"، صارت إنضماما، لأن لم يكن أبدا عضوءا فيها، وكان عليه مباشرة إجراءات الإنضمام كوافد جديد.
وفور انضمامه في 2017،  منى الإحتلال المغربي بنكسة كبرى بعد تبني الإتحاد الإفريقي قرار مشاركة جميع الدول الأعضاء في قمم الشراكة الاستراتيجية، وهو قرار يظل ساري المفعول.

 شاركت الجمهورية الصحراوية في قمة الشراكة بين الإتحاد الإفريقي و الاتحاد الأوروبي في بروكسل و نسخ متعددة من قمة تيكاد بين الإتحاد الإفريقي واليابان وغيرها. 
بل إن المغرب الذي يرفع شعار طرد الجمهورية الصحراوية، بات ينسحب من بعض قمم الشراكة الإستراتيجية مثلما حدث في قمة تيكاد بتونس أغسطس 2022، أو ملتقيات دولية مثل قمة تكتل البريكس- الإتحاد الإفريقي في أغسطس 2023 بجنوب أفريقيا، التي شاركت فيها الجمهورية الصحراوية.
الواضح أن مصادقة المغرب على الميثاق التأسيسي للإتحاد الأفريقي وجلوسه إلى جانب الجمهورية الصحراوية، كرس من وجود الجمهورية الصحراوية كحقيقة لا رجعة فيها.
 ولذلك أصبح المغرب يدعي أن قضية الصحراء الغربية قضية حصرية لدى الأمم المتحدة، أو يفتتح بعض القنصليات الوهمية سعياً منه إثبات عكس ذلك، أو الترويج أخبار زائفة بعد إنعقاد كل قمة أفريقية أنه س"يطرد" الجمهورية الصحراوية ويلغي مشاركتها في قمم الشراكة الإستراتيجية.
كانت أمنيات المغرب منذ انسحابه من منظمة الوحدة الأفريقية عام 1984، هو طرد للجمهورية الصحراوية، وفشل فشلا ذريعاً في ذلك. وبعد انضمامه في يناير 2017، ما زال يحمل نفس الأماني، واضاف إليها أمنية جديدة وهي منعها من المشاركة في قمم الشراكة الاستراتيجية.
أمام هذا الفشل الذريع للاحتلال المغربي، يبدو أنه أمام خيارات صعبة، فإما أن يطبق مقتضيات الميثاق التأسيسي للمنظمة الذي صادق عليه، و يضم 55 دولة أفريقية، أو العودة من جديد إلى سياسة الكرسي الشاغر.
د . بلة لحبيب أبريكة

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...