بعث اليوم عضو الأمانة الوطنية وممثل الجبهة بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، الدكتور سيدي محمد عمار، رسالة إلى السفير فاسيلي نيبينزيا، الممثل الدائم للاتحاد الروسي لدى الأمم المتحدة والرئيس الحالي لمجلس الأمن الدولي، بيّن فيها بالدليل الموثّق زيف ادعاءات ممثل دولة الاحتلال المغربية أمام الدورة الموضوعية الأخيرة للجنة تصفية الاستعمار.
وفيما يلي النص الكامل للرسالة:
نيويورك، 3 يوليو 2024
سعادة السفير فاسيلي نيبينزيا
الممثل الدائم للاتحاد الروسي لدى الأمم المتحدة
رئيس مجلس الأمن
سعادة السفير،
اسمحوا لي أولاً أن أهنئكم على توليكم رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر وأن أتمنى لكم كل النجاح في مهمتكم.
في البيان الذي أدلى به ممثل دولة الاحتلال المغربية أمام الدورة الموضوعية الأخيرة للجنة الخاصة المعنية بحالة تنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة (لجنة الأربعة والعشرين)، عاد إلى مزاولة العمل الذي يجيده، أي السعي العبثي لتشويه أوضح الحقائق واجترار ادعاءات لا أساس لها من الصحة فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية.
فقد ادعى ممثل دولة الاحتلال زوراً أن "المغرب قدم لهذه اللجنة في عام 1963" قضية الصحراء الغربية. ثمة أدلة موثقة كثيرة لكشف زيف هذه المغالطة التي كثيراً ما يتم ترديدها. وتكفي الإشارة إلى اجتماع اللجنة الرابعة المُنعقد في 9 ديسمبر 1963 (A/C.4/SR.1506) حيث عارض ممثل المغرب بشدة اعتبار الصحراء الغربية إقليماً غير محكوم ذاتياً بعد أن بدأت إسبانيا، الدولة القائمة بالإدارة، في نقل معلومات عن الإقليم وفقاً للمادة 73 (ه) من ميثاق الأمم المتحدة.
لكن الثابت هو أن دولة الاحتلال المغربية، وكجزء من سياستها التوسعية، طلبت إدراج "مشكلة موريتانيا" في جدول أعمال الدورة الخامسة عشرة للجمعية العامة في رسالة (A/4445) موجهة إلى الأمين العام من وزير الخارجية المغربي في 20 أغسطس 1960. وفي "إضافة إلى المذكرة التفسيرية بشأن مشكلة موريتانيا"، أكدت دولة الاحتلال المغربية أن "موريتانيا، داخل الحدود التي حددتها لها فرنسا حالياً، كانت دائما جزءا لا يتجزأ من الإقليم الوطني [للمغرب]" (A/4445/Add.1، الفقرة 1).
ومن المهم في هذا السياق الإشارة إلى البيان (A/C.1/SR.1109) الذي أدلى به في 15 نوفمبر 1960 الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، أرماند بيرار، خلال الدورة الخامسة عشرة للجمعية العامة، والذي دافع فيه عن موريتانيا ضد ادعاءات "التوسعيين المغاربة" (الفقرة 24). ومما له أهمية خاصة أن الممثل الفرنسي أكد، في مُحاجّته، أن موريتانيا والصحراء الغربية لم تكونا أبداً جزءا من المغرب مستخدماً بعض الحجج التي ستحتج بها محكمة العدل الدولية في عام 1975 لدحض ادعاءات المغرب التي لا أساس لها من الصحة بخصوص السيادة على الصحراء الغربية.
وقد أكد الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة كما هو مسُجل ما يلي: "من الناحية الجغرافية، لم تشكل موريتانيا بأي حال من الأحوال كياناً واحداً مع المغرب، ولم يكن لها أبداً حدود مشتركة مع ذلك البلد ... وعلاوة على ذلك، حددت الخرائط القديمة حدود المغرب بواد نون. وأخيراً، فإن الإدارة الشريفة المركزية (المخزن) نفسها لم تمارس قط حقوقاً خاصة على أي جزء من المناطق الشاسعة الواقعة جنوب وادي درعة" (A/C.1/SR.1109، الفقرة 21). وللعلم، يقع كل من واد نون ووادي درعة، اللذين أشار إليهما ممثل فرنسا، في جنوب المغرب وتقع هاتان المنطقتان فوق الحدود الفاصلة بين المغرب والصحراء الغربية.
كما ادعى ممثل دولة الاحتلال المغربية زوراً، في إشارة إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية لعام 1975، "أن المحكمة أنصفت المملكة... مؤكدةً بذلك سيادة المغرب التي لا يمكن دحضها على صحرائه ". وهذا تحريف سافر للحقائق لأن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الصادر في 16 أكتوبر 1975، متاح للجميع للتحقق منه.
وهذا هو بالضبط ما جاء في استنتاج الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية: "إن المحكمة خلصت إلى أن المواد والمعلومات المُقدمة إليها لا تقيم الدليل على وجود أي رابطة من روابط السيادة الإقليمية بين إقليم الصحراء الغربية والمملكة المغربية أو الكيان الموريتاني. وهكذا لم تجد المحكمة أي روابط قانونية كتلك الروابط ذات الطابع الذي يمكن أن يؤثر على تطبيق قرار الجمعية العامة 1514 (د-15) في إنهاء استعمار الصحراء الغربية، ولا سيما تطبيق مبدأ تقرير المصير من خلال التعبير الحر والحقيقي عن إرادة سكان الإقليم" (ST/LEG/SER. F/1، ص. 132).
ويمضي ممثل دولة الاحتلال المغربية في محاولاته العقيمة لتشويه الحقائق الأكثر وضوحا مدعياً زوراً أن "الجمعية العامة للأمم المتحدة أيدت ("entériné" في البيان الأصلي الذي أدلى به بالفرنسية) في قرارها 3458 باء المؤرخ 10 ديسمبر 1975" "اتفاقية مدريد" لعام 1975. هذه مغالطة أخرى من مغالطاته التي كثيراً ما يتم ترديدها.
لم "تؤيد" الجمعية العامة أو "تصادق" أبداً على "اتفاقية مدريد" (المعروفة رسمياً باسم إعلان المبادئ بشأن الصحراء الغربية) التي أبرمتها إسبانيا مع موريتانيا والمغرب في مدريد في 14 نوفمبر 1975. ففي قرارها 3458 باء (د-30)، الذي أشار إليه ممثل دولة الاحتلال، اكتفت الجمعية العامة "بالإحاطة علماً" بالاتفاقية. والمطلعون على مصطلحات الأمم المتحدة يعرفون أن هناك فرقاً كبيراً بين أن تقوم الجمعية العامة "بالإحاطة علماً" بشيء ما وبين أن "تؤيد" شيئا ما. إن الادعاء بأن الأمرين متماثلان هو عمل من أعمال التدليس المتعمد.
وعلاوة على ذلك، لم تعتبر الجمعية العامة قط أن "اتفاقية مدريد" قد أثرت على الوضع الدولي للصحراء الغربية طبقاً لقرار الجمعية العامة 742 (د-8) المؤرخ 27 نوفمبر 1953 وغيره من القرارات ذات الصلة. كما أن الرأي الاستشاري الذي أصدره نائب الأمين العام للشؤون القانونية، المستشار القانوني، في 29 يناير 2002، بناء على طلب مجلس الأمن، واضح تماماً بشأن هذه المسألة.
فقد أثبت المستشار القانوني للأمم المتحدة، هانس كوريل، أن "اتفاقية مدريد لم تنقل السيادة على الإقليم، ولم تمنح أياً من الموقعين وضع الدولة القائمة بالإدارة—وهو وضع لم يكن بإمكان إسبانيا وحدها أن تنقله من جانب واحد. ولم يؤثر نقل السلطة الإدارية على الإقليم إلى المغرب وموريتانيا في عام 1975 على الوضع الدولي للصحراء الغربية بوصفها إقليماً غير محكوم ذاتياً" (S/2002/161، الفقرة 6).
وإذا كانت الجمعية العامة قد "أيدت" "اتفاقية مدريد"، كما يدعي ممثل دولة الاحتلال، فلماذا شجبت الجمعية العامة نفسها بشدة "استمرار احتلال المغرب للصحراء الغربية" في قراريها 34/37 لعام 1979 و 35/19 لعام 1980؟ وفي نهاية المطاف، لماذا تُبقي الجمعية العامة وهيئاتها الفرعية وكذلك مجلس الأمن قضية الصحراء الغربية قيد نظرهما "كمسألة تصفية استعمار" في حالة الجمعية العامة و "كمسألة تتعلق بالسلم والأمن" في حالة مجلس الأمن كما أفاد الأمين العام (A/78/249، الفقرة 2).
لم يستطع ممثل دولة الاحتلال المغربية أبداً الإجابة على أي من هذه الأسئلة المباشرة لأنها تكشف تفاهة كامل "الحجة" التي تحاول عبثاً على أساسها دولة الاحتلال "تبرير" احتلالها غير الشرعي للصحراء الغربية، المتواصل منذ عام 1975.
لا يفوِّت ممثل دولة الاحتلال أي فرصة لإعلان معارضة بلاده للاستفتاء الذي يشكل جوهر ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، التي مددها مجلس الأمن مراراً وتكراراً في قراراته ذات الصلة، بما في ذلك القرار 2703 (2023).
ومن المهم الإشارة إلى البيان الذي أدلى به الحسن الثاني، عاهل المغرب، في 27 سبتمبر 1983، أمام الدورة الثامنة والثلاثين للجمعية العامة عندما أعلن كما هو مُسجل ما يلي: "إن المغرب يبلغكم بأنه مستعد لإجراء الاستفتاء ابتداء من الغد إذا ما أردتم ذلك. والمغرب مستعد لتقديم جميع التسهيلات لجميع المراقبين، من حيثما أتوا، لكي يتحقق وقف إطلاق النار وحتى تجري استشارة عادلة ومنصفة وموثوقة. وأخيراً، يتعهد المغرب رسمياً وعلناً بأن يعتبر نفسه ملزماً ومرتبطاً بنتائج ذلك الاستفتاء (A/38/PV.8، الفقرة 26).
لا يمكن لممثل دولة الاحتلال المغربية أن ينكر أن ملكه السابق ألزم بلاده بإجراء الاستفتاء وتعهد رسمياً بقبول نتائجه، وأن بلاده بعد ذلك نكثت بالتزامها بإجراء الاستفتاء، وخاصةً حين أبلغت الأمم المتحدة كلا الطرفين بالقائمة المؤقتة للناخبين المؤهلين للتصويت في يناير 2000. وفي نهاية المطاف، وبعد فشله في محاولاته للتلاعب بعملية الاستفتاء، "أعرب المغرب عن عدم رغبته في المضي قدماً في تنفيذ خطة التسوية" (S/2002/178، الفقرة 48) كما أفاد الأمين العام نفسه في عام 2002.
ولذلك ينبغي لممثل دولة الاحتلال أن يتوقف عن محاولة "تبرير" معارضة بلاده للاستفتاء، الذي قبلته رسمياً، من خلال تقديم بعض "الحجج" التي لا أساس لها والتي تتناقض مع الحقائق الواضحة. فالحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية لم يجرَ بعد لا لشيء سوى لكون دولة الاحتلال المغربية تخشى نتيجة التصويت. هذا هو السبب بكل بساطة.
لقد أكد وزير الخارجية الأمريكي السابق، جيمس بيكر الثالث، الذي شغل منصب المبعوث الشخصي للأمين العام للصحراء الغربية ما بين 1997 و 2004، هذه الحقيقة في مقابلة مع PBS في 19 أغسطس 2004، مشيراً إلى أنه "كلما اقتربنا من تنفيذ خطة التسوية ... كلما شعر المغاربة بالتوتر حيال إمكانية خسارتهم لهذا الاستفتاء".
وعلى العموم، فإن ما سبق يظهر من جديد أن ممثل دولة الاحتلال المغربية لا يزال يخلط بين الدول الأعضاء وبين جمهوره المحلي الذي اعتاد على خداعه بدعايته الكاذبة وإثارة إعجابه بمعاركه "المذهلة" ضد طواحين الهواء.
وأرجو ممتنا إطلاع أعضاء مجلس الأمن على هذه الرسالة.
وتفضلوا، سعادة السفير، بقبول أسمى عبارات التقدير والاحترام.
السفير سيدي محمد عمار
ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو