أفرزت خمسين سنة من السلم والحرب واللجوء والاحتلال واقع جديد لم تعد البوليساريو وهي في شيخوختها قادرة على التكيف مع التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن هذه المرحلة الطويلة في حياة الإنسان الصحراوي.
وفي خضم هذه التحديات الكبرى وجد الشباب الصحراوي نفسه بين جهادين.
الجهاد الاكبر (جهاد الوطن): وهو الدخول في حرب غير متكافئة لم يكن مستعد لها من حيث التخطيط والتدريب والتسليح مع الإحتلال المغربي وهي حرب مقدسة فرضت عليه دفاعا عن وطنه في مواجهة عدو متسلح بأخر انواع العتاد الحربي.
الجهاد الاصغر (جهاد العائلة): لم يعد اللاجئ الصحراوي الشاب اليوم قادر على التكيف مع السوق المتوحشة في المخيم بين الارتفاع المستمر في أسعار السلعة الأساسية والانهيار المستمر في السلة الغذائية للدولة وشبه انعدام لفرص العمل وضبابية الأفق السياسي وشيخوخة الإدارة وضعف التحفيز في القطاع العام وانحصار التوظيف في ذوي القربي بالقطاع الخاص.
في ظل هذا الوضع، اضطر الشباب مجبرا إلى ركوب موجة البحث غير القانوني عن فرص العمل وبدل أن تتدخل الحركة والدولة لخلق بدائل اقتصادية تحمي هذا الشباب من المخاطر و المجازفة أو على الأقل تقوم بعملية التحسيس والتوعية فضلت أن تكتفي أو تحجز لها مكان في مدرج المتفرجين وتخلت بذلك عن التزامها القانوني والأخلاقي في توفير اسباب العيش الكريم لرعايها من اللاجئين الصحراويين.
لقد حولت البوليساريو السياسية بعد نصف قرن من سلطتها الإنسان الصحراوي من ذلك البدوي المبلوگ في بلاد السيبة إلى مجرد لاجئ مهزوم في لحمادة اضطر أن يتنازل عن كرامته وهو يكافح من أجل أن يعيش أولاده عيشا كريما.
الاستاذ : علالي محمود