القائمة الرئيسية

الصفحات

مكتبة الحمراء، أول مكتبة صحراوية خاصة


 منذ سنوات طفولتي المبكرة كنت شغوفًا بالقراءة، وكنت من أفضل الطلاب في مدرستي الابتدائية و تحديدا في مادة القراءة. كنت  اقرأ كل ورقة عثرت عليها كما كنت  اطارد بسرعة فائقة كل الأوراق التي كانت تتطاير بين  الخيام  تدفعها الرياح  الرملية في اتجاهات مختلفة.  كنت اشعر بالسعادة عندما تقع في  يدي نسخة من مجلة 20 ماي واحتفظ بها اقرأ منها صفحة واحدة كل يوم  لتوفر لي متعة المطالعة اطول  وقت ممكن. كنت أحلم دائمًا بتأسيس مكتبة تضم عشرات الكتب تمكن الاطفال من المطالعة  في جو من الهدوء.
 عند ما عدت من رحلة دامت عشرة  سنوات لغرض الدراسة في جمهورية كوبا،   كنت شاهدا على الظروف الصعبة التي يعيشها شعبي في مخيمات اللاجئين تحت الخيام القماشية المعرضة لاشعة الشمس، لاحظت ان  الكبار اصبحوا شيوخا  و الأطفال  مقاتلين في الخطوط الامامية والبنات اصبحن ربات بيوت .  رأيت الألم يسود المخيم: حيث تضاعف عدد  الأرامل والأيتام.
 في تلك اللحظة  مستعينا بالرصيد الكبير من القراءة، شعرت بالحاجة الشديدة إلى الكتابة لسرد مأساة شعبي لدى شتى دول العالم.  وبإذن الله صدرت لي إلى حد الآن أكثر من تسعة مولفات.
 لقد قمت بتنظيم مكتبة صغيرة في ركن من خيمتي، ومع مرور الوقت، شعرت في داخلي بالحاجة إلى إنشاء مكتبة متكاملة، حيث يمكن للأطفال قراءة جميع الكتب التي يريدونها.

 
 في عام 2015  اشتريت عشرات الكتب من أسواق البضائع المستعملة في إسبانيا وأرسلتها إلى مخيمات اللاجئين  وفي ذلك العام، ولدت مكتبة الحمراء، وهي أول مكتبة صحراوية  خاصة.  واليوم، وبعد تسع سنوات، لا يزال هذا الفضاء الثقافي مستمرا وأبوابه مفتوحة لجمهور القراء في ولاية العيون، بأكثر من 4500 كتاب، معظمها باللغة الإسبانية.
 أشعر بسعادة غامرة عندما أرى تحقيق حلمي، ويسعدني جدًا رؤية الأطفال يقرؤون قصصًا رائعة ويبتسمون و إن  اشاهد الطلاب الجامعيين الدارسين في جامعات الجزائر  الشقيقة يقومون بإعداد بحوثهم في المكتبة، حيث توجد تحت تصرفهم جميع المعلومات الازمة دون الحاجة إلى السفر إلى أماكن بعيدة عن ذويهم.  وان ارى طلاب مدارس العلوم الإسلامية يبحثون عن فتاوى هم بامس الحاجة اليها.    أنا فخور جدًا بهذا الفضاء الثقافي الذي استثمرت فيه كل ما تيسر لي من اموال دون مساعدة من أي مؤسسة خاصة ولا حكومية.
حرصا على مواصلة تحديث وتجهيز مكتبة الحمراء  أدعو وزارة الثقافة ووزارة التربية والتعليم وجميع مؤسسات الدولة الصحراوية الى توفير المزيد من الكتب، خاصة التاريخيه منها لاغناء هذا المشروع الرامي إلى تشجيع الطبقة المثقفة لانشاء المزيد من المكتبات والحث على القراءة  بهدف تكوين جيش من الكتاب الذين سيعززون المكتبة الصحراوية  باصداراتهم ويرافعون عن القضية الوطنية على المستوى الإقليمي و الدولي.
معروف بد،  مسؤول قسم الكتاب في اتحاد الكتاب و الصحفيين الصحراويين.

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...