القائمة الرئيسية

الصفحات

الكاتب الصحراوي السيد حمدي يحظيه في مقال بصحيفة الايام نيوز : "أمريكا اللاتينية العربية"



ابسط سيناريو بديهي كان يمكن أن يتصوره أي طفل- لا أقول رجلا- في غزة أو في فلسطين بصفة عامة،  أو في العالم العربي أو العالم أجمع هو أن الكيان الصهيوني إذا قتل طفلا أو امرأة في غزة، بطريقة وحشية، سيتم عقد اجتماع في القاهرة أو في الرياض، وستتخذ الدول العربية بالإجماع قرارا تاريخيا بحصار الكيان الصهيوني، ويتم قطع الامدادات عنه، وستكون أول نقطة في جدول الأعمال هي إنهاء اتفاق كامب ديفيد واتفاق وادي عربة واتفاقيات إبراهام، وتسحب الدول المطبعة سفراءها وتغلق السفارات الفضائح، ويعود الكيان الصهيوني في علاقاته مع العرب إلى ما قبل سنة 1977م. 
المتفائلون ظنوا أن الدم العربي سيسخن وسيتحمس وسيتشجع إذا رأى دما عربيا اخرا يراق، وأنه، مع مرور الوقت، إذا ارتكب الكيان الصهيوني مزيدا من جرائم الإبادة سيحدث الاجتماع التاريخي وستقطع العلاقات ويقطع البترول. للأسف حدث العكس، وكل المؤشرات تدل أن الكيان الصهيوني اجتمع مع أصدقائه العرب وضمن دعمهم. غرقت غزة في دماء والنساء، وحدثت الإبادة، لكن لم يحث أي شيء من الجانب العربي وبقي الدم العربي جامدا في العروق. نكاية بهذا الموقف المتخاذل، أخذت أمريكا اللاتينية المشعل، وسحبت  بوليفيا وتشيلي وكولومبيا وهندوراس سفرائها. رغم ذلك بقيت أفواه الدول العربية مملوءة بالماء، وبقيت الطيور تنزل على رؤوسها براحة تامة. أول مرة في التاريخ يتحول الدم إلى سائل لا لون له، ويرتبك المنطق، ويرتبك البديهي، وتنقلب المعادلات.  يأتي الدعم والتأييد من أمريكا اللاتينية التي لا دم ولا تاريخ ولا مصالح ولا حدود ولا ثقافة يجمعها مع فلسطين ومع غزة، ولا يأتي من العرب.  بدل أن يدخل التاريخ رئيس دولة عربية كبيرة بوقوفه مع غزة سيدخله لولا دي سيلفا، رئيس برازيل، وبدل أن تدخله الدول العربية المطبِّعة ستدخله كولومبيا وبرازيل وهندوراس. ويرتبك التاريخ أكثر عندما يموت أطفال غزة بالجوع ويأكل الجندي الإسرائيلي الأكل الساخن الذي تأتي به الشاحنات من دول عربية. أي تراجيديا أكبر من أن يقف طفل من غزة أمام الكاميرات، وقد تلطخ وجهه بالدماء والرمال ويقول: لو لا صمتكم ودعمكم يا عرب كنا هزمنا إسرائيل، أمريكا اللاتينية عربية.
السيد حمدي يحظيه

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...