القائمة الرئيسية

الصفحات

حول قرار النظام المالي إنهاء وساطة الجزائر


اعتقد أن النظام الانتقالي في مالي أساء تقدير الموقف مع الجزائر، التي تعتبر البلد الأكثر دراية بتعقيدات الساحة المالية، كما رمت بكل ثقلها الدبلوماسي والاقتصادي والاجتماعي من أجل إنجاح وساطتها التي أثمرت عن التوقيع على اتفاق الجزائر 2015. يحاول العسكر المالي إعادة تجريب الوصفات التي فشلت منذ 1963 وتأكدت من ذلك الحكومات المالية المتعاقبة. يجد النظام المالي نفسه منتشياً بالتعاون العسكري مع روسيا وحضور مرتزقة فاغنر ميدانيا، وهما عاملان يعتقد العقيد غويتا أنهما كفيلان بحسم المعركة عسكريا لصالحه ضد قوات الأزواديين. لكن منذ أغسطس الماضي تشهد أزواد معارك طاحنة بين قوات الإقليم والجيش المالي الذي تكبد خسائر فادحة في محاولته السيطرة على القواعد التي أخلتها قوات الأمم المتحدة.
محاولة النظام المالي تعويض وساطة الجزائر بلجنة المصالحة التي أعلن عن تشكيلها ستبوء بالفشل لسبب بسيط هو أن الحركات الأزوادية لا تثق إطلاقا في الحكومة المالية، فهي ترى أنها غير معنية بهذه المصالحة، ما يعني فشلها حتى قبل ولادتها. من هنا تظهر أهمية الجزائر بصفتها الدولة الأقدر على لعب دور الوساطة لما تملكه من أوراق ومعرفة دقيقة بالوضع المالي، ولما لها من مصلحة في استقرار مالي.
لا يستطيع الجيش المالي مواجهة الحركات الأزوادية المدججة بالسلاح والعناصر المؤمنة بقضيتها في آن واحد مع مواجهة الإرهاب الذي يفتك بالبلاد. إنه إنهاك للجيش والدولة ويشكل تهديدا وجوديا لها وتكرارا لسيناريو 2012.
وتكفي الإشارة إلى أنه منذ ثورة الأمير التارقي، محمد علي الأنصاري، عام 1962 مباشرة بعد استقلال مالي عن فرنسا، والطوارق يطالبون باستقلال أرض أزواد التي التي تشكل حوالي 66% من مساحة مالي، بينما يشكل سكانه الذين ينحدرون من قوميات الطوارق والعرب والسونغاي والفولان، ما يصل إلى 10% تقريبا من سكان البلاد.
الكاتب والمحلل السياسي: البشير محمد لحسن

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...