بعد أطول عملية عسكرية تخوضها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 20 سنة، انسحبت من مدينة جنين ومخيمها مخلفة وراءها بقايا مركبات عسكرية محصنة وصدمة وذهولا من سلوك مجموعات المقاومة في المدينة ومخيمها.
ولأكثر من 12 ساعة متواصلة بقي الجيش الإسرائيلي على أطراف مدينة ومخيم جنين، وسط مواجهات عنيفة بالرصاص والعبوات الناسفة محلية الصنع والأكواع المتفجرة.
ولم تتوقف المواجهات إلا مع انسحاب دوريات الاحتلال التي قدرتها مصادر محلية بأكثر من 120 آلية عسكرية محصنة، كما أضطر الجيش الإسرائيلي إلى استخدام طائرات الأباتشي التي قصفت أطراف المخيم.
واعترف جيش الاحتلال بإصابة 7 جنود (من القوات الخاصة ووحدات الجيش) وكلب بوليسي خلال كمين محكم تمكن المقاومون من خلاله من إعطاب مصفحة من نوع “الفهد” التي تعتبر أحدث القطع العسكرية التي يستخدمها الجيش في اقتحامات المدن الفلسطينية.
ولملم شبان مدينة ومخيم جنين أجزاء من السيارات العسكرية المصفحة التي تمكنت عبوات المقاومة الفلسطينية من اختراقها، حيث ذكرت مصادر إسرائيلية أن عددها سبع مركبات، مبتهجين بإنجاز المقاومة الفلسطينية، فيما لملم المواطنون حزنهم على رحيل 5 شهداء بينهم ثلاثة مقاومين.
وحسب مصادر طبية فإن الشهداء هم: قيس مجدي عادل جبارين (21 عاماً) ابن كتيبة جنين – سرايا القدس، قسام فيصل أبو سرية (29 عاماً) ابن كتيبة جنين- سرايا القدس، أحمد خالد فايز دراغمة (19 عاماً)، أحمد يوسف صقر (15 عاماً)، خالد عزام عصاعصة (21 عاماً)، فيما أعلنت وزارة الصحة عن إصابة أكثر من 100 مواطن بينهم 10 حالات بحالة الخطر.
وشيّع آلاف المواطنين الشهداء الخمسة من مستشفيات المدينة حيث انطلق المواكب المهيب نحو أهالي الشهداء من أجل توديعهم.
وردد الشبان هتافات مجّدت المقاومة، واعتبروا أن الاحتلال يمكنه دخول المدينة، ولكنه لن يخرج منها وفق ما يريد ويتمنى.
وباعتراف جيش الاحتلال، فقد جرت العملية بعكس ما خطط لها، حيث جاء في بيان الجيش أن القوات التي اقتحمت أطراف المدينة لتنفيذ عملية اعتقال روتينية وقعت في كمين محكم أعاق انسحابها لساعات، وسط مواجهات شرسة وتنفيذ أكثر من 10 عمليات تفجير بالعبوات الناسفة.
كما أعلن جيش الاحتلال عن إصابة طائرة مروحية من نوع “أباتشي” برصاص المـقاومين في جنين، حيث كان قد جلبها للاستعانة بها لقصف بعض المناطق، في أول إجراء يضطر إليه الاحتلال منذ انتفاضة الأقصى الثانية.
وفي السياق نفسه، دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، إلى شن عدوان واسع شمال الضفة الغربية المحتلة، حيث قال “حان الوقت لاستبدال الأنشطة العينية بعملية واسعة للقضاء على أوكار الإرهاب واستعادة الردع والأمن في المنطقة”. وشهدت مدن الضفة الغربية وقفات تنديد بالعدوان على مدينة ومخيم جنين في كل من رام الله والبيرة وطولكرم ونابلس والخليل، كما دارت اشتباكات واسعة مع المواطنين في منطقة مدخل البيرة الشرقي.
ونددت السلطة الوطنية الفلسطينية بالعدوان الإسرائيلي على لسان الوزير حسين الشيخ، أمين سر اللجنة التنفيذية، والناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، وكذلك دول عربية، منها الأردن ومصر إلى جانب تركيا.