القائمة الرئيسية

الصفحات


كثر الكلام في الوقت الحالي عن النخبة، وتم في كل وقت فصلها عن الثورة، بل تم تجاوز تعريفها وكأن الجميع متفق على تعريف واحد، وهذا مصدر اندهاش حينما نرى تناقض في الطرح بين كل المتداولين للموضوع حول معنى النخبة، ودورها وعن اي نخبة نتكلم إذا كان احتمال جمع المفردة وارد ـ نخب ـ واعتقد باستحالة تحديد معنى النخبة بدون بحث شكلها ودورها التاريخي وتأثيرها في المجتمع.
يبدوا من الأساس انه ليس هناك تعريف مصطلح عليه لكلمة النخبة، فعامة الناس تقصد بها الفئة المثقفة، وبعضهم يقصد بها الأطر القيادية..... إلخ وأعتقد أن هذه التعاريف واعية كانت ام غير ذلك تشير إلى الموقع الإيديولوجي لأصحابها أكثر مما تشير إلى الفئة التي نقصدها .
ولكي نعطيها تعريفا دقيقا إنطلاقا من تأثيرها و حيزها ودورها التاريخي في الواقع الإجتماعي ، لا بد أن نفهم نوع النخبة التي نتكلم عنه .
ونحن نتكلم عن النخبة الثورية تحديدا، لأنه حينما ربطنا التعاريف بالتربة الإيديولوجية أو الموقع الإيديولوجي الذي ينبع منه التعريف فإننا نشير أساسا إلى وجود موقعين إيديولوجيين منتناقضين ، موقع محافظ يكرس الواقع الموجود، وموقع ثوري تغييري يحاول بإطراد تغيير هذا الواقع ، وم هنا يمكن ان نكون الشطر الأول من تعريفنا للنخبة والتي نعني بها الفئة الواعية من المجتمع ،والتي يتطابق وعيها مع الشروط التاريخية ،وتتهيكل في تنظيم ثوري ،ويكون لها برنامجا سياسيا ثوريا لتحرير المجتمع ومخططا اقتصاديا يعيل هذا المجتمع ونظرة علمية عميقة إلى الواقع الإجتماعي ينتج عنها ميثاق وطني (ضمان حق المواطنة بشكل متساوي لجميع المواطنين)، وعقد اجتماعي يجعل القاعدة الشعبية هي القيادة الحقيقية وتصبح بذلك النخبة هي الشرط الثاني من شروط قيام الثورة ونجاحها ، لأن الشرطين الأساسيين لقيام الثورة ، هما الأزمة والنخبة: يعني دواعي التغيير الجذري الشامل، والذات العاقلة، (النخبة) التي تسيير هذا التغيير الذي لا يمكن تسييره إلا بنظرة علمية عميقة إلى الواقع الإجتماعي، ( ما يعرف في مبادئنا بالتحليل العلمي) ، هذين الشرطين توفرا في التاريخ الصحراوي المعاصر في اواخر ستينيات وسبعينيات القرن الماضي مع الحركة الطلائعية والجبهة الشعبية تحديدا مع الشهيد الولي ورفاقه رحمة الله عليهم، وهنا لا نغفل عن ملاحظة كثيرا ما كتبناها في المحاولات السابقة، ( ان الوعي الحقيقي وللأسف العميق لايمكن ان يكون إلا نخبويا لعدم امتلاك العامة آليات التحليل والنقد.)
اغرب ما صادفناه في السنوات الأخيرة : ( هي نخبة تحريفية، منذ الوهلة الأولى تحسبها ثورية ولكن عند تطبيق التعريف عليها تجدها متموقعة بشكل غير واع في اغلب الأحوال مع إديولوجية الرجعية اي كما نقول منزلقة بشكل غير واع إلى مواقع الفكر النقيض) أي لا موقع ايديولوجي لها ، فتجدهم يخلطون بين الشئ ونقيضه في ممارسة واحدة، فتجد الرجل إصلاحي يؤمن بمفهوم حقوق الانسان كمفهوم شمولي وكسقف للعدلة والنضال ويرفض ان تكون لها وظائف ايديولوجية لتكريس الفوارق الطبقية وديمومتها ،بل يفصل التحرر من الاستعمار والإحتلال عن النضال التحرري في شكله العام الهادف الى تحرير الانسان من القهر والإستعباد ومحو الفوارق الطبقية او محو الطبقات كاستراتيجية للفكر التحرري الثوري، ويرى في النظام الديمقراطي الشمولي هدف استراتيجي لتحقيق العدالة الاجتماعية ،رغم الوظيفة الايديولوجية لهذ الفكر المحافظ في تكريس الهيمنة في ايدي الأقلية وهذا يؤشر على انزلاقه الغير واعي الى مواقع اديولوجية الهيمنة وبها يصبح تحريفيا بمظهر ثوري، وفي مكان آخر ينظر للفكر الثوري ويلمعه ببلاغة تطغى على البرهنة العلمية ومن خلالها يميعون الفكر ويستعملونه للنرجسية ،بعض النخب وصلوا الى استغلال التنظير الثوري بهدف الوصول والوصولية ويصبحون بين امرين اما انهم لا يفهمون النظرية وييعون كخبط العشواء تخطئ وتصيب وهنا يصبحون مجرد تحريفيين لا يقوون على نقل الوعي الحقيق بالواقع الى الإدراك وبالتالي فوعيهم لا يتطابق مع الشروط التاريخية وحكمهم على الواقع زائف ومشوه وإيديولوجيتهم سالبة، واما أن البرغماتية والوصولية تدفعهم إلى استغلال كل ما يحيط بهم بما ذلك الفكر الثوري والممارسة الثورية من اجل تحصيل منفعة على حساب الآخرين, وهذا ما سماه الشهيد الولي رحمه الله في احد خطاباته، بعدم التسليم بالحق سواء من طرف الأطر أو القاعدة وهنا ينعدم الفرق بينهم وبين قوى الهيمنة التي يحاربونها هم انفسهم وقد علمتنا التجربة التاريخية انهم يتحالفون معها في اقرب فرسة يجدونها .
النظرية الثورية والفكر الثوري لا يمكن تجريده وفي كل الأحوال لا يمكن فصله عن الممارسة وإذا فعلنا فنحن نعدم فيه روح العلمية وروح الثورية ،بل هو تموقع ايديولوجي بالمعنى الموجب للكلمة يتفق فيه الفكر بالممارسة ويعبر عن مصلحة الإنسان في سياق اجتماعي وليس تعبير مجرد ومبهم ومقولات عامة لا تتطابق مع الشروط التاريخية. لا تغيير بدون برنامج سياسي ومخطط اقتصادي، وهذا هو إيجاز: لا ثورة بدون نظرية ثورية
ومن هنا يلزم نخبة واعية يتطابق وعيها والشروط التاريخية ،الذاتية منها والموضوعية، أي نخبة تعبر في مشروعها عن آمال الشعب الصحراوي نهجا وممارسة وتفهم النقد بهدف تطوير الفعل الثوري ولا تمارس الإقصاء.
كثر الكلام عن النخبة ولكنها في الحقيقة غائبة كلية فكرا وتنظيما ، نهجا وممارسة.
لقد كان الشهيد الولي رحمة الله عليه يعالج الواقع الموضوعي بتحليل علمي ولكنه كان في نفس الوقت يجد الآلية التنظيمية لمعالجة الخلل وكان يقرأ الإحتمالات ويطرحها في حسبان الممارسة.
ما معنى نخبة ناقمة على الواقع وغير راضية عنه وفي نفس الوقت لا تجد الآليات التنظيمية التي تغيره بهذا الوصف تتساوى النخب الواعية مع العامة في عدم الرضا عن الواقع وفي عدم القدرة على تغييره وتختلف عنها فقط في كون نخبنا الحالية ظواهر صوتية لا تتمسك حتى بموقع ايديولوجي.
لنكون أكثر تحديدا في التعارض الأساسي بين هذه الظواهر الصوتية ليس هو جوهر القضية الوطنية و إشكاليات التنظيم السياسي وإنما صراع مصالح يتخذ من التنظير الثوري غطاء له بالرغم من أننا لانشير الى الجميع بنفس النعت أي هناك من يهمه حقيقة تطوير التنظيم ، والممارسة الثورية لا تتوقف فقط عند حدود القضية الوطنية ولكن ك عقيدة ثورية انسانية و عالمية ولكن في جوهرها العلمي وبعيدة عن كل طوباوية وبعيدة عن التوظيف السياسي،
وهنا يمكننا أن نطرح مجموعة من الإشكاليات التي بإمكانها توضيح هذه الأفكار عن النخبة :
من أين ينبع كل ما نصادق عليه في المؤتمر الشعبي العام؟
على أي أسس ننقل أفكار النخبة الوطنية من تنظير حول الواقع إلى قرارات ملزمة مصادق عليها من طرف أكبر سلطة للشعب الصحراوي - المؤتمر الشعبي العام - ؟؟؟
وما هو مضمونها في الحقيقة وما هي أهدافها؟
وما هي قوة المنظر الصحراوي في تحدي الشروط التاريخية التي ننتج داخلها أفكارنا وهل تعتبر أفكارنا ذات مضمون موضوعي حول واقعنا الحقيقي ؟؟؟
و ما هي العوائق التي تحول دون تطبيق المقررات, وهل في ظل الشروط التاريخية الجديدة ومستوياتها الإيديولوجية الجديد النظرية الرابعة ( الكسندر دوغين ) نحن نمارس الديمقراطية بمفهومها الشمولي الذي ينبذ الوعي او بمفهومها الثوري التحرري الذي يركز على الوعي عبر مبدأ التحليل العلمي, هل نحن قادرين على التداول في مجال حوار وطني متمدن، بفروع متخصصة يعبر عن مصلحة الشعب الصحراوي التي لا يمكن أن نضمن أي مصلحة لأي صحراوي ولا صحراوية خارجها، والتي لا يمكن ضمان الوجود الصحراوي بهوية صحراوية إلا بها ،،؟؟ يعني هل نحن موجودين ك نخبة تلبي معايير التعريف ، بعد استشهاد الشهيد الولي،،،؟؟؟
ولست هنا في محاولة نقد التجربة بشكل فردي وإنما أحاول تضمين بعض الإشكاليات المتعلقة بدور النخبة ومسؤوليتها التاريخية بين التنظير والممارسة ، إنطلاقا من البرامج الوطنية وفعالية الإستحقاقات الوطنية ومنها أكبر سلطة شعبية وطنية المؤتمر الشعبي العام ، وفي الحقيقة لا يتسع المجال في هذه المقالة المتواضعة للبحث فيها ، ولكن سنعود إليها لاحقا في مقالات قادمة بحول وسنبحث فيها بتفصيل بما في ذلك مسألة الحق لما لها من تأثير في التنظيم الثوري. ( يتبع ان شاء الله)
بمناسبة عشرين ماي الخالدة أهنئ الشعب الصحراوي على المهمة الحضارية التي ينجزها على التضحيات الجسام ،و أترحم على شهدائنا الأبرار وفي مقدمتهم مفجر الثورة الشهيد الولي.
كل الوطن او الشهادة
بقلم حسان ميليد علي البوليساريو

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...