عاقب الناخب الإسباني يوم أمس 28 مايو بطريقة قصوى الحزب الاشتراكي الإسباني في الانتخابات البلدية والمحلية وهي الانتخابات التي تعتبر اختبارا وطنيا لرئيس الوزراء بيدرو سانتشيس قبل شهرين من الانتخابات التشريعية.
لقد شملت الانتخابات كل البلديات الـ 8131، أي 35,5 مليون ناخب، والحكومات المحلية في 12 من أصل 17 منطقة إسبانية ذات حكم ذاتي، بما يشمل حوالي 18,3 مليون ناخب لقد خسر الإشتراكيون جميع البلديات والحكومات المحلية وبالتالي يتخلى المواطنون الإسبان عن الحزب الإشتراكي العمالي ويصوتون لغريمه الحزب الشعبي الذي إكتسح تقريبا جميع البرلمانات الإقليمية والمجالس البلدية ورؤساء بلديات هامة “كمدريد” و “فالينسيا” و “سيفيا” وهي سابقة لم تعرفها هذه الانتخابات المحلية الإسبانية من قبل.
بهذه النتيجة الفضيحة كما وصفها الإعلام الإسباني التي حصدها ” السانتشيسمو” أي التيار المغربي داخل الحزب الاشتراكي الإسباني بقدر ما تعكس لعنة الصحراويين التي حلت بهذا الحزب الذي تفسخ من قيمه وعقيدته اليسارية و من موقف اسبانيا التاريخي من النزاع الصحراوي، بقدر ما تظهر عمق وتجذر القضية الصحراوية في أوساط العامة من الشعب الإسباني التي تشكل أغلبية الجسم الانتخابي وأن هذه القضية معادلة لا يمكن القفز عليها او المتاجرة بها، و هذا ما عكسه البرلمان الإسباني بإجماع في أكثر من مناسبة فضلا عن مواقف كافة الأحزاب الإسبانية و النقابات و المجتمع المدني.
لقد أخطأ بيدرو سانشيز في استراتيجيته بإعتماده على المخزن المغربي في ترتيب أوضاعه الداخلية وتهيئة نجاحاته المستقبلية أو هكذا أوهمه شيوخ الحزب المتقاعدين في المغرب ( فيليبي كونسالز، رودريك ساباتيرو، أكيلار و بونو و آخرون) و تجاهل أن الشعب الإسباني مهدد في ديمقراطيته و استقراره و حتى في سيادته من طرف جار السوء المغربي الذي غزاه بالمهاجرين و المخدرات و التجسس بل بالإرهاب ولن ينسى الإسبان أحداث مدريد 2004 و برشلونا 2019
لقد أراد رئيس الوزراء الإسباني سانشيز والمصاب بنرجسية زائدة، أن يفوز بهده الانتخابات، بالإرتكاز على خبرة نظام المخزن المغربي في التلاعب بأصوات الناخبين بعدما تأكد بأن الرأي الإسباني لن يغفر له إنقلابه الخطير على الديمقراطية الإسبانية و على القانون الدولي وعلى إرادة الإسبانيين الداعمة لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، حيث حاول خلسة شراء الآلاف من أصوات الناخبين عبر البريد الشيء الذي أدى الى إعتقال أكثر من 20 شخصا منهم مرشحين من الحزب الإشتراكي حسب الشرطة، في كل من مدينة “مليلية” ومحافظات “المريا” و”هويلبا” و”ثامورا” و”اليكانتي” و وجهت أصبع الإتهام مباشرة الى المغرب. المغرب الذي جند كافة قنصلياته و ودادياته و توابعها، لحث الجالية المغربية للتصويت لصالح الحزب الإشتراكي و رفع شعار من “صوت لسانتشيز صوت لسيدنا ” و قد أكدت المخابرات الإسبانية أن المغرب ربما صرف أموالا باهظة في هذه الانتخابات حيث أعترف الموقوفون بأنهم يسلمون لكل ناخب ما بين 150 الى 200 أورو إذا صوت للحزب الإشتراكي مما يعتبر تدخلا مباشرة في الشؤون الداخلية الإسبانية الشيء الذي دفع مندوب حزب “فوكس” الى رفع القضية في البرلمان الأوروبي وهكذا كما يقول العرب ” إذا رافق الحوار الحمار علمه الشهيق و النهيق”
إن وطأة الهزيمة النكراء التي نزلت كالصاعقة على الإشتراكيين الإسبان وقوة الصفعة التي تلقاه زعيمهم سانتشيز من الناخب الإسباني تضع حدا لغطرسة وعجرفة الحزب الإشتراكي العمالي وهرولته الى أحضان نظام المخزن المغربي ليجعل منه العشيق الحميم الذي لم يعلمه غير الغش و التزوير و شراء الذمم، كما أنها بداية لإنهيار حكومة الأشتراكيين و خسارتها التشريعيات التي سارع سانتشيز الى تقديمها لشهر يوليوز القادم عوض شهر دجنبر كما كان مقررا مما يظهر أن سونامي المحليات جرف كل حسابات مهندسي استراتيجيات الإشتراكيين ولم يترك لهم أي مجال للمناورة.
إن الأكيد أن انتخابات يوم أمس هي بمثابة ” بارومتر” سياسي مهم لقياس الرئاسيات القادمة وهكذا يحصد سانتشيز سياسة وضع كل بيضه في السلة المغربية بخيانته للقضية الصحراوية ويتبخر معه أمل المخزن في إعتراف اسباني مزعوم بمغربية الصحراء كما تبخرت من قبل تغريدة الرئيس ترامب.
إننا لا نحسد حكومة الاشتراكيين الإسبان والمخزن المغربي على قصر زمن عشقهما الرومانسي فتلك لعنة الصحراويين التي ستبقى تنغس مضاجع كل متآمر ومعتدي على الشعب الصحراوي الصبور الطيب المسالم.
بقلم: محمد فاضل الهيط