القائمة الرئيسية

الصفحات

في ذكرى إعلان الجمهورية الصحراوية: استحضار لمسيرة حافلة بالإنجازات وخطى ثابتة نحو الاستقلال


تخلد الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية, غدا الخميس, الذكرى ال49 لاعلانها, في ظروف خاصة يطبعها تصعيد القتال من اجل طرد الاحتلال و استكمال السيادة الوطنية على جميع الاراضي المحتلة, لتسير بخطى ثابتة نحو الحرية و الاستقلال برصيد كبير من الانجازات على كل المستويات.
و يستحضر الشعب الصحراوي في ذكرى تأسيس جمهوريته, في 27 فبراير 1976, الرهانات الكبيرة خلال تلك المرحلة بعد انسحاب الاستعمار الاسباني, اثر توقيع اتفاقية مدريد المشؤومة في 14 نوفمبر 1975, واجتياح المغرب للأراضي الصحراوية شهر اكتوبر من نفس العام, والشعب الصحراوي لا يزال يلملم جراحه, ليبدأ معركة جديدة ضد الاحتلال المغربي, ما زالت متواصلة الى غاية اليوم.
وموازاة مع معركة الكفاح المسلح, انطلقت منذ اليوم الأول مسيرة تشييد المؤسسات لبناء جمهورية عصرية تحتضن جميع الصحراويين ضمن اطار وطني جامع يلبي طموحاتهم و يستجيب لتطلعاتهم في مختلف الميادين, في افق طرد الاحتلال وتحقيق الاستقلال.
 
مسيرة حافلة بالانتصارات الدبلوماسية والمكاسب القانونية
ورغم ما تفرضه ظروف الاحتلال والحرب من عوائق, اكد الدبلوماسي الصحراوي ابي بشرايا البشير, ان “الجمهورية الصحراوية حققت انجازات كبيرة على كل المستويات داخليا و خارجيا, لا سيما على الصعيدين السياسي والدبلوماسي, والتي جعلت منها حقيقة قائمة و رقما لا يمكن تجاوزه في حل اي من معادلات المنطقة أو القارة”.
و أشار في هذا الصدد الى الاحصائيات الرسمية التي تجعل من الجمهورية الصحراوية في مقدمة البلدان الافريقية الاكثر نجاحا في محو الامية والتعليم, وهذا بالرغم من ظروف اللجوء والاحتلال والجدار العسكري الفاصل.
اما على الصعيد الدبلوماسي, يضيف, حققت الجمهورية الصحراوية مكاسب كبيرة اخلطت أوراق الاحتلال, وعلى رأسها العضوية في الاتحاد الافريقي من موقع المؤسس والبلد الفاعل والذي يكتسي وجوده بالنسبة للأفارقة رمزية كبيرة, بالنظر الى تاريخ القارة الحافل بالكفاح والنضال ضد الاستعمار.
و أبرز أبي بشرايا ان أكثر من 80 دولة تعترف بالجمهورية الصحراوية وتربطها بها علاقات دبلوماسية, ناهيك عن حضورها المتميز في قمم الشراكات الدولية و التزامها الفعال بمكافحة الجريمة المنظمة والارهاب, الذي يشكل الاحتلال المغربي مصدرا كبيرا له بشهادة تقارير المنظمات الدولية المتخصصة.
وتأتي هذه الحصيلة كنتيجة للمعركة القانونية التي تخوضها جبهة البوليساريو في أوروبا منذ سنوات, حيث تعززت صفتها القانونية من خلال قرار المحكمة الاوروبية سبتمبر 2021, والذي أكد على الشخصية القانونية الدولية للجبهة وأهليتها للمرافعة امام الهيئات القضائية الأوروبية للدفاع عن حقوق الشعب الصحراوي, وكذلك الاحكام القضائية التي تقضي ببطلان الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الاوروبي والمغرب والتي تشمل الاراضي الصحراوية المحتلة.
ولعل من اهم الانتصارات القانونية التي حققتها الدبلوماسية الصحراوية ايضا, قرار المحكمة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب الصادر في سبتمبر 2022, والذي أكد على احتلال المغرب لأجزاء من تراب الجمهورية الصحراوية, مع دعوة الدول والشعوب الافريقية للتضامن مع الشعب الصحراوي.
وعلى وقع هذه الانتصارات الدبلوماسية وتورط المغرب في فضائح دولية تستهدف تشويه كفاح الشعب الصحراوي.
ويرى السفير ابي بشرايا أن “العالم أصبح مقتنعا أكثر من اي وقت مضى ان القفز على ارادة الشعب الصحراوي في الحرية و الاستقلال مستحيل, و ان احترام ارادته هو مفتاح السلام العادل والنهائي في المنطقة التي لا تتحمل المزيد من التوتر”, مشددا على أن القضية الصحراوية تفرض نفسها اليوم في اكبر المحافل الدولية.
و يحتفي الشعب الصحراوي يوم الثلاثاء المقبل، بالذكرى ال49 لإعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية المصادفة لـ27 فبراير، في ظرف تميزه مكاسب دولية وقارية وجهوية، قانونية ودبلوماسية واجتماعية، رغم التحديات والإكراهات الماثلة على الأرض جراء الغزو والاحتلال .

كل سنة يتذكر الشعب الصحراوي ذلك الحدث التاريخي الذي سجل  يوم الـ27 من فبراير 1976 مباشرة بعد رحيل آخر جندي إسباني من الصحراء الغربية؛ حيث أعلنت يومها الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (جبهة البوليساريو) على لسان المجلس الصحراوي المؤقت، عن تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، اعتمادا على أسس قانونية وتاريخية، في مقدمتها حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، طبقا لمواثيق الأمم المتحدة خاصة القرارات 1514 و1541 و2625،  كذلك الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية 16 أكتوبر 1975 وإفادة لجنة تقصي الحقائق الأممية للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 12 أكتوبر 1975  وحل الجماعة الصحراوية وتأسيس المجلس الصحراوي المؤقت 28 نوفمبر 1975 ردا على اتفاقية مدريد الثلاثية لتقسيم الصحراء الغربية 14 نوفمبر 1975.

منذ ذلك التاريخ وعلى مدار 49 سنة من عمرها، وبفضل كفاح واستماتة  شعبها تحت قيادة رائدة كفاحه ممثله الشرعي والوحيد المعترف به دوليا (جيهة البوليساريو) وبالرغم من الظروف الاستثنائية، فقد نجحت الدولة الصحراوية في الوصول إلى مصافِ الدول، ببناء مؤسسات حديثة متكاملة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وبتجربة رائدة مكنتها من تحقيق إنجازات ومكاسب فرضت نفسها كحقيقة قارية ودولية وجهوية لا رجعة فيها، رغم إكراهات الغزو المغربي وظروف اللجوء والتشريد التي يعانيها الشعب الصحراوي منذ زهاء خمسة عقود.
 الاحتفال بالذكرى هذه السنة، يأتي في ظروف قارية ودولية صعبة، سمتها الرئيسية مواصلة درب الكفاح المسلح الذي تَجدد يوم الـ13 نوفمبر 2020، بعد نسف نظام الاحتلال المغربي لمخطط السلام وخرق اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين.
هذا الكفاح الذي يتواصل حتى استكمال سيادة الشعب الصحراوي على كامل أرضه، كما أجمع على ذلك في شعار المؤتمر المؤتمر السادس عشر لجبهة البوليساريو "تصعيد القتال لطرد الاحتلال واستكمال السيادة" مُسجلا بكل فخر واعتزاز الجهود الجبارة لمقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي ومواصلة دك تخندقات قوات الاحتلال المغربي وتكبيدها الخسائر الفادحة على طول جدار الذل والعار.

وبالموازاة مع ما تحمله ذكرى إعلان الجمهورية الصحراوية من دلالات، تبرزها إنجازات ومكاسب على الأرض، كما أوضحت الأمانة الوطنية في دورتها العادية 
ــ استمرار الجهود للرفع من مستوى جاهزية جيش التحرير الشعبي الصحراوي وتوسيع رقعة العمل القتالي وتصاعد وتيرته وما يلحقه بالعدو من خسائر بشرية ومادية وتأثيره النفسي والمادي  على جيش الاحتلال من خلال حرب استزاف متواصلة في ظل تواصل الأعمال القتالية الميدانية لجيش التحرير الشعبي الصحراوي ضد قوات الاحتلال المغربية على طول جدار الذل والعار.

وسجلت الأمانة الوطنية، تواصل نضالات وصمود وتحدي جماهير الشعب الصحراوي في المناطق المحتلة وجنوب المغرب لقوات الاحتلال المغربي، رغم الحصار والقمع الوحشي، في حين تتواصل ملحمة الأسرى المدنيين الصحراويين، وراء قضبان السجون المغربية الرهيبة، متسلحين بالتحدي والصمود والإيمان بمشروعية الهدف في مواجهة غطرسة وجبروت الآلة القمعية لدولة الاحتلال.
يحدث ذلك مع تجاوب الجماهير الصحراوية في كل مواقع الفعل وانخراطها الدؤوب في إنجاز البرامج المقررة والاستحقاقات المختلفة.
 على مستوى الأمم المتحدة، كان لقاء رئيس الجمهورية الأمين العام للجبهة مع الأمين العام للأمم المتحدة، والتأكيد على موقف الطرف الصحراوي المطالب بضرورة تحمل الأمم المتحدة لمسؤوليتها في استكمال تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية وما يتطلبه ذلك من تنفيذ بعثة المينورسو لولايتها من خلال تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال طبقا لمخطط التسوية الأممي-الإفريقي. في ظل رفض الشعب الصحراوي القاطع لسياسة الأمر الواقع التي تحاول دولة الاحتلال المغربية فرضها بالقوة في المناطق المحتلة من الجمهورية الصحراوية وتصميمه على مواصلة وتصعيد كفاحه بكل الوسائل المشروعة لبلوغ أهدافه في الحرية والاستقلال.
 على المستوى القاري، كان  موقف الاتحاد الإفريقي ودفاعه المستميت عن مبادئه المؤسسة في ميثاق الاتحاد الإفريقي وتعاطيه مع الشركاء على أساسه، أمرا تجلى أثناء محاولات عقد قمة الشراكة بين الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية بالعاصمة السعودية الرياض، والتي لم يتم عقدها بسبب محاولة دولة الاحتلال وحلفاؤها القفز على قرارات الاتحاد الإفريقي بهذا الخصوص، في ظل التأكيد على دور الاتحاد الإفريقي في المساهمة في إيجاد حل سلمي ودائم للنزاع بين الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية على أساس مبادئ وأهداف القانون التأسيسي للاتحاد وقراراته ذات الصلة.

 نسجل في هذا الإطار ، حضور الدولة الصحراوية قمتي "البريكس والمناخ" مما عزز مكانتها ودورها قاريا ودوليا.

 يسجل كذلك وعلى مدار 49 سنة ، تأكيد الجزائر الشقيقة على موقفها التاريخي والمبدئي الداعم للشعب الصحراوي وقضيته العادلة المعبر عنه في كل المحافل والمناسبات الوطنية، الإقليمية والدولية، كذلك منافحة جنوب إفريقيا ومواقفها المشرفة ليس فقط في الدفاع عن الصحراء الغربية  بل عن كل القضايا العادلة في العالم في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وفي محكمة العدل الدولية.

أخيرا، قوة علاقات الأخوة وحسن الجوار بين الجمهورية الصحراوية والجمهورية الإسلامية الموريتانية، وتأكيد العزم على رفع وتيرة التعاون والتنيسق بين البلدين بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين ويساهم في استتباب السلم والأمن والاستقرار في المنطقة.
هذا في وقت نسجل تكشف فضائح  النظام المغربي في المنتديات الدولية وفشله في مآربه رغم تحالفه مع الكيان الصهيوني واعتماده سياسة الابتزاز وشراء الذمم في علاقاته الدولية .
في المقابل يتكرس تواجد الدولة الصحراوية ليس فقط في الاتحاد الإفريقي ومؤسساته الدستورية، الذي يشكل رافعة دولية للدفاع عن القضية الصحراوية، بل كذلك على الصعيد الدولي خاصة في قمم الشراكة بين الاتحاد الإفريقي وبقية المنظمات والهيئات الدولية الشريكة، وكذلك المحاكم الأوربية .
 وتظل التحديات قائمة في مواجهة المصاعب، لكن إرادة وعزيمة وإيمان الشعب الصحراوي ستكون لها بالمرصاد كما قال الرئيس إبراهيم غالي "إنها مرحلة حافلة بالتحديات، ولكن شعبنا سيكون، كما كان دائماً، في مستوى التحدي، استعداداً وتعبئة وتجنيداً، على كل الساحات والمستويات".

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...