القائمة الرئيسية

الصفحات

النص الكامل لتقرير الأدبي المقدم من الأمانة الوطنية للجبهة إلى المؤتمر السادس عشر للجبهة

 


بسم الله الرحمن الرحيم

أيتها المؤتمرات، أيها المؤتمرون،

ضيوف شعبنا الأعزاء،

الحضور الكريم،

مرة أخرى، يتجدد هذا اللقاء الوطني الشعبي، الذي يلتئم فيه جمع من ممثلات وممثلي الشعب الصحراوي، من كل مواقع تواجده. وإنه لمصدر فخر واعتزاز أن تتجذر هذه التجربة الراقية، في منبر ديمقراطي أصيل، يروم تعميق النقاش وبلورة التصورات والخطط والاستراتيجيات، لتتويج حرب التحرير الوطني بالنصر المؤزر الحتمي.

اسمحوا لي أن أبدأ بالترحيب بضيوف شعبنا الكرام، القادمين من كل قارات العالم، يحملون رسالة السلام والتضامن والمؤازرة، متمنياً لهم طيب المقام بين ظهران الشعب الصحراوي. ومن هنا، نوجه الشكر والتقدير إلى ولاية الداخلة، جماهيرها وسلطاتها، على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.

ونحن نتوجه بالتحية والترحيب إلى وسائل الإعلام الوطنية والدولية الحاضرة معنا، لا يفوتنا أن نثمن أيما تثمين المجهود الجبار الذي قامت به اللجنة الوطنية التحضيرية للمؤتمر السادس عشر للجبهة، بمختلف مكوناتها وخلال مختلف مراحل عملها، مشيدين بالمشاركة الوطنية الواسعة، الواعية والمسؤولة، في الندوات السياسية، مروراً بالندوة الوطنية التحضيرية، وصولاً إلى محطة المؤتمر، وهو ما يعزز قناعتنا الراسخة بالنجاح الأكيد لهذا الاستحقاق الوطني الأسمى.

الأخوات والإخوة،

انطلاقاً من مقررات المؤتمر الخامس عشر، وخاصة قرار إعادة النظر في التعاطي مع عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، عملت الأمانة الوطنية في إطار الأولويات المعروفة، وفي مقدمتها الارتقاء بالتنظيم السياسي، وجاهزية جيش التحرير الشعبي الصحراوي وتأجيج جبهات انتفاضة الاستقلال والخارجية والإعلام والمعركة القانونية، والتركيز على انتظام البرامج الخدماتية وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين.

ولكي تكتمل صورة التقييم، من المهم الوقوف عند الظروف والمعطيات والتطورات دولياً، قارياً وجهوياً، بما له صلة بمسار الفعل الوطني خلال فترة الثلاث سنوات المنقضية منذ المؤتمر الخامس عشر للجبهة.

ولعل من أبرز التطورات على الساحة الدولية، بعد المؤتمر مباشرة، أي مطلع سنة 2020، هو انتشار وباء كورونا في العالم، والذي شكل مفاجأة حقيقية، كان لها الوقع الكبير والمباشر على سكان المعمورة، وخاصة في ظل عدم توفر اللقاح المناسب.

وإزاء الاستشراء السريع والمتزايد للوباء، اضطر العالم لاتخاذ إجراءات احترازية، بما في ذلك غلق الحدود والتوقف التام أو الجزئي لحركة تنقل المسافرين والبضائع، وفرض الحجر الصحي وإعلان حالة الطوارئ. وقد أدى ذلك إلى نتائج وتبعات اقتصادية واجتماعية خطيرة، وخاصة الناجمة عن الركود الاقتصادي والنقص الحاد في المواد الغذائية الأساسية.

ونسجل بارتياح نجاح الدولة الصحراوية في مواجهة هذا الوباء العالمي الخطير، عبر الآلية الوطنية للوقاية من وباء كورونا، وبالتنسيق مع الدول والهيئات والجمعيات وغيرها عبر العالم، وخاصة مع الشقيقة الجزائر، في تجنب الآثار الخطيرة لهذا الوباء على المواطنات والمواطنين الصحراويين في مخيمات العزة والكرامة والأراضي المحررة.

وخلال الفترة المشمولة بالتقييم، لم تتوقف التجاذبات السياسية والاقتصادية بين القوى الكبرى في العالم، مع تصعيد مستمر في التنافس والمواجهة في مجالات النفوذ، كالطاقة والتجارة والملاحة. وتجلى هذا النزاع المتجدد في شكل آخر من الحرب الباردة، بأطرافها القديمة وبأخرى جديدة، وخاصة بين أمريكا وأوروبا من جهة، والصين وروسيا من جهة أخرى، وما يصاحب ذلك من تشنج وتأجيج للصراعات والسعي لفرض المواقف والاستقطابات، وانعكاساتها في ملفات أخرى، مثل النووي الإيراني أو التوتر والتنافس في منطقة الساحل أو ما يسمى صفقة القرن وغيرها.

ولقد أظهرت التطورات المتسارعة للحرب في أوكرانيا مخاطر حقيقية داهمة، مما قد يؤثر على دور الأمم المتحدة نفسها في صون السلم والأمن في العالم. كما تنذر بتفاقم الأزمة الاقتصادية، وخاصة في مجالي الطاقة والغذاء، في ظل صراع إرادات واضح، يتجلى ميدانياً في مواجهة محتدمة لا تتوقف عن تطوير واستعمال كل الأساليب، من حروب الاقتصاد والدعاية والإعلام والمخابرات وأحدث التكنولوجيات، وصولاً إلى الحديث عن اللجوء إلى السلاح النووي. كل ذلك، مع استمرار وتصاعد وتيرة الحروب والأزمات المختلفة في أنحاء شتى من العالم، في إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية.

وفي هذا الخضم، يبدو أن التعددية القطبية أخذت تشق طريقها لتفرض نفسها كواقع جديد، ذلك أن العديد من الأطراف الدولية لا تريد الدخول في متاهة اصطفافات لا تراعي مواقفها ومكانتها ومصالحها، على غرار دول بعينها، مثل تركيا وإيران والجزائر، أو منظمات قارية، مثل الاتحاد الإفريقي أو دولية، مثل البريكس، على سبيل المثال.

وقد فضحت هذه الأزمة وبشكل صارخ سياسة الكيل بمكيالين والتمييز الواضح بين القضايا المطروحة على الساحة الدولية، بعيداً عن المزاعم والمواقف المعنلة باحترام الشرعية الدولية والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان.

وهنا تجدر الإشارة إلى وقع هذا الصراع العالمي على القضايا الدولية، مثل القضية الوطنية، ومحاولات تهميشها أو تجميدها وإحالتها إلى موقع متأخر من الاهتمام. غير أننا نشير، من جهة أخرى، إلى أن استنئناف الكفاح المسلح، بعد نسف دولة الاحتلال المغربي لاتفاق وقف إطلاق النار، في 13 نوفمبر 2020، قد فرض حضور القضية الوطنية بشكل لافت على الساحة الدولية، سواء على مستوى مجلس الأمن الدولي أو على مستوى الهيئات القارية والدولية والحكومات، أو على مستوى الساحة الإعلامية، بالإضافة طبعاً إلى الحضور القار على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة.

على المستوى القاري، حافظت الدولة الصحراوية على مكانتها ومكاسبها داخل الاتحاد الإفريقي، كعضو مؤسس. ورغم محاولات دولة الاحتلال المغربي وحلفائها لتقييد أو تحييد دور الاتحاد الإفريقي فيما يخص القضية الصحراوية، إلا أن هذا النزاع الإفريقي، القائم بين بلدين إفريقيين عضوين في المنظمة القارية، ظل حاضراً باستمرار وبأشكال مختلفة، كما هو الحال في قرار القمة الإفريقية في ديسمبر 2020، وقرار مجلس السلم والأمن في مارس 2021.

وكان ملف الشراكات تزكية هو الآخر لمكانة الدولة الصحراوية، بحيث تكسرت محاولات دولة الاحتلال مرة أخرى أمام إرادة الأفارقة، ما تجسد من خلال مشاركة الجمهورية الصحراوية، على قدم المساواة مع بقية الدول الأعضاء، في كل من قمة الاتحاد الاوروبي/الاتحاد الإفريقي في العاصمة البلجيكية بروكسل، وقمة الاتحاد الإفريقي/اليابان في العاصمة التونسية تونس. كما أن قرار المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في سبتمبر 2022، شكل بدون شك سابقة قانونية في غاية الأهمية على مستوى القارة الإفريقية، ويُمثل إضافة نوعية إلى ترسانة القرارات المماثلة، سواء على مستوى الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.

وعلى المستوى الجهوي، تبوأت الجزائر بقوة مكانتها المستحقة إقليمياً ودولياً، وبشكل جلي على الساحتين العربية والإفريقية. وها هي تسير بكل ثقة وأمان نحو تجسيد نهضتها الشاملة، بعد سلسلة من الخطوات المتميزة، من قبيل المصادقة على الدستور والشروع في إصلاحات جذرية متواصلة في جميع القطاعات.

وحافظت الجزائر، بكل عزم وإصرار، على التمسك بمواقفها المبدئية ودعمها اللامشروط للقضايا العادلة في العام، وفي مقدمتها القضية الصحراوية، انطلاقاً من تمسكها بمبادئ ثورة الأول من نوفمبر المجيدة وميثاق وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي. ويسجل للجزائر بهذا الخصوص الدور الرائد والجهود الحثيثة لتكريس السلم والاستقرار في مالي، ومساعيها الصادقة لوضع حد للأزمة الليبية.

وكما شهدت الفترة اتخاذ الجزائر لقرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الاحتلال المغربي، وتعليق معاهدة الصداقة وحسن والجوار مع المملكة الإسبانية.

وقد حافظت الجمهورية الإسلامية الموريتانية والجمهورية الصحراوية على علاقات حسن الجوار والتواصل والتنسيق والتشاور الدائم حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، وخاصة فيما يتصل بالعمل على مستوى الاتحاد الإفريقي وبشؤون السلم والأمن والاستقرار في المنطقة.

وفي الجوار الأوروبي، شهدت الساحة الأوروبية انتصاراً جديداً للقضية الصحراوية من خلال حكم محكمة العدل الأوروبية في 29 سبتمبر 2021 ، بإقراره بطلان اتفاقيات الاتحاد الأوروبي مع المغرب فيما يشمل الأراضي أو الأجواء أو المياه الإقليمية الصحراوية. وإن الطعن الذي تقدمت به مفوضية الاتحاد مثير للاستغراب، بالنظر إلى وضوح وصرامة وتراكم أحكام المحكمة. ويزداد الأمر غموضاً وإثارة للشكوك المشروعة في ظل فضيحة الفساد المدوية التي شهدها البرلمان الأوروبي. فبالرغم من أن دولة الاحتلال المغربي، المعروفة بسياسات شراء الذمم والابتزاز، تشكل طرفاً رئيسياً ومتوقعاً في هذه الفضيحة، فإن مصداقية البرلمان بل والاتحاد الأوروبي، مع الأسف، أصبحت اليوم على المحك.

كما بقي الجوار الإقليمي الإفريقي يعيش تحت وطأة التوتر واللااستقرار، خاصة في ليبيا وبلدان أخرى، مثل مالي وبوركينا فاسو وغينيا وتشاد، وما ينجر عن ذلك من انتشار للعنف وعصابات الجريمة المنظمة العابرة للحدود والجماعات الإرهابية، خاصة في ظل دعم وتشجيع، بالمخدرات وغيرها، من طرف دولة الاحتلال المغربي.

ونذكر هنا بأن المملكة المغربية قد انخرطت في ما يسمى صفقة القرن، وقررت، بالاعتماد على تغريدة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مقايضة اعترافه بالسيادة المغربية المزعومة على الصحراء الغربية، بأن تُـخرج إلى العلن ما كان قائماً فعلياً منذ ستينيات القرن العشرين، أي التطبيع الكامل مع إسرائيل. ولعل من أخطر التطورات في هذا السياق، قيام دولة الاحتلال المغربي بالتحالف المعلن والتعاون الوثيق والمكثف مع هذا الكيان، وفتح الباب له على مصراعيه للتوغل في هذه الجهة من إفريقيا، وبالتالي تمرير الأجندات الأجنبية الخبيثة، بكل ما يعني ذلك من تبعات وخيمة على السلم والاستقرار وتهديد محدق ببلدان وشعوب المنطقة.

وخلال السنوات الماضية، شهدت المملكة المغربية تقلبات مستمرة في أوضاعها، سواء على مستوى القصر الملكي نفسه، أو بتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما خلق موجة غير مسبوقة من السخط والاحتجاج، سواء على تلك الأوضاع المتردية أو إزاء قرار التطبيع. كل ذلك دفع الحكومة المغربية إلى اتخاذ سلسلة من الخطوات والقرارات المرتجلة التي تذهب إلى أبعد الحدود، بما في ذلك رهن البلاد والعباد، من خلال تراكم بل ومضاعفة الدين الخارجي، والانغماس في سياسة التطبيع والانبطاح، لتجعل مقدرات ومستقبل الشعب المغربي في أيادي أجنبية، فيما تواصل الطبقة المتــنـفذة الثراء على حساب الملايين من الجوعى والمشردين. كل هذا ناهيك عن الأثر المادي والمعنوي المباشر والمتصاعد لواقع الحرب الميدانية، والخسائر التي تتكبدها القوات الغازية في الأرواح والمعدات، على يد مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي.

كما أن سياسة التعنت والفشل الذريع في الحصول على قبول المجتمع الدولي بتشريع الاحتلال العسكري المغربي اللاشرعي لأجزاء من الصحراء الغربية، جعلت دولة الاحتلال المغربي تقدم على خطوات متهورة وخطيرة في علاقاتها مع العالم. ولم تكتف بإطلاق المخبرين في البلدان الأوروبية، حتى تلك المعروفة بمواقفها المؤيدة لأطروحاتها التوسعية، بل جندتهم للعمل لصالح حلفائها القدامى/الجدد، بما في ذلك عبر استخدام نظام بيغاسوس للتجسس على طيف واسع من المسؤولين السامين الأوروبيين، خاصة في إسبانيا وفرنسا وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي.

ولم تتوانَ دولة الاحتلال المغربي عن التضحية بالمدنيين المغاربة، بمن فيهم الأطفال والنساء والرمي بهم في عرض البحر، لممارسة الابتزاز. كما أنها تستغل المهاجرين السريين، وخاصة من إفريقيا، لنفس الغرض، فتستدرجهم بمختلف الأساليب لتقوم بتعريضهم لأبشع الممارسات وانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك محاولة تصفيتهم بلا رحمة ولا تمييز.

الأخوات والإخوة،

في ظل هذه الظروف الدولية، الجهوية والقارية، وفي ظل المعطيات الوطنية التي يأتي في مقدمتها استئناف الكفاح المسلح، عملت الأمانة الوطنية على وضع البرامج والخطط الرامية إلى تنفيذ مقررات المؤتمر الخامس عشر للجبهة.

ورغم الظروف والصعوبات المسجلة، فنحن مرتاحون إزاء الجهد الوطني العام، الذي شاركت فيه جمياهير شعبنا، في كل مواقع تواجدها، على مختلف الأصعدة والواجهات.

ومنذ فترة طويلة، لم يتم عقد المؤتمر بعد مرور ثلاث سنوات فقط، بل جرت العادة أن يتم ذلك خلال أربع سنوات، مع الاحترام الكامل في الحالتين للآجال القانونية. وإضافة إلى ذلك، وبمجرد انقضاء الأشهر الثلاثة الأولى بعد المؤتمر، حل على العالم وباء كورونا، بما يتطلبه من إجراءات قاهرة. كل هذه المعطيات أدت إلى تقليص واضح لهامش البرمجة والتخطيط وحتى التنفيذ، وبالتالي اللجوء إلى التعديل والتكييف، اللذين ازدادت وتيرتهما مع استئناف الكفاح المسلح، ثم اندلاع الأزمة في أوكرانيا وتأثيراتها على الاقتصاد العالمي.

وقد تم القيام بمجهود استثنائي بهذا الخصوص من أجل ترتيب الأولويات وترشيد الاستهلاك ومضاعفة الجهود لتأمين الحد الأدنى من الإيرادات الضرورية للتسيير ومن ثم الاحتياجات الأساسية للاجئين الصحراويين، ولكن بالتركيز دائماً على القطاعات ذات الأولوية، وفي مقدمتها جيش التحرير الشعبي الصحراوي.

ومهما تكن الظروف الموضوعية، فإن الهدف بالطبع ليس تقديم المبررات أو الأعذار إزاء أي تقصير في تنفيذ أي من المحاور والأولويات التي حددها برنامج العمل الوطني، ولكن للتذكير بهدف التقييم والمراجعة والمعالجة.

وسيكون للأخوات والإخوة المؤتمرين الفرصة للاطلاع في مناسبة لاحقة على تفاصيل المجهود الوطني في خلال الفترة بين المؤتمرين، سواء في سياق التعرض لأولويات ومحاور برنامج العمل الوطني، أو لمختلف التطورات الميدانية. ومن أبرز تلك الميادين السياسي التنظيمي والدفاع والأمن وانتفاضة الاستقلال والجاليات والميادين الإداري والاجتماعي والاقتصادي والإعلام والثقافة والخارجية .

وشكلت حقوق الإنسان ملفاً قاراً في العمل الخارجي عموماً، وقد كثفت كل من اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وجميعة أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين وجمعية ضحايا الألغام من متابعة الموضوع لتسليط الضوء على ما يجري في الأرض المحتلة وأوضاع أسرى الحرب الصحراويين في السجون المغربية، والمشاركة في الحملة الدولية لفك الحصار عن منزل أهل سيد إبراهيم خيا، ومطالبة المنظمات الدولية بالتحرك لفرض إنشاء آلية دولية مستقلة لمراقبة حقوق الانسان في الصحراء الغربية والتقرير عنها. وفي هذا السياق، انتظمت المشاركة الصحراوية في دورات اللجنة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب ودورات مجلس حقوق الانسان الاممي.

وتواصلت المعركة القانونية كجبهة محتدمة لمواجهة الاحتلال وسياساته التوسعية، وتم قطع خطوات مهمة، تجلت في حكم محكمة العدل الأوروبية وقرار المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، وتسليط الضوء بشكل واسع على عمليات النهب المغربي للثروات الطبيعية الصحراوية.

ويجدر بنا هنا التطرق إلى ملف مهم في سياق التجربة الوطنية الصحراوية، والمتعلق بجبر الضرر، والذي شهد خلال هذه الفترة تطوراً حاسماً. ولا يتعلق الأمر بمجرد تنفيذ التزام الجبهة الشعبية في مؤتمرها الثامن، والذي جددته في مؤتمرها الخامس عشر، بالعمل على جبر الضرر لكل مواطنة أو مواطن صحراوي من المتضررين من أخطاء وقعت في الماضي، في حدود الإمكانيات المتاحة للجبهة، في ظل مرحلة حرب التحرير الوطني واستئناف الكفاح المسلح.

لكن الأمر يتعلق برسالة إلى كل الصحراويات والصحراويين، أينما تواجدوا، بأن الجبهة الشعبية هي ملك لكل واحد منهم، لأنها هي روح الشعب الصحراوي، وبأن هذا الشعب متمسك بوحدته وخياراته الوطنية، وتصديه بكل عزم وحزم وصرامة وحكمة وتبصر لمناورات العدو الدنيئة ومخططاته الخبيثة، وبأن أبواب الصفح والعفو والتصالح في إطار الجبهة لا تغلق، طالما بقيت مبادؤها وأهدافها سامية مقدسة لدى أي من مناضلاتها ومناضليها، وفي مقدمتها العمل بتضحية وتفانٍ وإخلاص ووفاء لدحر الاحتلال المغربي الغاشم واستكمال سيادة الدولة الصحراوية على كامل ترابها الوطني. إننا عازمون على الاستمرار في هذه العملية، بكل ما تتيحه الإمكانيات القائمة.

الأخوات والإخوة،

إن الشعب الصحراوي، بقيادة ممثله الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو، واثق وفخور اليوم بأنه، رغم واقع الحرب واللجوء والشتات، يمضي قدماً في بناء أسس الدولة العصرية، حيث استطاع أن يكرس تجربة ديمقراطية ناجحة، تجتمع فيها السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وقدرة وكفاءة في تسيير الشأن العام وتنظيم المؤسسات وتوفير الخدمات.

وفي وقت نسجل فيه للجهاز التنفيذي اعتماد منهجية تقوم على التقييم الدوري لأداء المؤسسات الحكومية، من خلال اسلوب تشاركي يجمع مركزية الحكومة والمؤسسات المختصة والولايات، والسلطات المحلية، وإعلام وإشراك المواطن، فإننا نشيد بمستوى التعاطي الإيجابي القائم مع الجهاز التشريعي، المجلس الوطني الصحراوي. فقد عمل المجلس بانتظام خلال الفترة المنصرمة، في إطار دوره الريادي في التشريع والرقابة ومراقبة العمل الحكومي. وقد تمخض المجهود عن ترسانة من القوانين التي تنظم مختلف جوانب الفعل الوطني والبناء المؤسساتي، والمصادقة على البروتوكلات الدولية والقارية. وإضافة إلى مهمته اللصيقة بانشغالات المواطنين داخلياً، حيث لجان المجلس وتنسيقياته على المستوى الجهوي، فقد ساهمت الدبلوماسية البرلمانية في خلق علاقات متميزة خارجياً، جسدها العدد المعتبر من المجموعات البرلمانية للصداقة في العديد من دول العالم، مع استمرار الحضور الصحراوي المنتظم على مستوى برلمان عموم إفريقيا.

كما نسجل الجهود التي قام بها المجلس الدستوري، سواء فيما يتعلق بقرارات الرقابة حول القوانين والمعاهدات والبروتوكولات والأنظمة الداخلية وغيرها، أو فيما يتعلق بالطعون الانتخابية، أو المساهمات الأخرى في في قضايا مختلفة.

ولا يمكن إلا أن نشيد أيما إشادة بذلك الدور المحمود للمجلس الاستشاري الصحراوي، الذي ظل حاضراً في الاستشارة والتوجيه والمساهمة المسؤولة في توعية وتربية المجتمع على القيم والأخلاق الأصيلة، ومحاربة الظواهر المشينة والتصدي لمخططات العدو.

الأخوات والإخوة،

لقد كانت الفترة منذ المؤتمر الخامس عشر حافلة بتحديات جسيمة، توجت تطوراً مضطرداَ في التوجه الوطني، بدأت ملامحه تتجسد ميدانياً منذ اللحظة التي قررت فيها الجبهة إعادة النظر في التعاطي مع العملية السلمية التي تقودها الأمم المتحدة، في أكتوبر 2019.

وقد زكى المؤتمر الخامس عشر هذا التوجه، مما وضع على كاهل قيادة ومناضلات ومناضلي الجبهة مسؤولية جسيمة، من أجل رفع التحدي ووضع حد لسنوات طويلة من العرقلة والمماطلة ومساعي القفز على الشرعية الدولية ومصادرة حقوق شعبنا المشروعة في الحرية والاستقلال.

وهنا لا بد من التوقف عند القرار التاريخي بإعلان استئناف الكفاح المسلح، كتعبير ميداني عن موقف شعبي وطني صحراوي شامل، رافض لواقع الاحتلال الغاشم وتعنته وعرقلته، وللموقف المتغاضي بل، والمتآمر آحياناً، المسجل على مستوى مجلس الأمن الدولي، بفعل موقف بعض أعضائه المؤثرين.

لقد شكل ذلك القرار تحولاً عميقاً في مسار حربنا التحريرية، وأظهر فيه الشعب الصحراوي، بكل مكوناته، رجالاً ونساءً، شيباً وشباناً، وفي كل مواقع تواجده، في الأرض المحتلة وجنوب المغرب، في الأراضي المحررة ومخيمات العزة والكرامة والجاليات، أعلى درجات الاستجابة الوطنية والإخلاص والوفاء لعهد الشهداء وروح الاستعداد الدائم لمواصلة معركة التحرير، مهما تطلبت من تضحيات، في وحدة والتحام والتزام وإرادة وتصميم، تحت قيادة ممثله الشرعي والوحيد، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.

وإننا لنتوجه باسمكم جميعاً بتحية التقدير والعرفان والإجلال إلى مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي الذين كانوا في الموعد، كما هي عادتهم، وسارعوا إلى تقدم الصفوف، بكل شجاعة وتضحية وإقدام، منذ اللحظات الأولى للاعتداء المغربي السافر في الكركرات، ليشرعوا في مهامهم القتالية، يدكون حصون وجحور الغزاة المعتدين، ليل نهار، يكبدونهم أفدح الخسائر في الأرواح والمعدات والمعنويات.

تحية إلى جماهير شعبنا البطل في الأرض المحتلة وجنوب المغرب، إلى أسود ملحمة اقديم إيزيك وكل الأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية وعائلاتهم، الصامدين بشموخ وإباء، رغم البطش والتنكيل والحصار والتضييق. تحية إلى لبؤات انتفاضة الاستقلال الحرائر اللواتي مرغن أنوف الغزاة في وحل الخزي والعار.

ونحيي المناضلة سلطانة سيد إبراهيم خيا، الحاضرة معنا، والتي سطرت وعائلتها ملحمة نضالية منقطعة النظير، منذ 19 نوفمبر 2020، تزامنت مع استئناف الكفاح المسلح، وحظيت بدعم ومؤازرة ومرافقة وطنية ودولية كبيرة، والتي تزامنت مع الهبة الشعبية العارمة، وكانت معركة بطولية في التصدي لسياسات القمع والتضييق والحصار وكشف انتهاكات دولة الاحتلال المغربي وفضح ممارساتها.

وبالمناسبة نجدد شديد الإدانة للانتهاكات الجسيمة المرتكبة من طرف دولة الاحتلال المغربي، بما في ذلك استخدام أفتك الأسلحة المتطورة في استهداف المدنيين العزل، من صحراويين وغيرهم من مواطني بلدان الجوار.

كما إننا نطالب بتحرك المجتمع الدولي للتعجيل بإطلاق سراح جميع الأسرى المدنيين الصحراويين، والوقف الفوري للنهب المغربي المكثف للثروات الطبيعية الصحراوية وعمليات تجريد الصحراويين من أراضيهم في المناطق المحتلة وجنوب المغرب.


تحية خاصة إلى الشباب الصحراوي البطل، الذي جسد فعلاً وقولاً ذلك الارتباط الوثيق بواقع شعبه وطموحاته المشروعة وأهدافه النبيلة، وكرس تعاقب الأجيال الصحراوية على درب الكفاح والنضال، وأثبت في الميدان عزمه وقدرته على أن يكون خير خلف لخير سلف. فحق لشعبنا البطل أن يفخر أيما افتخار ويعتز أيما اعتزاز بهذا التواصل، بهذا الجيل الجديد الذي يدون بصمات الوفاء للماضي التليد، ويفتح الآفاق للمستقبل المشرق.

تحية إلى المرأة الصحراوية، مربية الأجيال على نهج الأبطال، رمز الصمود والتضحية والسخاء، رمز التحدي والمقاومة، وهي التي تولت، بوطنية وتفانٍ وإخلاص، النصيب الوافر من الفعل الوطني على مدار أكثر من خمسين سنة من الحرب التحررية، وانتزعت بجدارة مكانتها المتميزة في الهياكل والهيئات والمؤسسات الوطنية، وفي كل مستويات ومجالات التسيير. إن جبهة البوليساريو عازمة ومصممة على ترسيخ وتطوير هذه المكانة المستحقة.

فالشعب الصحراوي، بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، التي تدخل سنة اليوبيل الذهبي، أكثر قوة ووحدة والتحاماً وتصميماً على تحقيق أهدافه. قوي بتنظيمه الوطني الثوري الذي يؤطر ويحتضن كل مناضلات ومناضلي الجبهة، أينما تواجدوا، في بوتقة حرب التحرير الوطني، لبناء شعب واعي، منظم، ملتحم، ومحترم فوق ترابه الوطني، يبني أسس مجتمع عصري، ويتصدى لمؤامرات العدو وسياساته الخبيثة. قوي بجيشه المغوار، جيش التحرير الشعبي الصحراوي، صانع البطولات والأمجاد وحامي الحمى، كرأس حربة فتاكة في معركة الوجود والمصير. قوي بدولته، الجمهورية الصحراوية، العضو المؤسس في الاتحاد الإفريقي، بهيئاتها ومؤسساتها وإدارتها الوطنية وتجربتها التسييرية وعلاقاتها الدولية. الشعب الصحراوي قوي بمقارعته العدو، بكل عزم وثبات، على كل الجبهات، العسكرية والسياسية والدبلوماسية والقانونية والإعلامية والثقافية وغيرها. قوي بأشقائه وأصدقائه وحلفائه، أنصار الحرية والعدالة والسلام في العالم.

وهنا أنتهز السانحة لأتوجه إليهم جميعاً بتحية الشكر والتقدير والعرفان، لأبدأ بالجزائر الشقيقة، جزائر النخوة والشموخ والمواقف المبدئية الراسخة، التي لا تخشى فيها لومة لائم، في دعم ومساندة القضايا العادلة والشعوب المكافحة، وفي مقدمتها قضية الشعب الصحراوي، وهو ما يؤكده بقوة وجلاء هذا الوفد الكبير الحاضر معنا اليوم. فتحية إلى الجزائر العظيمة، بقيادة أخينا سيادة الرئيس عبد المجيد تبون، بشعبها الأبي، بكل مكوناته، بأحزابها وجميعاتها ومجتمعها المدني وجيشها المغوار، ولها منا أصدق الأماني بمزيد التقدم والرقي والازدهار.

تحية إلى الأشقاء في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، ونحن في غاية الارتياح لمستوى علاقات الأخوة والصداقة والجوار والمصير المشترك التي تربط شعبنيا الشقيقين، ومصممون على تعزيزها بما يخدم بلدينا ويخدم السلم والأمن والاستقرار في كامل المنطقة.


تحية خاصة إلى الشعوب والبلدان الإفريقية عامة، وإلى الأصدقاء في حركات التحرر الإفريقية الذين يشاركون معنا اليوم، من أمثال المؤتمر الوطني الإفريقي ANC والحزب الشيوعي الجنوب إفريقي SAPCمن جنوب إفريقيا وسوابو SWAPO من ناميبيا، وزانو بي إيفي Zanu PF من زمبابوي وتشاما تشا مايبودزي Chama Cha Mapinduzi من تنزانيا وفريليمو FRELIMO من الموزمبيق وأم بي لا MPLA من أنغولا والحزب الإفريقي لتحرير غينيا والرأس الأخضر PAIGC وحركة تحرير ساوتومي وبرينسيب MLSP.

وهذه مناسبة لأنوه بالحفاوة وكرم الضيافة التي استقبلنا بها خلال زيارات إلى بعض هذه البلدان، مشيداً بهذا الخصوص، بكل فخر واعتزاز وتقدير، بزيارة الدولة التي قادتنا إلى جمهورية جنوب إفريقيا، وما جسدته من مواقف مبدئية راسخة لبلد نلسون مانديلا، رمز الكفاح من أجل الحرية والانعتاق وتقرير المصير في إفريقيا والعالم.

ولا يفوتنا هنا أن نذكر مرة أخرى بأن الاتحاد الإفريقي، كشريك للأمم المتحدة في عملية السلام في الصحراء الغربية، مطالب بالتحرك لاستكمال تصفية الاستعمار من آخر مستعمرة في إفريقيا. بل إن المنظمة القارية مطالبة باتخاذ الإجراءات الضرورية والحاسمة لإنهاء الاحتلال العسكري اللاشرعي لأجزاء من أراضي دولة عضو في الاتحاد الإفريقي، هي الجمهورية الصحراوية، من طرف دولة عضو أخرى، هي المملكة المغربية، وبالتالي حمل هذه الأخيرة على الامتثال الكامل لمبادئ وأهداف القانون التأسيسي للاتحاد، وخاصة احترام الحدود القائمة غداة الاستقلال، ومنع حيازة الأراضي بالقوة.

تحية إلى الحركة التضامنية في كل قارات العالم، وتحية خاصة إلى الحركة التضامنية في أوروبا، بقيادة صديق الشعب الكبير، بيير غالان، والتي ما انفكت تطور وتوسع من نشاطها، وفي إسبانيا، حيث الرد الحاسم على مستوى الشعوب الإسبانية وأحزابها ومجتمعها المدني على الموقف الخياني الخطير الذي اتخذه رئيس الحكومة الإسبانية. فقذ عبرت كل هذه المكونات، وحتى على مستوى البرلمان بغرفتيه، عن رفضها لهذا الموقف المخجل، الداعم لسياسات التوسع والعدوان المغربية، من خلال تبني مقترح دولة الاحتلال، الذي لا يعدو كونه مناورة مكشوفة لتشريع واقع الاحتلال ولانتهاك الشرعية الدولية ومصادرة الحق المشروع لشعب بأكمله في الحرية والاستقلال. ولا بأس من التذكير بأن مسؤولية إسبانيا السياسية، القانونية والأخلاقية تجاه تصفية الاستعمار وتقرير المصير في الصحراء الغربية تبقى قائمة، ولا تسقط بالتقادم ولا بتبني الأطروحة الاستعمارية المغربية.

ونجدد مطالبة الاتحاد الأوروبي بالالتزام بمقتضيات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقانون الأوروبي، والامتناع عن توقيع أي اتفاق مع المملكة المغربية يمس الأراضي أو الأجواء أو المياه الإقليمية الصحراوية.

وفي وقت نتابع بقلق واستغراب الأخبار التي تتحدث عن الفساد على مستوى البرلمان الأوروبي، بتورط مغربي وأوروبي، تختلط فيها سياسات التجسس والابتزاز وشراء الذمم التي تنتهجها دولة الاحتلال المغربي، مع تلك المواقف الغريبة والمناقضة للقانون وللمنطق وللأخلاق التي صدرت على مستويات أروبية مختلفة، بما فيها مفوضية الاتحاد والبرلمان الأوروبي.

كما لا يفوتنا أن نحيي الأصدقاء من أمريكا اللاتينية، الذين يحضرون معنا اليوم لينقلوا رسالة التضامن، رغم بعد المسافة وعناء السفر.

إننا نؤكد مرة أخرى بأننا لسنا هواة حرب، بل دعاة سلام، واستئناف الكفاح المسلح كان قراراً مفروضاً على شعبنا، إزاء انتهاك خطير وصارخ لاتفاق وقف إطلاق النار من طرف الجيش المغربي. فالكفاح المسلح حق تكفله المواثيق الدولية للدفاع عن النفس للشعوب الواقعة تحت نير الاستعمار والاحتلال.

لطالما جنحنا للسلم وقدمنا في سبيل ذلك التضحيات والتنازلات الكثيرة. لكننا في المقابل تعرضنا للظلم والاستهانة والتغاضي والتجاهل من طرف مجلس الأمن الدولي، بتأثير من أطراف معروفة، وفرت الغطاء والحماية والتشجيع لتعنت دولة الاحتلال المغربي وسياساتها التوسعية العدوانية.

هل من المعقول أن من يفترض فيه أن يكون الحكم العادل لا يجرؤ حتى على توصيف الوقائع وتسمية الأشياء بمسمياتها؟ هل من المعقول أن تُصنَف الثغرة غير القانونية في الكركرات، التي تمثل انتهاكاً صارخاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تشرف عليه الهيئة الأممية، على أنها معبر تجاري؟ كيف يمكن للمسؤول عن السلم والأمن في العالم أن يمتنع عن إدانة عدوان عسكري مغربي صارخ، ينتهك وينسف اتفاق إطلاق النار مع الجيش الصحراوي، بل ويضم أراضي جديدة إلى تلك الواقعة تحت احتلاله اللاشرعي، رغم وجود بعثة الأمم المتحدة في عين المكان؟

كل هذا ناهيك عن الصمت المطبق إزاء انتهاكات حقوق الإنسان ونهب الثروات الطبيعية وتنظيم دولة الاحتلال للتظاهرات والفعاليات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية وغيرها في الأجزاء المحتلة من الصحراء الغربية.

إن جبهة البوليساريو التي تأسست من أجل تحقيق أهداف الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال، وهي تجدد الاستعداد للتعاون مع الجهود الدولية لتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، وتذكر بأن خطة التسوية الأممية الإفريقية لا تزال هي الاتفاق الوحيد الذي يحظى بموافقة الطرفين، تؤكد مجدداً وبقوة بأنها لن تشارك في أي عملية سلام تنحرف عن المبادئ التوجيهية لتلك الخطة، المستندة إلى ميثاق وقرارات الأمم المتحدة، وبالتالي لا تضمن الاحترام الكامل لممارسة شعبنا لحقه، غير القابل للتصرف وغير القابل للمساومة، في تقرير المصير والاستقلال. كما تؤكد في مؤتمرها السادس عشر بأن الشعب الصحراوي سيواصل حربه التحريرية العادلة، بكل السبل المشروعة، بما فيها الكفاح المسلح.

الأخوات والإخوة،

تلكم هي إذن أبرز ملامح الفعل الوطني منذ المؤتمر الخامس عشر للحبهة، وأبرز التطورات الميدانية، والتي تضعنا اليوم أمام مسؤولية جسيمة، كأعضاء في أعلى سلطة تمثل الشعب الصحراوي، أي المؤتمرالسادس عشر.

إنها لحظة تاريخية متميزة. لا يمكن أن نقول إنها مفترق طرق، لأن الطريق واحدة، واضحة ومُـنَارة ومخضبة بدماء الشهداء، بالتضحيات والعرق والدموع والمعاناة، وتقود إلى الحرية والانعتاق والاستقلال. ولكنها في الحقيقة، وهذا ما يجب أن تكون، نقطة تحول وانتقال من مرحلة من الكفاح إلى مرحلة أخرى، أكثر خطورة وأكثر مدعاة لشحذ الهمم وتجنيد الطاقات والتشمير عن السواعد ورص الصفوف والاستعداد لكل ما تطلبه من تضحيات جسام وأهبة ويقظة ووحدة وطنية راسخة.


إن مشروع برنامج العمل الوطني المقدم لهذا المؤتمر قد حدد العديد من المهام والتي تراعي الانسجام مع متطلبات المرحلة، بعد استئناف الكفاح المسلح. ولكن، وإصافة إلى ذلك، تبدو المهمة الأولى اليوم، العاجلة والملحة، هي تقوية جيش التحرير الشعبي الصحراوي، ومده بالموارد البشرية والمادية الكافية، لضمان أفضل مستويات الجاهزية.

و، في الوقت نفسه، يجب العمل على بلوغ الأهداف والبرامج الوطنية المقررة في الميادين الأخرى بأكبر قدر من الفعالية والاقتصاد، لتكون حافزاً وداعماً لمهام جيشنا الذي يحارب من أجل تلك الأهداف السامية النبيلة التي تتبناها البشرية جمعاء، أهداف الحرية والعدالة والديمقراطية وحق الشعوب في تقرير المصير والعيش في أمن وعدل وسلام.

دعونا نقف في الأخير وقفة ترحم وإجلال وتقدير أمام أرواح شهداء القضية الوطنية الأبرار، وقادتها ورموزها الذين ظلوا أوفياء للعهد، وما بدلوا تبديلاً، وقدموا حياتهم فداءً للوطن وللشعب، من أمثال قائد الثورة الشهيد الولي مصطفى السيد والرئيس الشهيد محمد عبد العزيز، ورفيقنا الذي يحمل المؤتمر السادس عشر اسمه، امحمد خداد لحبيب.

لا شيء سيوقف مسيرة الشعب الصحراوي، بقيادة ممثله الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو، وهي تعقد مؤتمرها السادس عشر وتلج عامها الخمسين، عن المضي قدما، بكل عزم وتصميم وإصرار، حتى النصر الحتمي، المتوج باستكمال سيادة الجمهورية الصحراوية على كامل ترابها الوطني.

وشعارنا الوفاء لعهد الشهداء، ونموت موحدين ولن نعيش مقسمين، وتصعيد القتال لطرد الاحتلال واستكمال السيادة.


إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...