صادق البرلمان الأوروبي الثلاثاء بشبه إجماع على إقالة نائبة رئيسته إيفا كايلي من منصبها بسبب فضيحة الفساد التي هزت البرلمان الأوروبي بسبب الرشاوى التي قدمها المغرب وقطر لأعضاء في البرلمان ومساعدين لهم.
صوت أعضاء البرلمان الأوروبي بغالبية 625 صوتًا مقابل صوت واحد وامتناع عضوين عن التصويت، لإقالة كايلي وهي واحدة من ستة أشخاص أوقفوا في إطار تحقيق بشبهة الكسب غير المشروع، قبل توجيه اتهامات لأربعة وإطلاق سراح اثنين. وأصر محامي كايلي على براءتها.
يُشتبه بأن كايلي التي تتولى أحد مناصب نواب رئيسة البرلمان الـ14، تلقت مبالغ من الدوحة للدفاع عن مصالح الإمارة التي تستضيف حاليًا مباريات كأس العالم لكرة القدم.
وذكر مصدر مطلع أن مدعين في بلجيكا صادروا نحو 1.5 مليون يورو (1.58 مليون دولار) ضمن تحقيق فساد يجريه البرلمان الأوروبي ويتعلق بمزاعم عن رشوة قطر، مستضيفة كأس العالم لكرة القدم، أعضاء بالبرلمان الأوروبي للتأثير على صنع القرارات فيه.
كذلك سُجن ثلاثة أشخاص آخرين في إطار هذا التحقيق.
لم تتمكن كايلي من الاستفادة من حصانتها النيابية لأنها ضبطت متلبسة عند العثور على «أكياس مليئة بالأوراق المالية» في شقتها. أعلنت النيابة العامة الفدرالية البلجيكية مصادرة مئات الآلاف من اليورو في ثلاثة أماكن مختلفة ومن ثلاثة مشتبه بهم خلال 20 عملية تفتيش أُجريت حتى الآن. وفتشت الشرطة أيضًا مقر البرلمان في بروكسل الاثنين لمصادرة بيانات من متعاونين برلمانيين.
وتهدد الفضيحة مصداقية البرلمان الأوروبي بأكمله، وهو برلمان غالبًا ما يدين ممارسات الفساد في دول معينة بما فيها دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل المجر.
يأتي ذلك بينما يعيش البرلمان الأوروبي تحت وقع الصدمة أمس بعد سجن نائبة رئيسته اليونانية إيفا كايلي بشبهات فساد مرتبطة بقطر تهدد بتشويه صورة المؤسسة، وفق ما ذكرت «فرانس برس».
كشفت وثيقة الغموض في قضية الفساد التي يتورط فيها بانزيري العضو السابق بالبرلمان الأوروبي المتهم بالضغط لصالح الاحتلال المغربي ، و اوضحت الوثيقة أن المال جاء من شخص أطلقوا عليه “العملاق”.
وقد تم ربط هذا “العملاق” الغامض ببطاقة ائتمان كانت في يد زوجة وابنة بيير أنطونيو بانزيري، عضو البرلمان الأوروبي السابق، حيث تم استخدامها لأغراضهم الخاصة. هذه مجرد واحدة من التفاصيل السريالية المدفونة في طلب تسليم صادر عن مُدَّعٍ عامٍ بلجيكي، يسعى لكشف ما إذا كانت المخابرات المغربية قد اشترت نفوذاً في البرلمان الأوروبي.
وتعتبر عائلة بانزيري جزءا من تحقيق دولي آخذ في الاتساع، خاصة بعد اعتقال إحدى أعضاء البرلمان الأوروبي البارزين وهي إيفا كايلي، ليبقى السؤال مطروحا: من التالي؟
وفقًا لطلب التسليم دائما، وبحسب ما نشرته الصحيفة الأمريكية “بوليتيكو”، فإن بانزيري، وهو اشتراكي إيطالي وعضو سابق في البرلمان الأوروبي، متهم بالاعتماد على زملائه السابقين في البرلمان لصالح الاحتلال المغربي، وأخذ أموال للقيام بذلك.
ووفقا لمذكرة التوقيف التي تطلب من إيطاليا تسليم عائلة بانزيري إلى بلجيكا، فقد صرحت زوجته ماريا دولوريس كوليوني، وابنته سيلفيا بانزيري، بأنهما كانتا على دراية تامة بالأنشطة التي كان يقوم بها، بل ويشاركان في نقل الهدايا.
ووفق لما تضمنت الوثائق المتوفرة، نقلا عن صحيفة “بوليتيكا”، فإن هذه الهدايا يقف وراءها عبد الرحيم عثمون سفير المغرب في بولندا.
لكن هل عثمون هو العملاق الذي ورد اسمه في العديد من المرات؟ لا، هكذا أجابت زوجة بانزيري وابنته.
طلب التسليم تضمن أيضًا، تفاصيل حميمية للمناقشات العائلية، وأحاديث عن المال والمفاوضات حول خطط العطلات الفاخرة، حيث تقول زوجة بانزيري هنا بأنها “ألقت نظرة على أسعار رحلة عائلية خلال عطلة عيد الميلاد.. وأخبرته بأنها لا تستطيع إنفاق 100000 أورو لقضاء العطلات، مثل العام الماضي، واعتقدت أن ذلك العرض الحالي، أي 9000 أورو لكل شخص للإقامة فقط، كان مكلفًا للغاية”.
ويكشف المحققون أيضا بأن الزوجة تؤكد بأن زوجها بانزيري، يستخدم وسائل بارعة وغير عادلة في كثير من الأحيان لتحقيق أهدافه، كما تضيف بأنها حثته على فتح حساب مصرفي بلجيكي، وقد أصرت على ذلك على أنها “لا تريده أن يقوم بالأشياء وجميع أنواع العمليات دون أن تكون قادرة على التحكم فيه”.
وقد وردت ادعاءات مماثلة في الوثيقة لابنة الزوجين، سيلفيا.
وعند الحديث عن الهدايا التي قدمها سفير المغرب، تشير الوثيقة إلى أن “الجرائم مذكورة في دردشات الهاتف، والتي أدلت فيها السيدة بانزيري بتعليقات حول هذه الهدايا التي استفادت منها”.
وتعتبر هذه الوثيقة بمثابة صك اتهام لكل من الأم والابنة من أجل المشاركة في منظمة إجرامية والفساد وغسل الأموال، وهي التهم التي يعاقب عليها القانون بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات.
وقد وقعت هذه الجرائم في الفترة الممتدة ما بين 1 يناير 2021 و8 دجنبر 2022 عندما قامت الشرطة الإيطالية بعملية الاحتجاز.
فيما مازال السفير عبد الرحيم بنعثمون يرفض التعليق على الأمر، تورد الصحيفة الأمريكية
وأعربت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا الاثنين في البرلمان عن «غضبها الشديد وحزنها» متوعدة بأنه «لن يكون هناك أي إفلات من العقاب... لن يتمّ التستر على أي شيء».
وأعلنت فتح «تحقيق داخلي للنظر في كافة الوقائع المرتبطة بالبرلمان» الأوروبي والتثبت من تحسين الآليات المعتمدة في هذه الهيئة.
وقال رؤساء مجموعات سياسية مختلفة في بيان مشترك إن «البرلمان الأوروبي سيطلق عملية إصلاح داخلي لضمان تعزيز الشفافية والمساءلة».
وتطرقوا إلى «تعزيز قواعد البرلمان في ما يتعلق بالوصول إلى مقاره واجتماعاته» ومزيد من الشفافية والرقابة في ما يتعلق بـ«تمويل المنظمات والأفراد» الذين يتمتعون بالقدرة على الوصول إليها.
وأيد العديد من النواب الأوروبيين تنفيذ اقتراح المفوضية الأوروبية لإنشاء «سلطة مستقلة» تعنى بالقضايا الأخلاقية في مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
وأعلنت رئيسة كتلة الاشتراكيين والديموقراطيين التي كانت كايلي تنتمي إليها إيراتسي غارسيا بيريز أن كتلتها السياسية، قررت أن تكون «طرفًا مدنيًا» في حال رفع دعوى قضائية.
وتمّنت أن تتم مساءلة ومحاسبة قطر، قائلة: «عرضنا أن نطلب من السلطات القطرية التعاون في هذا التحقيق. وإذا تبيّن أن هذا البلد قد حاول تقويض الديمقراطية الأوروبية، فلتكن هناك عقوبات».
يخشى النائب الديمقراطي الاشتراكي الألماني رينيه ريباسي، مثل غيره من النواب، من أن قضية كايلي «ليست سوى قمة جبل الجليد»، ولا يستبعد تورط مجموعات سياسية أخرى في القضية.
من جهتها، قالت النائبة الأوربية الفرنسية أورور لالوك، العضو في كتلة الاشتراكيين الديمقراطيين، القوة السياسية الثانية في البرلمان الأوروبي الذي جرد كايلي من مهامها السبت الماضي، في تغريدة: «ينبغي تدعيم مؤسستنا بشكل عاجل لمحاربة سم الفساد».
وطالبت النائبة الفرنسية مانون أوبري (حزب فرنسا الأبية)، الرئيسة المشاركة لتكتل اليسار الراديكالي، أمام «أسوأ فضيحة فساد في تاريخ» البرلمان الأوروبي، «باستقالة نائبة الرئيسة التي أوقفت متلبسة وعقد نقاش حازم ووضع لجنة تحقيق بشكل فوري في أوجه قصور البرلمان في هذه القضية».
ونقلت «فرانس برس» عن مصدر قضائي تأكيده أن كايلي (44 عامً) وثلاثة أشخاص آخرين سجنوا بقرار من قاضٍ في بروكسل بعد يومين على توقيفهم في إطار تحقيق بشأن مبالغ كبيرة قد تكون دفعتها قطر للتأثير في قرارات داخل هذه المؤسسة الأوروبية الرئيسية لتنظيم مونديال 2022.
واعتبر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أمس الاثنين، لدى وصوله لحضور اجتماع لوزراء خارجية التكتل في بروكسل، أن «هذه المعلومات مقلقة للغاية».
كما رأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أن شبهات الفساد في البرلمان الأوروبي «مثيرة للقلق الشديد».
وأضافت: «أنها مسألة ثقة بالأشخاص الذين هم في قلب مؤسساتنا. هذه الثقة تنطوي على معايير استقلالية ونزاهة عالية جدًا».
وعلقت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، على الحادثة قائلة «إنها حقا حادثة لا تصدق وينبغي الآن توضيحها بشكل لا لبس فيه وبصرامة القانون، لأنها تتعلق أيضا وقبل كل شيء بمصداقية أوروبا».
وكانت إيفا كايلي، وهي مقدمة برامج تلفزيونيّة سابقة تبلغ 44 عاما انتخبت في يناير 2022 نائبةً لرئيسة البرلمان الأوروبي، قد زارت مطلع نوفمبر قطر حيث أشادت في حضور وزير العمل القطري علي بن صميخ المرّي بالإصلاحات التي نفّذتها البلاد في مجال ظروف العمل.
وكشف النائب الفرنسي السابق في البرلمان الاوروبي , جوزي بوفي, في اطار فضيحة رشوة بالبرلمان الاوروبي, ان وزير الفلاحة المغربي السابق, الذي يتولى حاليا منصب رئيس الحكومة, قد عرضت عليه رشوة, و ذلك في اطار اتفاقية التبادل الحر حول الخضر و الفواكه بين الاتحاد الاوروبي و المغرب.
و جاءت هذه الشهادة لتورط المغرب اكثر, بعد فضيحة الفساد المدوية بالبرلمان الاوروبي, على اثر تحقيق قامت به النيابة العامة البلجيكية والتي كشفت عن تورط خمسة عشر نائبا اوروبيا, منهم من اقر بانه كان جزء من منظمة تستغلها المصالح الاستخباراتية المغربية.
و صرح جوزي بوفي, لإذاعة فرنسا الدولية, والذي كان حينها مقرر لجنة التجارة الخارجية (2009-2014), مكلف بملف اتفاقية التبادل الحر حول الخضر و الفواكه مع المغرب, انه وبسبب معارضته لهذا الاتفاق "المضر بالمنتجين المغربيين و المنتجين الأوروبيين على حد سواء", فقد تقرب منه وزير الفلاحة المغربي في تلك الحقبة, عزيز اخنوش ليعرض عليه رشوة.
و اضاف جوزي بوفي امس الجمعة مباشرة على امواج اذاعة فرنسا الدولية, ان "وزير الفلاحة المغربي الذي اصبح اليوم رئيسا للحكومة, كان يحظى بدعم النادي الخاص بالنواب (الفاسدين), الذي كان يضم جميع التيارات السياسية في البرلمان الاوروبي و لعدم تحمله معارضتي لهذا المشروع, فقد اقترح ان يقدم لي هدية في مقهى في مونبولييه بشكل سري".
و تابع قوله "لقد طلب مني تزويده بعنوان و بعد ساعتين ذكرني قائلا لي بأنه لم يجد اي مقهى او مطعم في هذا العنوان, و هو في الواقع لمحامي الخاص".
و في رده على سؤال صحفي حول ما اذا كان الامر يتعلق بمال عرض عليه, رد النائب الاوروبي السابق, "ماذا اردت ان يكون غير ذلك, لم يكن الامر يتعلق بإبريق لشرب الشاي, طبعا كان ذلك".
و عليه فان سلسلة "الفضائح المغربية" قد أضحت "حقيقة مؤكدة, بما ان المعلومات التي ترشح من تحقيق القاضي البلجيكي, ميشال كليز تشير الى المملكة المغربية كأحد الأطراف الفاعلة في هذا الملف", حسب ما نقلته اليوم السبت, اليومية الفرنسية "لوموند" على موقعها الالكتروني, سيما بعد توقيف احدى نواب رئيس البرلمان, اليونانية, ايفا كايلي التي اقر رفيقها فرانشيسكو جيورجي, يوم الخميس الماضي للمحققين البلجيكيين انه كان ضمن منظمة يستغلها المغرب "بهدف التدخل و التأثير في الشؤون الاوروبية".
كما تطرقت الصحيفة الى هذه القضية مرة اخرى, مشيرة الى النائب الاشتراكي السابق, الايطالي بيار انطونيو بانزيري, مؤسس المنظمة غير الحكومية "محاربة اللاعقاب", الذي كان قد تلقى اموالا من المغرب بواسطة الدبلوماسي, عبد الرحيم عثمون, السفير الحالي ببولندا.
و قد تراس الرجلان مناصفة اللجنة المختلطة المغربية الاوروبية و التقطت لهما صورة معا في عديد المناسبات خلال لقاءات جرت بكل من بروكسل و الرباط.
في هذا الصدد, اشارت وثائق قديمة و سرية من البعثة المغربية لدى الاتحاد الاوروبي, و نشرها قرصان الكتروني في سنة 2014 و 2015, الى ان بانزيري قد قدم على انه ذلك القادر على الدفاع عن "المبدأ المزعوم لسيادة" المغرب على الصحراء الغربية المحتلة, في حين يتطرق تقرير احد المحافظين البريطانيين, بالتفصيل الى وقائع انتهاك المغرب لحقوق الانسان في هذه المنطقة.
كما اعتبر "حليفا هاما" و "صديقا مقربا" من المغرب, من شانه خاصة "الحد من النشاط المتنامي لخصومه على مستوى البرلمان الاوروبي".
المصدر: عواصم - وكالات: