بسم الله الرحمن الرحيم
" وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ" صدق الله العظيم.
لا يخفى على أحد منا اهمية محطة المؤتمر السادس عشر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب المزمع عقده في شهر ديسمبر القادم من كونه يمثل رهانا حقيقيا لاختبار قدرة الصحراويين على تجاوز ضعفهم واستجماع قوتهم لحسم معركتهم مع العدو الغازي المغربي وفرض أنفسهم في معادلة التحولات الدولية المتسارعة. فنجاحنا في هذا الرهان يكمن في علاج ازمة القيادة المزمنة لدينا نتيجة فشلها المتكرر وما اظهرته من ضعف غير مسبوق في تسيير ما يقارب سنتين من استئناف الكفاح المسلح وعجز تام عن استثمار الهبة الشعبية في احداث تعبئة شاملة من شأنها ان تلحق جبهات الجسم الأخرى بركب المقاتلين الأشاوس، بل انها ذهب الى حد التخاذل بعد اعلان قرار استئناف الحرب، كما قالها أحد اعضائها صراحة بانها "اتخذت القرار ونامت في الرابوني".
وما دمنا نراهن على تحقيق هدف مصيري في هذه المحطة، فهذا يعني انه علينا ان نحسن في اختيار من سنكلف من أبنائنا وبناتنا من ذوي الكفاءات لإيجاد وصفة العلاج المناسبة لواقعنا الذي نعيشه ورسم الخطة التي سنعمل على ضوئها. لكن يبدو ان قيادتنا بعيدة كل البعد عن انشغالات وتطلعات شعبنا، حيث فاجأتنا بقائمة مملة بدا واضحا فيها الاخلال بأهم مبادئ النجاح التمثل في لم الشمل والاحتواء من خلال تعمد التهميش والاقصاء، ما يوحى ان هناك طبخة محضرة لحسم مسبق لنتائج المؤتمر.
لم يخف الشهيد الولي مصطفى السيد، مفجر، ومرجعية فكر ثورة العشرين ماي الخالدة، رحمه الله، تخوفه من تخاذل القيادة حين حذر القاعدة الشعبية من ان تتحول طليعتها الى انتهازيين يكسبون على حسابها نتيجة عجز او ميولات جديدة، في هذه الحالة يصبح لزاما على القاعدة الشعبية استبدال طليعتها في نظره. بالفعل هذا ما يحدث لقيادتنا اليوم التي اصبحت عقبة حقيقية امام تحريك عجلة مسيرتنا الكفاحية، لا من حيث تراكمات اخطائها فحسب، ولكن أيضا من حيث الفساد الذي طال جلها من جراء نهبها للمال العام، فالعقارات في دول الجوار بالخصوص وقطعان الماشية باتت ظاهرة للعيان، ولربما يكون الخفي أعظم.
إن الخطير في الامر هو ان قيادتنا وصل بها حد التمسك بالسلطة والنرجسية درجة تفكيك نسيج الوحدة، البناء والتواصل من خلال تبني سياسة ممنهجة في الاقصاء والتهميش للكفاءات، دون وجه حق، سوى لأنها انتقدت تصرفات المسيرين او عبرت عن طموح مشروع. وبما ان قيادتنا نصبت نفسها وصية على المشروع الوطني، فإنها لا تتردد في اتهام كل من لا يروق لها بالخيانة للعدو، وتقدم المتملقين وكأنهم وطنيين. حتى قيم المثالية ونكران الذات هي الاخرى تم العبث بها عندما ننظر الى حملات الدعاية لبعض القياديين دون استحياء من فعلهم السيء على القضية الوطنية.
وبناء على ما سبق ذكره، يصبح لزاما على أصحاب المشروع الوطني الحقيقين، الصادقين، الذين لم يبدلوا تبديلا، من مناضلي ومناضلات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب التدخل، قبل فوات الاوان، لإنقاذ مشروعهم الذي استشهد من اجله قوافل الشهداء من اي انهيار محتمل، وذلك بوضع حد فوري لنزوات مرضى متلازمة الكرسي. هذا لا يعني على الاطلاق الدعوة للعصيان، بقدر ما هو المطالبة بصحوة حضارية لتصحيح الخطأ الفادح في إقصاء وتهميش الكفاءات والاصوات المناهضة للفساد وسوء ادارة الشأن العام من قائمة اللجنة التحضيرية، لان النقاش الوطني البناء الذي اشار اليه بيان القيادة لن يتأتى الا بتوحيد صفوفنا، واولها مشاركة الجميع بمختلف آرائه في التحضير الجاري لهذه المحطة الفاصلة.