القائمة الرئيسية

الصفحات

البندقية والمقاومة آخر وصاياه..من هو إبراهيم النابلسي الذي اغتالته إسرائيل؟


كان اليوم الثلاثاء المحطة الأخيرة في حياة المقاوم الفلسطيني "إبراهيم النابلسي"، في مدينة نابلس التي أحب وعشق وفدى ثراها بدمه وأوفى بنذره تجاهها حين قال إنه لن يسقط البندقية استسلاما، وإنه يؤثر اللحاق بمن سبقوه على درب الشهادة من رفاقه المقاومين.
وُصفت عملية اغتيال النابلسي بالمعقدة، إذ تشير المعلومات التي جمعتها الجزيرة نت من شهود عيان ومن مصادر مختلفة، إلى اقتحام قوات خاصة إسرائيلية حارة الحبلة بالبلدة القديمة من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية قرابة الساعة السادسة والنصف من فجر اليوم، بينما كانت الطائرات المسيرة تجوب سماء المدينة بكثافة.
حاصرت القوات الخاصة من وحدة اليمام في جيش الاحتلال المنزل الواقع عند مدخل الحي من الجهة الشمالية، ثم ما لبثت أن حاصرت المنازل المحيطة به واعتلت وحدات القناصة أسطح البنايات هناك، قبل أن تساندها قوات كبيرة من جيش الاحتلال بعد دقائق وتطوّق المكان وتشلّ حركة المواطنين في المنطقة بأكملها.
ولعدة ساعات، دارت الاشتباكات بين المقاومين المحاصرين ومَن ساندهم من أطراف ومواقع أخرى، وقوات الاحتلال التي استخدمت الذخيرة الحية وأصابت ما لا يقل عن 40 فلسطينيا، بينهم الشهداء الثلاثة: إبراهيم النابلسي، وإسلام صبوح، والطفل حسين جمال طه
يقول الباحث بالشأن الإسرائيلي ياسر مناع -للجزيرة نت- إن الاحتلال استخدم في العملية نظام "طنجرة الضغط"، وهو يقوم على "المحاصرة، ثم استخدام الدروع البشرية، ثم قصف المكان، ونهاية استخدام الجرافة"، وهو ما يؤكد أن جيش الاحتلال استخدم فعلا القذائف الصاروخية خلال اقتحامه المكان ومحاصرة الشبان المطاردين
الشهيد المطارد
هنا، في مدينة نابلس، ولد إبراهيم علاء النابلسي -المكنى بـ"أبو فتحي"- يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 1999 لأسرة فلسطينية مناضلة، فوالده أسير محرر اعتقل عدة سنوات في سجون الاحتلال ليشغل بعد ذلك منصب ضابط برتبة عقيد في جهاز الأمن الوقائي، ووالدته هدى جرار التي تنحدر من قرية عرابة جنوب مدينة جنين شمال الضفة الغربية، وعمه أسير محرر وكذلك أخواله.
منذ صغره ونعومة أظافره عُرف النابلسي بحبه للنضال وللمقاومة، ولا سيما المقاومين في البلدة القديمة التي أحبها كثيرا ونشأ وترعرع فيها، وعاش داخلها مطاردا مثلهم بالرغم من أن منزل عائلته يقع بعيدا عنها بالقرب من مسجد نمر النابلسي في الجبل الشمالي.
شكّل النابلسي وأصدقاؤه: عبد الحكيم شاهين وأدهم مبروكة ومحمد الدخيل وأشرف المبسلط، "كتيبة نابلس"، على غرار كتيبة جنين التي كشف أمرها للشارع النابلسي باعتقال الاحتلال الأسير عبد الحكيم (عبود) شاهين في 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بمنطقة شارع عصيرة، ليصبح أفرادها مطاردون.
لاحق الاحتلال أفراد الكتيبة واغتال الثلاثة: الدخيل ومبروكة والمبسلط في 8 فبراير/شباط 2022، ولم يكن النابلسي معهم لإصابته بفيروس كورونا، وتقول المعلومة إن ضابط المخابرات الإسرائيلي اتصل به شخصيا وتوعّده بأن يكون هو الشخص القادم الذي سيغتاله

سخَّر التكنولوجيا
ولا يتحصن النابلسي بأكثر من بندقيته وزيّه البسيط وخاتمين يزينان أصابعه، أحدهما كتب عليه "أبو فتحي"، وهي الكنية التي قيل إنه تكنى بها تيمنا بنايف أبو شرخ القائد العام لكتائب شهداء الأقصى الذي اغتالته إسرائيل مع مقاومين آخرين عام 2004، ولعل لاسم عائلته "النابلسي" أثر كبير في شهرته ولمعان اسمه كمقاوم.
وقد تمتع الشهيد بحس أمني عال، ويشهد له بذلك من يعرفه، ولهذا نجا مرتين من الاغتيال، فقد كان يتجنب حمل الهواتف النقالة معه، ويستقي المعلومات وآخر الأخبار من رفاقه، وقد استفاد من تجربة المقاومين في الانتفاضة الأولى (انتفاضة الحجارة عام 1987) في آلية نقل المعلومات وتبادل الإشارات بين المقاومين عبر "شيفرات معينة" تنقلها موجات الإذاعات، فأسقط ذلك على حاله ورفاقه، وذلك من خلال التطبيقات الحديثة كالواتساب والتلغرام وغيرهما، كما شكّل عيونا من رفاقه الذين يعرفون أزقة البلدة القديمة جيدا لرصد أي تحركات غريبة ونقلها له بسرية وسرعة عالية.

على العهد
في حياته، تعهّد النابلسي -في مقطع فيديو نشر له سابقا- بالاستمرار على درب الشهداء، ورفض تسليم نفسه تحت أي ظرف، وراح يقول "طريق أنا أسير فيها وهذا حلمي وحلم كل الشعب الفلسطيني إلى تحرير فلسطين"
وفي استشهاده، حافظ على العهد واستشهد صامدا ومتحديا الاحتلال، رافضا أن يستجيب لطلبه "تسليم نفسه"، ولم ينس أن يخبر من سيأتون بعده بمواصلة "درب الشهداء والمقاومة"، وأن يدفنوه إلى جانب رفاقه الثلاثة: مبروكة والدخيل والمبسلط، في المقبرة الشرقية بنابلس، فكان له ما أراد.

المصدر : الجزيرة

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...