بعد الانتشار الواسع والكبير لمواقع التواصل الاجتماعي، وتحولها لجزء أساسي من حياة الجميع، أخذ يستخدمها الأطفال في مختلف أنحاء العالم ويصنفها الخبراء على أنها سلاح ذو حدين، فرغم استخدامها في المجال التعليمي والاستفادة منها في الجوانب الحياتية المختلفة، إلا أنها تعد من المواقع التكنولوجية التي تسببت في العديد من الأضرار النفسية لدى مستخدميها ولا سيما الأطفال والمراهقين. ومن أبرز الأضرار الناجمة عن الاستخدام السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي على الأطفال والمراهقين هي:
أولاً_ الإفراط في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي:
بشخصيتهم الحساسة، وقلة الوعي والاستعداد الكبير للتأثر بأبسط الظروف المحيطة، يعاني الأطفال والمراهقون في عالم اليوم على كافة الأصعدة، اجتماعياً وعقلياً وجسدياً وعاطفياً. يتحكم مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي اليوم بهوية جيل كامل، وبقيمه وبصحته. ويظهر أثر هذا على صحتهم العقلية أكثر من أي جانب آخر. تشير المصادر إلى أن عدد حالات الأطفال والمراهقين الذين يعانون من أمراض عقلية ونفسية يتخطى أي وقت آخر في التاريخ. فقد ارتفعت معدلات الانتحار والاكتئاب بشكل كبير منذ عام 2011 حيث يعاني واحد من أصل 8 أطفال من مشاكل عقلية في مرحلة معينة من حياتهم.
ثانياً_ تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي على تشكيل هوية الطفل:
أحد أكبر التحديات التي يوجهها المراهقون هي اكتشاف ذاتهم وتطوير شخصيتهم، حيث تمنحهم هويتهم الخاصة شعوراً بالاستقرار والاتزان مع مرور الوقت. سابقاً، اعتاد المراهقون على الخروج مع الأصدقاء والبدء بخوض المغامرات العاطفية وارتكاب الأخطاء، واكتشاف الذات، أما اليوم، قلما يقوم المراهقون بأي مما ذكرناه. فهم يفضلون البقاء في غرفهم، ليكتسبوا الهوية التي ترسمها لهم مواقع التواصل الاجتماعي. من أنتم، ماذا يجب أن ترتدوا، ما يجب أن تتسوقوا، ومن مثلكم الأعلى، كلها عوامل مرتبطة بعدد الإعجابات التي سيحصلون عليها. إنه جيل همه الأول شكل صورته عندما يشاركها مع الآخرين أكثر من اكتشاف حقيقة تلك الصورة.
ثالثا الشعور بالقلق والاضطراب:
تشير العديد من الدراسات إلى أن الإفراط في استخدام مواقع التواصل، يسبب الشعور بعدم الراحة، ومشكلات النوم، وعدم التركيز، أن الأشخاص الذين يقولون إنهم يستخدمون سبعة أو أكثر من مواقع التواصل الاجتماعي، يكونون أكثر عرضة لمستويات مرتفعة من القلق بنسبة تزيد على ثلاثة أضعاف، مقارنة بالأشخاص الذين يستخدمون موقع أو اثنتين من مواقع التواصل الاجتماعي، أو الذين لا يستخدمونها مطلقا.
رابعا الشعور بالاكتئاب:
يرى البعض بأن هناك صلة بين الاكتئاب وبين استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، هناك أيضا أبحاث متزايدة حول إمكانية أن تكون هذه المواقع قوة إيجابية دافعه ومحفزة، فقد توصلت دراسة معينة إلى أن أعراض الاكتئاب، مثل الحالة المزاجية السيئة، والشعور بعدم قيمة الذات، واليأس، كانت مرتبطة بطبيعة ونوع التفاعل على الإنترنت. ولاحظ الباحثون وجود مستويات عالية من أعراض الشعور الاكتئاب بين هؤلاء الذين كان لديهم تفاعلات أكثر سلبية على الإنترنت… وتوصلت دراسة اخرى إلى أن هناك مخاطر بنحو ثلاثة أضعاف للتعرض للاكتئاب والقلق بين الأشخاص الأكثر استخداما لمواقع التواصل الاجتماعي.
خامسا النوم:
توصل باحثون إلى أن ذلك يمكن أن استخدام أضواء الهاتف في الليل، يؤثر على إنتاج الجسد لهرمون الميلاتونين، والذي يساعد على النوم، ويقولون أيضا إن الضوء الأزرق الناتج عن شاشات الهواتف وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية، يمكن أن يكون أسوأ شيء لصحتنا، وبمعنى آخر، إذا كنت تخلد إلى الفراش ليلا وأنت تتصفح فيسبوك وتويتر، فاعلم أنك مقبل على نوم مضطرب.
سادسا الاعتداد بالنفس:
وفقا لمصادر معينة تساهم مواقع التواصل الاجتماعي في جعل أكثر من نصف مستخدميها غير راضين عن أشكالهم، لا سيما هؤلاء ممن تبلغ أعمارهم بين 18-34 عاما، إن هذه المواقع تجعلهم يشعرون بأنهم لا يتمتعون بأي جاذبية.
سابعا العزلة والوحدة:
وفقا لدراسة معنية، أن الأشخاص الذين يقضون وقتا أكثر على مواقع التواصل الاجتماعي، يصبحون أكثر عرضة للشكوى من العزلة الاجتماعية، والتي يمكن أن تتضمن نقصا في الشعور بالانتماء الاجتماعي، وتراجعا في التواصل مع الآخرين، وفي الانخراط في علاقات اجتماعية أخرى.
وبالرغم من الاثار السلبية والخطيرة التي تتركها مواقع التواصل الاجتماعي على فئة الاطفال والمراهقين، فهي تعد اداة اساسية في تطوير مهارتهم والتواصل مع ثقافات مختلفة. فأن مواقع التواصل الاجتماعي لها اثار كبيرة ومؤثرة سواء كانت هذه الاثار سلبية او ايجابية على الاطفال والمراهقين. لذلك ينبغي ان تأخذ الاسرة الدور الاكبر والاهم في مراقبة اطفالهم الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، فأن منح الاطفال حرية تامة في استخدام هذه المواقع وبأوقات غير محددة سيؤثر سلبا عليهم. كما ينبغي على باقي المؤسسات ولاسيما المؤسسات او القنوات الخاصة بالتنشئة ان تهتم بتوعية الاطفال والمراهقين لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
ملاحظة المقال للكاتب: م.م. سعد محمد حسن الكندي موقع مركز الدراسات الاستراتيجية
اختاره لكم: سعيد علين لتعميم الفائدة