بقلم: أحمد أعلي المامي
لقد ظل الإنسان منذ الأزل يفكر في بناء تجمعات تحتويه وتحافظ عليه وتضمن إستمراره وإستمرار مصالحه، وكان هذا التفكير تتخلله نقائص وتناقضات تتمحور جلها في وإدارة التجمعات وأصول التعايش الإنساني، ومع مرور الزمن تطورت هذه التجمعات إلى أن وصلت إلى أمم وشعوب ومجتمعات، ولقد شهد هذا التطور إشكالية (إنسانية، عميقة، عصية) تتمثل في سبل تطوير الإنسان وكيفية بناء تفكيره والنهوض به وعصرنته.
إن المجتمع الصحراوي لا يختلف عن باقي المجتمعات والشعوب العالم الأخرى، فهو يعيش مع باقي شعوب العالم في نفس الكوكب وفي نفس القارة بدون معزل هذه بدهية ومسلمة كمسلمة أن رب الكون هو الله عز وجل جلاله، إن المجتمع الصحراوي من أخصب المجتمعات وتقبلها للتغيير وتفتحها على الشعوب الأخرى وتقبل الثقافات الأخرى وخاصة التي تنادي لتطور والعصرنة.
يعتبر هذا الواقع الذي طغت عليه حالة من الفوضى والتسيب من قلة اللاوعي وللامسوؤلية من قبل بعض الشعب هي سياسة ممنهجة في الشعب وجريمة نكراء تمارسها بعض القيادات التي تجد الرقص على نغمات الفوضى والفساد بالإضافة إلى الخبث والنزوات الشخصية العشوائية الغير مجدية والتي تفقد أصلها في ظل الصلاح والإعتدال والظروف الحسنة، إن هذا الصنف من القادة المتعجرفة يأفل نجمه إن سطع في خلق المشاكل في الظروف الحسنة التي تقل بها المشاكل وتستوي فيها الأوضاع تجده يترنح لا يغمض له جفن ولا يرتاح له بال ولا تعتدل له جلسة حتى يخلق مشكلة أو بعض المشاكل وإين ما وليت وجعك تجده سبب في مشكلة ما أو موضوع لمشكلة لأن هوايتها هي تشتيت شمل الشعب الصحراوي وهمه والوحيد كسر شوكته وتفريقه وإفساد ذات البين.
لقد وقعت مجموعة من الأحداث التي تم فيها الإعتداء على مؤسسات الدولة وممتلكات العامة وفي الآونة الأخيرة كان جهاز الشرطة هو الضحية في حادثتين متفاوتتين، وهاتين الحادثتين تنم عن قلة الواعي الشعبي وشيوع السلوكيات العشوائية التي لا تطال أشخاص معينين بل تتعدى إلى ما هو أبعد من ذلك إلى درجة الدوس على هيبة مؤسسات الدولة وخاصة الأمنية منها، هذا الفعل مرفوض بالمرة ولا يمكن أن يستمر هكذا فعل دون محاسبة الفاعلين والمتسببين فيه سواء من القاعدة الشعبية أو إطارات عليا
إن ما يجيب أن يستخلصه الشعب الصحراوي ويدركه ويعتبر به هو أنه محارب ليس من قبل العدو المغربي فقط بل إن بعض القيادات هي عدو له لأن مصالحها الشخصية وأهدافها الضيقة لا تتماشى مع الإصلاح وخدمة القضية والشعب. إن الشعب الصحراوي عليه أن يتبصر بكل عيونه وبصائره حتى لا يقع في نفق وخندق السياسات الممنهجة ضده والموجه له يجب أن يزن كل أفعاله وتصرفاته بميزان الحقيقة ويبتعد عن كل النقائص التي من شأنها المساس بالقضية الوطنية والممتلكات العامة والوحدة الوطنية والمكتسبات الثورية والوطنية، ولا ينخدع بالتمييز القبلي والتفاضل القبلي الذي لا شك فيه أنه إحدى الأوبية التي وجها العدو المغربي نحونا وأتقنها قيادتنا فينا، إن المحافظة على رباطة الجأش والإحتكام لقوة القانون والتأويل الصحيح للأفعال والإدراك بمخاطر التصرفات العشوائية هي عوامل مهمة نحو تصحيح المسار وتقويم الإعوجاج والإعتدال والرجوع إلى الحالة الطبيعية.
إنه من العار والذل أن يمنح شعب ثقته ويولي أمره لمن ظن يوما أنهم خيرة أبناءه وأخلصهم له، ومن شقاء القادة أن لا يدركوا يوما مدى ثقل الأمانة التي هي ملقاة على عاتقهم وتحملهم لمسؤولية ربانية وأخلاقية وقانونية تجاه شعبهم، لا مبرر لتعجرف بعض القادة وتطاولهم وقلت تواضعهم تحت أي ظرف كان مهما كان الظرف لا مبرر لهذا التطاول ليصبح القائد والإطار سيف وجلاد على الشعب بأساليبه الخبيثة والدنية والخسيسة.
إن الذين تحاملوا على الشعب وتآمروا عليه وخدعوه وهتكوا وحدته وتطاولوا على الشهداء والقضية وعبثوا بالتراب الوطني وتلاعبوا بكرامة الشعب وكبريائه ونالوا من مكتسبات الثورة والوطن، الذين أصبحوا سيفا على الشعب لا له في أساليبهم القيادية الدنية، الذين شقوا طريقهم إلى مناصبهم في ظلام الليل الحالك بالتآمر، الذين يمسون خفافيش في الليل للمجالس الخبيثة والرديئة، الذين هوايتهم العزف والرقص على سمفونية الفساد والتسيب والفوضى، الذين يجدون تقسيم الشعب على حروف الأبجدية وبين اتجاهات فلكية، الذين يمنحون صكوك الشرف لقبائل على حساب أخريات، الذين غيروا صورة الإنسان الصحراوي من حامل قضية إلى تاجر بها، الذين يفسدون في القضية ولا يصلحون لها سيكتبكم التاريخ في أسوأ صفاحته ستعريكم حقيقتكم يوما ما وستجردكم الأيام من كل زيف وستقفون يوما في طابور الفاسدين.
على رأي الشاعر أحمد مطر لمن يحيا الوطن، إن هذه القضية والوطن ضحوا من أجلها رجال حتى يحي الوطن لمن يحيا الوطن يحيا الوطن للذين داسوا على مكتسبات القضية والوطن يحيا للذين صنعوا من تضحيات الشهداء لاشي لمن يحيا الوطن للفاسدين.
نحن شعب واحد موحد أصحاب قضية مطالبين بالوقوف في وجه هذا النوع من القيادات وسياستها الجبانة بكل الطرق المتطورة التي تنم عن الشعب الواعي الذي لا ينخدع بالتمييز القبلي والتقريب ولا ينحاز للصراعات القيادية، بل ينحاز ويدافع عن المصلحة العامة والقضية الوطنية ووحدة الشعب وعن مكتسبات القضية ومؤسسات الوطنية والممتلكات العامة وتسليم لقوة القانون وسلطة الدولة وتحقيق المساواة بين أبناء الشعب بدون تمييز قبلي وتفاخر حتى لا نقع في مصيدة الخبيثين.
ما يجب أن تدركه القيادة العليا أنها الشعب واحد لا يمكن أن يتجزأ وينقسم وأنه هو صاحب الحق والتصرف، وعليه يجب أن تغير من عقليتها الغير منتجة وسلوكياتها الرديئة.