القائمة الرئيسية

الصفحات

البعض يعتقد أن توقف السيارة في منتصف الطريق نتيجة خسارة ما هو أمر لا يحتمل .. 

بالنسبة لي هذه فرصة لإعداد "كاس من أتاي" والتأمل في الصحراء الشاسعة والأفق اللامحدود .. وبالنسبة لي أيضا -وهذه أهم- هي فرصة لتجربة طبائع الناس وتحديد نسبة أهل الخير في المجتمع ..
فبعضهم يمر عليك دون حتى أن يلقي نظرة إليك ولعلهم -هذا النوع - يستعجلون الوصول لسبب ما .. !! .. 
بعضهم يمر عليك ثم يلقي نظرة بعد أن يخفف من سرعته لكنه لا يتوقف ولا يسأل ولعل هذا النوع من البشر قد حدد بنظرته طبيعة خسارتك وأن الأمر بسيط وأنك لا تحتاج الى مساعدة ثم واصل طريقه .. !! .. 
وبعضهم يتوقف ثم يسألك .. أنت ياك لباس فتجيبه كالعادة كل شيء بخير الحمد لله حتى وإن كنت تعتقد أنك في ورطة حقيقية .. ثم يسألك .. ياك ما خاصك شي فتجيبه ماخاص خير الحمد لله حتى وإن كنت لا تملك ولو "بوش من الماء" .. 
بعض أخر يتوقف وينزل من السيارة ويجلس الى جانبك و"يشرب معاك كاس من أتاي" ثم يواصل طريقه بعد دردشة قصيرة لا تخلوا من المزحة .. 
وهناك بعض أخر يتخطاك مطلع الجاج طاير وبعد قليل تلاحظ أنه يتوقف ليعود إليك .. هذا النوع إما أن سائق السيارة او أحد ركابه قد تعرف إليك .. وبالنسبة لي هذا النوع هو أسوأ الأنواع هذا الذي لا يتوقف إلا لمن يعرفه او تربطه به علاقة .. !! .. 
وهناك نوع أخر الله إكثر من أمثالوا .. يتوقف وينزل من سيارته ويقرر البقاء معك او العودة الى أقرب نقطة تجمع ليجلب لك المساعدة التي ستمكنك من الإنطلاق من جديد او على الأقل للعودة الى مكان عامر لإصلاح سيارتك .. وهذا النوع للأسف قليل جدا .. !! .. 
وعموما ومع ذلك لايزال المجتمع بخير .. لكنني أعتقد أنه ليس من اللائق أبدا أن لا يتوقف إنسان ليقدم المساعدة لإنسان أخر عاطلا في الصحراء الشاسعة فمن يدري قد يكون معه شخص أخر مريض فتتمكن من نقله .. وقد يكون هو نفسه كان متوجها في طريقه الى مريض أخر او مناسبة ضرورية او عمل لا يحتمل التأجيل فتتمكن من إنقاذه من الورطة .. وقد يكون بحاجة الى ماء او أكل فتعطيه ما عندك .. وقد يكون بحاجة الى أن يصيك بشيء تبلغه لغيره بعد وصولك إذا كان هو متعطلا خارج مجال التغطية الهاتفية .. وأنواع المساعدة كثيرة ولا تعد ولا تحصى ولعل أقلها أنك توقفت فألقيت السلام واطمأننت على وضع إنسان واقع في ورطة قد تتعرض أنت نفسك لها في أي وقت فتكتشف كم كنت مقصرا في حق غيرك وكم هو سهل أن تساعد غيرك وهو في أمس الحاجة إليك .. 
من حسن حظي أنني أهوى الصحاري والرحلات وأنني واحد من الذين أمعاهم دائما "أمعاين أتاي" وحالة السفر الطويل حتى وإن كنت مسافرا من الرابوني الى بوجدور فقط .. لذلك لا تزعجني أبدا الخسارة في الطريق ولقد قلت في نفسي إنسى أن سيارتك متعطلة وتخيل أنك في رحلة الى الصحراء و"يتهنى بيك الحال" .. وهو ما وقع بالظبط الى أن عدت أدراجي في هذه الأثناء ولا باگي في أخلاگي إلا أنني كنت متوجها الى أجمل ولاية بعد غياب طويل عن زيارتها .. ولاية الداخلة .. 
فقولوا دائما أن الخير في ما وقع والحمد لله على كل حال .. 
ولا تنسوا .. ساعدوا غيركم فإنه وإذا كان في إماطة الأذى عن الطريق أجرا وثوابا فتخيلوا أجر وثواب من ساعد إنسانا عاطلا على قارعة الطريق .. 
عبداتي لبات الرشيد

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...