القائمة الرئيسية

الصفحات

المغرب العربي و الصحراء الغربية بين عقد المشكلة وآفاق الحل.

الاستاذ : حدي الكنتاوي

...................................
لطالما حلمت الشعوب العربية عموما و المغاربية خصوصا بان تستنشق عبق الحرية، في فضاء يلم جميع الشعوب لكن ذلك الحلم ظل حبيس الادراج السياسية الا ان اتت الثورة التونسية برئيس مؤقت أعاد بعث الحياة من جديد في الجسم المريد منذ خمسين عام وأعاد النقاش عن الاسباب الحقيقية وراء تاخره.
ليكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن اتحاد المغرب العربي و الصحراء الغربية وكونها الشماعة التي ستعلق عليها الانجازات ان حصلت والإخفاقات القائمة ، فالقضية ينظر لها على انها الحل و المشكلة في ان واحد دون ان يفكر احد او يلتفت إلى الوراء او حتى الى الأمس القريب ،  امس ملئ بالمعاناة و ألبوس و الدماء دفع ثمنها شعب ينتمي جغرافيا للمنطقة ويسأل: ما هي المشكلة و ما علاقتها باتحاد بدأت بوادره في خمسينيات القرن الماضي ، و ما علاقة جغرافيا بهذا الحجم بتلك الرقعة البسيطة ، و ما علاقة اكثر من تسعين مليونا تسكن تلك الجغرافيا الكبيرة بتلك النسمة التي لم تتجاوز المليونان لماذا كل هذا اللغط يحدث اليوم .
و كأن الصحراء الغربية جغرافية لا ماء بها ولا بشر ، فقط هي تلك الرقعة التي أريد لها أن تكون لعنة الشعوب المغاربية و تكون نذير شؤم عليها  ذلك الخنجر المدسوس في خاصرة هذه المنطقة مما يطرح السؤال التالي هل المغرب العربي الذي نطمح له هو اتحاد من اجل الشعوب ؟ ام اتحاد من اجل الجغرافيا ؟ و ما هي المنطلقات أصلا الضرورية للوحدة ، فإذا كانت الجغرافيا فالأكيد ان الاقتصاد سيكون من اهم مفاتيح الخريطة  وأكثرها إلحاحا ، اما اذا كانت الوحدة هي من اجل التاريخ و الجغرافيا والشعوب ،  فالحرية و الديمقراطية ستكونان المنطلقات الباعثة على تلك الوحدة وهي المنتهى وستكون التحدي الأبرز الذي سيفرض نفسه على أنظمة جديدة لم تتضح معالمها بعد ، فمنها ما كان حقل تجارب جديدة أختلف البعض في تسميتها بين المؤامرة، والتغيير ، بين شرق أوسط جديد حتى وان كان نتيجة فوضى خلاقة ، وبين التخلص من الديكتاتوريات والديناصورات العصية على الانقراض وان الأوان قد آن لتنقرض على وقع ثورة الشارع لتستنشق الشعوب القليل من عليل الحرية و لن تكون هذه الجدلية موضوعنا اليوم.
فكلمة الاتحاد دائما كلمة رنانة و تنطرب لها النفوس قبل الأبدان ، بعكس الفرقة المرتبطة في مورثنا الثقافي الإسلامي بالشيطان ، لكن المشكل في ذلك الشيطان الذي يهوى وبطريقة رهيبة البحث في التفاصيل، التفاصيل التي جعلتنا نعود الى النقطة الصفر ، و في لحظة فارقة معاكسة لقانون الطبيعة التي لا تحتمل الفراغ ، لحظة تأملية مع النفس السياسية جعلتنا نسال من أين ستكون البداية؟ و ما هي أصلا المعوقات أمام الاتحاد المأمول؟
فالجميع مجمع على أن الاتحاد لا يمكن له أن يكون بدون الشقيقة الكبرى الجزائر ، و دون الجارة المملكة المغربية إذا كان الشعب المغربي راضي بالملكية أصلا المرفوضة والمفروضة منذ قرون ، فهل هي فقط مشكلة الحدود التي تؤرق المملكة المغربية؟ أم هي محاولة استئصال مبدأ من مبادئ السياسة الجزائرية الخارجية العتيدة ، القاضي باحترام إرادة الشعوب وحقها في تقرير المصير، فبين جدلية ما يسمى بالوحدة الترابية المغربية ، و الوحدة المغاربية تكمن التفاصيل الشيطانية للصحراء الغربية.
ادريس البصري وزير الداخلية المغربي السابق في عهد الملك الحسن الثاني قال في احد لقاءاته ان الحسن الثاني من بين ما كان يهمه في الصحراء الغربية إبعاد الجيش وجره إلى معارك بعيدا عن القصر في معركة لا ناقة له فيها ولا جمل ، كذلك كان يفكر في الثروات التي تزخر  بها الاراضي الصحراوية ، مؤكدا مقولة الراحل رحمة الله عليه الرئيس هواري بومدين حين قال ان الملك الحسن الثاني ونظام ولد دداه فكرا في ما هو بباطن الأرض  ، و تجاهلا حقيقة مهمة "ان هناك شعب اسمه الشعب الصحراوي" أكدت محكمة العدل الدولية انه الوحيد الذي يملك حق التصرف.
فانا كمواطن صحراوي و كمناضل في الجبهة الشعبية انتمي بحكم الجغرافيا الى هذه المنطقة ، لا يمكنني ان اقبل باتحاد لم تحترم فيه إرادة الشعوب حتى وان كان قد يمثل لنا قمة الرخاء الاقتصادي ، فنحن لسنا ثوار خبز بقدر ما نحن ثوار كرامة و حرية وتقرير المصير فالقضية بالنسبة لنا اما ان نكون او لا نكون ، ومعركتنا ليست مع الشعب المغربي او الشعوب المغاربية، بل مع النظام التوسعي المخزني الملكي المغربي الذي كتم أنفاس الشعب المغربي الشقيق أزيد من خمسين سنة ، و الذي صادر حريتنا و اغتصب أرضنا  وشرد أهلنا، فقبل الاتحاد لا بد ان تكون مصالحة بين الشعوب حتى نتجاوز كل النقاط السوداوية في تاريخ المنطقة، فدم الشهداء  ودموع الأطفال وآهات الثكلى ولأطفال وحجم التضحيات وطعم المعاناة واللوجوء في اصعب الظروف فلا الطبيعة ولا الشعب المغربي ولا التونسي رحم الصحراويين في بداية ربيعهم منذ اكثر من اربعين عاما حيث لم يجدوا الا الدولة الجزائرية و الشعب الجزائري و كذلك الليبي في تلك المرحلة الصعبة من تاريخنا النضالي في مرحلة كنا سنصبح في خبر كان غابت فيها كل المفاهيم الإنسانية والأخوية و التحررية عن الجار المغربي .
هل سينصف منصف المرزوقي الرئيس التونسي هذا الشعب المكافح العظيم ضد الاحتلال منذ حوالي أربعين عاما من اجل الحرية ام سيخذله من اجل المصالح الاقتصادية الشكلية فمتى كانت الحرية تباع و تشترى في سوق الاقتصاد و المصالح الضيقة.
هل تذكر منصف المرزوقي الرئيس المؤقت لتونس الشقيقة كل تلك المعطيات قبل ان يفكر في ان يحقق لهذه الشعوب ما كانت عليه اصلا من وحدة فما يجمعها اكثر مما يفرقها فالدين وواللغة كافيان للملمة الجراح التي جعل منها النظام الملكي المغربي تنزف الى الان
فالاتحاد الأوروبي لا يمكن له ان يكون بدون ألمانيا و فرنسا قبل اتفاقية الصلح بينهما وقبل استفتاء الشعب ليتواني الذي لا يساوي شئ في المنطق الاقتصادي مع اتحاد سيجلس فيه رئيس البلد إلى جانب أقوى اقتصاد في أوروبا و ثالث اقتصاد في العالم ، ولم يكن انسجام دول الخليج في موقف سياسي و اقتصادي واحد دون ان تقر المملكة العربية السعودية بحجمها الجغرافي و المالي و الديني الى جانب قطر و البحرين
فمؤهلات الشعوب المغاربية و بالاخص مؤهلات الشعب الصحراوي الجغرافية بجغرافيته الشاسعة التي يعترف له بها المغرب قبل اي احد اخر في ايطار حسن الجوار و الأخوة و الاحترام المتبادل بين الشعبين و بين البلدين
 لا يمكن لها الا ان تكون تلك الاضافة النوعية لاتحاد يطمح منه الكثير و الكثير فالفوسفاط و السمك والثروات الزراعية و الحيوانية و الباطنية من بترول وغاز ومعادن اخرى في الصحراء الغربية ستكون بدون شك سخية على الاتحاد المغاربي المامول.
والتي بالتاكيد لن تكون الصحراء الغربية وشعبها الصحراوي الملم لن يكون كعب اخيل على الاتحاد المغاربي.

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...