منذ نوفمبر 2022، أصبح رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانتشيث، رئيسا للأممية الاشتراكية بالتزكية لعدم إعلان أي مرشح آخر رغبته في تولي المنصب. ومعروف أن سانتشيث وبعض قادة الحزب الاشتراكي الإسباني حاليا هم أكبر داعمي احتلال المغرب للصحراء الغربية. وبعد توليه رئاسة المنظمة، ساهم سانتشيث في تسهيل تقديم حركة "صحراويون من أجل السلام" طلبا للحصول على صفة عضو مراقب في ديسمبر 2024. ولم يبت بعد في ذلك الطلب، فقد يُقبل كما قد يُرفض. وحسب تقرير للمخابرات الإسبانية نشرته صحيفة إل بايس (أنظر الصورة المرفقة) في 7 يونيو 2022، فإن هذه الحركة هي مجرد واجهة للمخابرات المغربية. وإذا كانت لجنة الأخلاقيات في منظمة الأممية الاشتراكية قد قبلت طلب "صحراويون من أجل السلام" للدراسة، فذلك لا يعني القبول به، إذا تتكون المنظمة من أزيد من 130 حركة وحزبا ومعظمها تناصر الشعوب الخاضعة للاستعمار. وحصلت جبهة البوليساريو على عضوية المنظمة سنة 2010، ومنذ مارس 2017، انتقلت من صفة عضو ملاحظ إلى صفة عضو استشاري داخل منظمة الأممية الاشتراكية، بتأييد الغالبية الساحقة للأعضاء في مؤتمرها الـ25 بمدينة قرطاجنة الكولومبية، وبحضور حتى أحزاب مغربية. لذلك، لا يمكن مقارنة حركة تحرير مثل البوليساريو تمثل الشعب الصحراوي في الأمم المتحدة ووفق آخر حكم صادر عن محكمة العدل الأوروبية بمنظمة أكدت المخابرات الإسبانية بالدليل أنها مجرد واجهة للمخابرات المغربية. لكن بغض النظر عن كل ذلك، هذا ما تتميز به منظمة الأممية الاشتراكية:
1. البيروقراطية وضعف التأثير: تُتهم بأنها منظمة رمزية أكثر منها فاعلة، حيث تتبنى خطابات عامة دون قدرة حقيقية على تحقيق تغييرات ملموسة.
2. التخفيف المفرط للأيديولوجية: تنتقدها أحزاب اليسار لتخليها عن المبادئ الاشتراكية وانسجامها مع النيوليبرالية. بعض أحزابها (مثل SPD الألماني) والحزب الاشتراكي الإسباني طبّقت سياسات تناقض قيمها.
3. دعم مواقف مثيرة للجدل: خلال الحرب الباردة، دعمت قوى معادية للشيوعية موالية للولايات المتحدة، وفي حالات مثل فنزويلا، دعم بعض أعضائها (مثل الحزب الاشتراكي الإسباني PSOE) المعارضة، مما أثار اتهامات بالتدخل.
4. فقدان الأهمية: مع صعود حركات جديدة (الخضر، اليسار المناهض للرأسمالية)، تراجعت مكانة الأممية الاشتراكية، بينما تواجه الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية (قلبها النابض) أزمات انتخابية.
5. ازدواجية المعايير: تتسامح مع حكومات سلطوية أو فاسدة لأحزاب منضوية تحت لوائها (في أفريقيا وأمريكا اللاتينية)، مقدمة الولاء السياسي على المبادئ.
6. تناقضات في قضايا التحرر الوطني: تُظهر الأممية الاشتراكية مواقف متناقضة تجاه قضية الصحراء الغربية. فمن جهة، تعترف بجبهة البوليساريو (العضو بالمنظمة) كممثل للشعب الصحراوي، لكن بعض أحزابها خاصة الحزب الاشتراكيالإسباني تدعم علنا احتلال المغرب للصحراءالغربية. هذا التناقض يعكس خضوع المنظمة لاعتبارات سياسية أكثر من التزامها بمبادئ حق تقرير المصير والعدالة التي تدعي الدفاع عنها.
لذلك، شتان بين وفد من المناضلين الثوار المدافعين عن حق شعبهم في الوجود والاستقلال ومن أوفدهم المحتل لتحقيق مصالحه على حساب بني جلدتهم.
الكاتب والإعلامي : البشير محمد لحسن