مؤشرات عديدة توحي بقرب إنطلاق حملة أمنية واسعة النطاق لملاحقة مرتزقة حبوب الهلوسة وشبكاتهم الاجرامية، وسط مطالب شعبية بضرورة تحرك السلطة وإنهاء سنوات من التراخي والتقاعس الغير مقبولين مع الظاهرة، وما نتجه عن ذلك من تدهور لافت للوضعية الأمنية والبنية الاجتماعية.
مؤشرات...
ومن تلك المؤشرات، تحركات لقوات أمنية خاصة، وإنشاء نقاط مراقبة متحركة، وإلقاء القبض على مطلوبيين في إشتباكات سابقة، وعمليات متفرقة نجحت في مصادرة كميات من السموم، وإسقاط لعصابة أشرار تمتهن السطو تحت طائل التهديد.
مطالب شعبية...
ومؤخرا، مع تسجيل تزايد في حجم وخطورة الإختلالات الأمنية وتوسعها، أرتفعت المطالب الشعبية بضرورة أن تغادر السلطة خانة المتفرج وأن تتخلى عن نظرية "شاهد ماشفش حاجة"، مطالبات حثت السلطات على القيام بأبرز واجباتها وأهم عوامل شرعيتها ألا وهو حفظ أمن وإستقرار مواطنيها، وحمايتهم من الجريمة بكل أشكالها وتبعاتها الخطيرة.
خطوات ضرورية...
ولإيقاف عبث العصابات الخارجة عن القانون ودحرها وحماية مجتمعنا من مخاطرها، ينبغي على السلطات العليا - لا غيرها - أن تظهر جديتها وإرادتها السياسية الخالصة في معالجة ملف المخدرات وحبوب الهلوسة وحسمه و ذلك عبر، قرار سياسي صارم وواضح بمحاربة الظاهرة تتخذه السلطات العليا وبمشاركة الأمانة الوطنية ومكتبها والحكومة وجهاتها المختصة، قرار يستبق أي تحركات أمنية شاملة، ليوفر لها الغطاء السياسي والقانوني والدستوري ويسخر كل الإمكانيات البشرية والمادية اللازمة لتلك المهمة الحيوية، ضمن مقاربة أمنية أوسع واشمل وأكثر إستدامة تلتزم السلطات (السياسية والقضائية والامنية)من خلالها بالاقلاع الكامل عن الحلول الترقيعية المؤقتة - التي ألفتها لعقدين من الزمن -، مع:
- تفعيل دور المؤسسات ومعايير دولة القانون واحكامها المختلفة ونبذ الحلول "القبلية".
- تقوية السلطة القضائية ورفع الحجر عن أداءئها لمهامها وحماية منتسبيها وتطهيرها من الفاسدين.
- تعزيز الاجهزة الأمنية بكل تشكيلاتها واصلاحها ودعمها بالخبرات والكفاءات البشرية والإمكانيات اللوجستية اللازمة.
- منع تدخل الساسة وشيوخ القبائل في المسارات القانونية.
- جمع قطع السلاح ومعالجة مسألتي "الأكشاك" و"المساكن الفارغة" التي تحولت لأوكار لنشر المخدرات والتخطيط لعمليات السطو.
موازة مع تلك الخطوات العاجلة، ولتحقيق الاهداف المرجوة على المدى المتوسط و الطويل، على السلطة أن تسعى لإنقاذ المنظومة التعليمية التي توشك على الانهيار بالرفع من مستواها وتعزيزها بالكوادر البشرية، وكذا البحث عن سبل لتشغيل الشباب وحمايتهم من السقوط في مستنقعات الجريمة، وذلك بالاستعانة بالمنظمات الداعمة والدول الشقيقة والصديقة، وفي الشق التوعوي، ينبغي إشراك المساجد وجمعيات المجتمع المدني في التوعية بمخاطر المخدرات ومايرتبط بها من سموم قاتلة.
نتمنى أن تكون الخطوات الامنية الاخيرة مؤشرات إيجابية على إستفاقة حقيقية من السلطة وإن أتت متأخرة، إستفاقة تدرك حجم أفة السموم القاتلة ومخاطرها المدمرة، ونرحو - كما غيرنا - أن لا تكون مجرد تحركات عشوائية متفرقة لإمتصاص حالة الغضب يتلاشى مفعولها مع الايام.
عالي محمدلمين