القائمة الرئيسية

الصفحات

خطوة إلى الوراء بالنسبة للصحراء الغربية

 


7 نوفمبر 2025
بقلم: كريستوفر روس
القرار الذي اعتمده مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 31 أكتوبر بشأن النزاع القائم منذ خمسين عامًا حول الصحراء الغربية يمثل خطوة إلى الوراء، رغم ما يدعيه مؤيدوه.

فمنذ عام 2007، يدعو المجلس في كل قرارٍ إلى مساعدة الأمين العام ومبعوثه الشخصي على “مساعدة الأطراف في التوصل إلى حلٍّ سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، يضمن حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية”.
غير أنه، باستثناء الدعوة إلى التفاوض بحسن نية ومن دون شروط مسبقة، لم يقدّم أي تفاصيل جوهرية، تاركًا هذه المسائل للأطراف للتفاوض بشأنها تحت رعاية الأمين العام ومبعوثه الشخصي.

غموض حول السيادة المغربية وحق الصحراويين في تقرير المصير

هذه المرة، قرّرت الولايات المتحدة — بصفتها صاحبة القلم أو قائدة المفاوضات حول ملف الصحراء الغربية — أن تحاول استخدام القرار الأخير لدفع الأمور في اتجاه يتماشى مع اعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في ديسمبر 2020 بسيادة المغرب على الإقليم.

ففي المسودة الأولى، دعت الأطراف إلى التفاوض انطلاقًا من مقترح الحكم الذاتي المغربي الصادر في أبريل 2007 ضمن إطار السيادة المغربية، واعتبرته “الحل الأكثر قابلية للتطبيق”. لكنها لم تصل إلى حدّ القول إن المغرب يمتلك السيادة على الإقليم، وأكدت مجددًا — كما في القرارات السابقة — على مبدأ تقرير المصير. ومع ذلك، لم تشر ولو مرة واحدة إلى مقترح جبهة البوليساريو الداعي إلى إجراء استفتاء يتضمّن خيار الاستقلال إلى جانب خيار العلاقة الوثيقة مع المغرب إذا اختير الأول.

أثار هذا المشروع جدلاً واسعًا بين أعضاء المجلس؛ إذ اعترضت روسيا على محاولة واشنطن استخدام النص لدعم موقفها الوطني، وانتقدت عدة دول عدم توازنه. كما اعترض كثيرون على تقليص فترة تمديد ولاية بعثة المينورسو (MINURSO) من عام إلى ستة أشهر، معتبرين أن ذلك يضعف قدرتها على مراقبة وقف إطلاق النار والتطورات الميدانية باسم المجلس.
وفي حين رفضت الجزائر داخل المجلس، وجبهة البوليساريو خارجه، حذف أي إشارة إلى مقترح الأخيرة، اضطرت واشنطن إلى إجراء تعديلات؛ أبرزها الإشارة إلى المقترح المغربي باعتباره “إحدى أكثر الحلول قابلية للتطبيق” بدلًا من “الأكثر قابلية”، وتمديد ولاية المينورسو لعامٍ كامل.

أتاحت هذه التعديلات — رغم محدوديتها — تمرير القرار من دون فيتو، فاعتمد بدعم من الولايات المتحدة، فرنسا، المملكة المتحدة، وثمانية أعضاء غير دائمين، في حين امتنعت روسيا والصين وباكستان عن التصويت، ولم تشارك الجزائر في التصويت. وعلّق المندوب الروسي الدائم قائلًا ساخرًا إنه يأمل ألا تؤدي “الاندفاعة الكاوبوية الأمريكية” لدفع مقترح الحكم الذاتي إلى توتير الأوضاع في المنطقة.

فرصة غير مسبوقة للسلام الدائم في الصحراء الغربية؟

إلى أين يأخذنا هذا القرار؟
يرحّب القرار “بمبادرة المبعوث الشخصي لعقد لقاءات بين الأطراف لاستثمار الزخم الحالي واغتنام هذه الفرصة غير المسبوقة لتحقيق سلام دائم”، ويعبّر عن “تقديره للولايات المتحدة على استعدادها لاستضافة المفاوضات”.

سيكون من المثير للاهتمام معرفة كيف ستتفاعل جبهة البوليساريو والجزائر مع هذه الدعوة لاستئناف اللقاءات المباشرة. من المرجّح أن تشاركا، خاصة إذا خفف المغرب من إصراره على جعل الجزائر محاوره الوحيد، وكانت واشنطن هي الدولة المستضيفة.
لكن تبقى مسألة توزيع الأدوار بين المبعوث الشخصي والولايات المتحدة في أي اجتماعاتٍ محتملة بحاجة إلى توضيح. ومهما يكن شكلها، فمواقف الأطراف ستظل جامدة.

فما الذي يمكن لأعضاء المجلس — وخاصة إسبانيا — أن يفعلوه لمساعدة المبعوث الشخصي على كسر الجمود؟
وماذا يستطيع هو نفسه أن يفعل لتنظيم مفاوضات حقيقية من دون شروط مسبقة، بينما يصرّ المغرب على حصر النقاش في مقترح الحكم الذاتي كشرط مسبق، وبدعمٍ من المجلس؟
الجواب البسيط: ليس كثيرًا.
في غياب ضغط خارجي قوي (أو اللجوء إلى الفصل السابع من الميثاق — وهو خيار طرحته مازحًا ذات مرة وأثار ضحك أعضاء المجلس)، سيستمر الجمود إلى أجلٍ غير مسمى، لأن الطرفين متمسّكان بمواقفهما ويحظيان بدعم ثابت.

الضغط الانتقائي لصالح المغرب، كما يحاول هذا القرار، لن يساعد، بل سيزيد تصلّب المواقف. فالمغرب سيبحث عن دعمٍ أوسع، فيما ستتشدد البوليساريو والجزائر في معارضتهما.
وحيث تغيب الثقة والاحترام المتبادلان، لن يكون لأي طرف دافعٌ حقيقي للعمل نحو حل. وإذا استضافت الولايات المتحدة المفاوضات وسعت للتوسط في “صفقة” تضيفها إلى قائمة إنجازاتها، فجهودها ستكون عبثًا.

كلا الطرفين (أو الثلاثة، إذا احتسبت الجزائر كما يريد المغرب) يعتقد أن قراءته الخاصة للتاريخ والوثائق والدبلوماسية تدعم موقفه ومصالحه.

المغرب يواصل الدفاع عن “قضيته الوطنية” داخليًا، ويُرسّخ الوقائع على الأرض، ويستغل موارد الإقليم، ويشجع الاستيطان، ولا يُبدي رغبةً في مفاوضات حقيقية من دون شروط، وإن كان مستعدًا لحضور اجتماعات شكلية لا تؤدي إلى مفاوضات فعلية.

أما جبهة البوليساريو، فتستند إلى قرارات محاكم — من محكمة العدل الدولية إلى الاتحاد الأوروبي — تؤكد أن الصحراء الغربية كيان منفصل عن المغرب، وتعتقد أنها قادرة على إدارة نفسها والازدهار بفضل الفوسفات ومصايد الأسماك والمعادن الثمينة والسياحة.
ومن دون ضغطٍ من الجزائر، لا تملك الجبهة ولا أنصارها من الصحراويين الراغبين في تقرير مصيرهم دافعًا لقبول المقترح المغربي. كما قال لي أحد الطلبة اللاجئين ذات مرة:

> “رغم قسوة الحياة هنا في مخيمات الصحراء، فهي أفضل من تقبيل يد الملك.”

الجزائر بدورها لها أسبابها الخاصة في دعم البوليساريو بإصرار؛ إذ يتماشى ذلك مع مسارها التاريخي في نيل الاستقلال عبر الكفاح ضد فرنسا، ومع التزامها بمبدأي التحرر الوطني وحق تقرير المصير كقيم عالمية.
وعمليًا، فإن دعمها لصحراء مستقلة يرد على الخطاب المغربي الذي يطالب بـ“الصحراء الشرقية” — أي المناطق التي كانت ضمن نطاق سلطات السلاطين تاريخيًا قبل أن تضمها فرنسا إلى الجزائر عام 1934.
كما قد تسعى الجزائر إلى إبقاء المغرب في حالة توتر في منافستهما الإقليمية والقارية.
ويُروى عن الرئيس الراحل هواري بومدين قوله:

> “سأجعل الصحراء حجرًا في حذاء المغرب.”

أما التحالف المغربي الإسرائيلي العلني في السنوات الأخيرة، فقد زاد الجزائر إصرارًا.

دور محدود لمجلس الأمن

في ظل هذا الانقسام، لا يستطيع المجلس أن يفعل الكثير سوى إعلان دعمه لجهود المبعوث الشخصي.
يبدو أن بعض الأعضاء يعتقدون أن بالإمكان دفع البوليساريو والجزائر لقبول المقترح المغربي وأن القرار الأخير خطوة أولى في هذا الاتجاه، لكن ما لم يتم التوصل إلى تفاهم مع الجزائر — وهو أمر غير محتمل — فلن يحدث شيء، إذ ليست الجزائر من الدول التي تستجيب للضغوط أو تمارس دبلوماسية المقايضة.

بعض الأفكار للمضي قدمًا في أحد أقدم النزاعات

لا أزعم أنني في موقع يسمح لي بتقديم توصيات للمبعوث الشخصي، إذ مرّت تسع سنوات منذ مغادرتي هذا الملف، وهو أدرى مني بما هو ممكن اليوم وما هو غير ممكن.
لكن لدي ثلاث ملاحظات عامة:

1. إشراك الأجيال الشابة:
على “المؤثرين” اليوم أن يسعوا إلى إشراك الشباب في كل من الصحراء الغربية والمغرب والجزائر لبناء جسورٍ للتفاهم والاحترام المتبادل عبر التبادلات الثقافية والتعليمية.
توقعات بعض المحللين مثل ستيف ويتكوف بأن الجزائر والمغرب سيطبّعان علاقاتهما خلال ستين يومًا هي مجرد وهم. هذا الهدف يتطلب حساسية وصبرًا.

2. إشراك سكان الصحراء أنفسهم:
يجب التفكير منذ الآن في كيفية مشاركة سكان الصحراء — في المخيمات وفي الإقليم — في تقرير مستقبلهم.
فمن دون مشاركتهم الفاعلة، لن يكون أي حلٍّ مستقرًا أو دائمًا أو عادلًا. وغالبًا ما يكرر المحللون، خصوصًا في المغرب والولايات المتحدة، أن الحل يجب أن تتوصّل إليه الجزائر والمغرب فقط “من فوق رؤوس الصحراويين”. وهذا لا يجب ولا يمكن أن يحدث.

3. الضمانات الدولية:
ينبغي التفكير مبكرًا في نوع الضمانات الدولية التي يمكن توفيرها لأي اتفاق يتم التوصل إليه.
ففي ظل غياب الثقة المتبادلة، ستكون هذه الضمانات ضرورية لدفع الأطراف نحو حل وضمان استقراره وديمومته.

خلاصة:
إن نزاع الصحراء الغربية والعلاقات المتوترة بين المغرب والجزائر يتطلبان إدارة نشطة لتجنب تحولهما إلى تهديد خطير للسلام والاستقرار.
ولا يمكن فعل الكثير على المدى القصير، لكن بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) ما تزال تؤدي دورًا مفيدًا، في حين أن المجلس، وقد تبنى المقترح المغربي، لم يعد يفعل ذلك.

---
كريستوفر روس دبلوماسي أمريكي خدم لأكثر من 20 عامًا في شمال إفريقيا، شغل خلالها مناصب في طرابلس وفاس والجزائر ضمن وزارة الخارجية الأمريكية. وكان المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...